في زاوية أقلام كتب بهاء رحال، مقالا بعنوان: يوم استقلالهم يوم نكبتنا، جاء فيه: في حضرة النكبة تسقط الكلمات أمام الفاجعة الكبرى التي ألمت بالشعب الفلسطيني وأرادت طمس هويته التاريخية والوطنية التي حملها جيلاً بعد جيل، وحافظ عليها ضد كل محاولات الشطب والإبادة التي تعرض لها والتي استهدفته بشكل مباشر وحاولت عبر عمليات التزييف والتزوير التي قامت بها عصابات الاحتلال بأن تلغي هذا الحق الذي لا يقبل الانتقاص منه، وها هو اليوم وبعد 66 عاماً يؤكد أن ذاكرته أقوى من كل الأسلحة والقنابل الذكية والعنقودية التي حاربته، وان حقه في هذه الأرض لا يسقط، هو حق لا يقبل النسيان ويرفض كل أشكال المساومة عليه لأنه حق الفلسطيني الأول الذي وطئت قدماه هذه الأرض.
لوبية، قرية فلسطينية مهجرة مثلها مثل مئات القرى التي حاول الاحتلال تغييبها وشطبها من على الخارطة بعد احتلال فلسطين في العام 1948، مرة بتهميش هذه القرى بهدف نسيانها من الذاكرة، ومرة بتغيير أسمائها واستحداث أسماء جديدة مزورة، ومرة ببناء مستوطنات على أنقاض هذه القرى التي طرد سكانها بقوة الاحتلال، ولوبية هذا العام تمثل رمزاً لكل المدن والقرى الفلسطينية التي تهجرت واجتثت في زمن النكبة وهي باختصار لمن لا يعرفها، قرية فلسطينية تقع إلى الغرب من مدينة طبريا حيث تبعد عنها حوالي 10كم، احتلت في العام 1948 وطرد سكانها بعد أن تعرضت للقصف من قبل العصابات الصهيونية التي دخلت القرية بعد أن هدمت بعض البيوت فيها واستولت على البعض الآخر مما اضطر سكان لوبيا آنذاك إلى النزوح وهم يعيشون اليوم في عدد من مخيمات اللجوء في الدول العربية ومنها مخيم اليرموك.
وتزامناً مع فعاليات إحياء النكبة هذا العام قرر الفلسطينيون أن تكون قرية لوبيا المهجرة رمزاً لكل القرى والمدن المهجرة وعنواناً لأحياء فعاليات النكبة للتأكيد على الحق الفلسطيني بالعودة، فمشت قوافل الناس إلى لوبيا وسار الآلاف على أقدامهم من كل الأعمار وكل الفئات، منهم من جاوز الثمانين عاماً ومنهم من كان رضيعاً محمولاً على يد والده أو والدته في مشهد أنساني وطني لا يمكن أن تصفه الكلمات ولهذا دلالات كثيرة منها سقوط فكرة أن الكبار يموتون والصغار ينسون والتي كان يسوقها الاحتلال في السابق وحاول إقناع نفسه بمقولة كاذبة ثبت فشلها عاماً وراء عام، فحمل الأبناء وصايا الآباء والأجداد وتناقلوها جيلاً وراء جيل ليبقى حق العودة محفوراً بالذاكرة، حقٌ يأبى النسيان، واستحضر الفلسطينيون على ارض لوبية حكايا الأجداد والجدات، عن قراهم وذكرياتهم في أرضهم وعن طفولتهم التي شتتها الاحتلال في ارض المخيم واللجوء وكان حضورهم هو الواقعية الوحيدة التي نعترف بها والتي هي عودة الحق لأصحابه ولا واقعية سواها وأن يرحل العابرون.