المعلم والعلم قرينان لا ينفصل أحدهما عن الآخر -
أجرى اللقاء: سيف بن سالم الفضيلي -
أكد حمود بن عامر الصوافي أن المعلم والعلم قرينان لا ينفصم أحدهما عن الآخر ولا يذهب العلم إلا بذهابهم، لذا فإن مهنة التعليم رغبة ورسالة لا وظيفة وأجرة.
ودعا الصوافي إلى أن تحرص الجهات المعنية على إعداد المعلمين الأكفاء والعلماء النجباء وإعطاؤهم الدورات التي تيسر مهمتهم وتعينهم على أداء رسالتهم كونهم يصنعون أجيال عمان وينوّرون عقولهم فحق لهم أن يعتنى بهم وتلبى مطالبهم وتفتح لهم أبواب الدراسات العليا ليأخذوا مزيدا من العلوم وأن تتم مشاركتهم بكل ما يتعلق بوضعهم.
كما دعا الى تهيئة قاعات الفصول والمختبرات ومرافق المكتبة والحديقة العامة والمسجد وغيرها من المرافق لتنمي ابداعات الطلاب ومواهبهم، والعمل على غرس الثقة في نفوس الطلاب من قبل اساتذتهم ليزرع فيهم القدرة على التميز والتفوق.
ووجه الصوافي نصيحة للآباء بأن يكونوا ثمرة خير للمجتمع بتربيتهم لأولادهم التربية الصحيحة وهي تعني امتداد الأجر بعد مفارقتهم لهذه الدنيا، متبعا بنصيحة الى الطلاب بالالتزام بأخلاق طالب العلم والبعد عن التكبر والمساهمة في إيجاد بيئة علمية تنافسية..
وإلى ما جاء في اللقاء الذي كان محوره «أمانة المعلم ودور الجهات المعنية في متابعته، واجتهاد الطالب وجده ودور الأسرة في متابعته». بداية أوضح الصوافي، المعلم والعلم قرينان لا ينفصم أحدهما عن الآخر ولا ينفصل فقد جاء في الأثر أن العلم لا ينتزع من عقول أصحابه ولكن بموت العلماء وانتشار الجهل يرتفع، فقد ورد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنْ النَّاسِ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رؤوسا جُهَّالًا يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ». فالعلم مقرون بوجود العلماء ولا يذهب العلم إلا بذهابهم ومن هنا وجب الحرص على إعداد المعلمين الأكفاء والعلماء النجباء وإعطاؤهم الدورات التي تيسر مهمتهم وتعينهم على أداء رسالتهم فهم يصنعون أجيال عمان وينوّرون عقول أبنائنا فحق لهم أن يعتنى بهم وتلبى مطالبهم وتفتح لهم أبواب الدراسات العليا ليأخذوا مزيدا من العلوم.
فإذا كانت الدول تحسب تقدمهما بمقدار ما ينفق على التعليم فيجب علينا أن ننفق على كل ما يتعلق بالتعليم ولا نضن بمالنا ونقول أولادنا صغار يسعهم أي مدرس وأي طريقة بل علينا أن نستفيد من كل تقدم وتميز يخترعه العالم بداية من الحاسب الآلي وليس انتهاء بالسبورة التفاعلية فلنحسّن أداء التعليم وأن نعين المعلمين على التطوير وأن نفتح باب الاقتراحات ولا سيما ممن خبروا التعليم وكانوا في الميدان وهم المعلمون لأنهم أعرف فيما يخص طلابهم لكونهم يرونهم يوميا ويمارسون معهم التدريس كل يوم.
فلا يجوز للجهات المعنية أن تستأثر بالقرارات دون المعلمين وأن تفرض طرق التدريس دون أن تمر على المعلمين وأن يهمل المعلم ويصبح متلقٍ للأوامر فحسب بل يشارك بكل ما يتعلق بوضعه، قال تعالى: «وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ»، وعلى الجهات المعنية أن تسعى جاهدة لاختيار الأجدر لأداء مهنة التدريس والحرص على التطوير المستمر وإجراء الاختبارات الدورية على المنتسبين إلى الخدمة لضمان الكفاءة المستمرة.
منهج يثير الاعجاب وذكر الصوافي، أعجبني منهج شركات النفط واهتمامها بموظفيها المستمر فهي تحرص دوما على إجزاء دورات مستمرة لموظفيها وإرسالهم لتقلي العلوم المختلفة في تخصصاتهم فإذا كانت هكذا شركات البترول فيجدر بالجهات المعنية كالجامعات والكليات وأن تكون أكثر اهتماما من الشركات.
لأن الشركات تنتج أموالا واستثمارات يعود نفعها على الوطن كله ولكن المدارس والجامعات تصنع عقولا نيرة وتخلق أناسا عباقرة سيكونون يوما ما عنصرا من عناصر التقدم والفخر لهذا الوطن فيجب أن يكونوا موضع الاهتمام والتطوير دوما، ولا يقصر التطوير على جانب الأفراد بل ينبغي أن يشمل تهيئة قاعات الفصول وقاعة المختبرات ومرافق المكتبة والحديقة العامة والمسجد وقاعة المدرسين والمقصف والملعب..
الخ، ليكون جو المدرسة ممتعا ومحببا لجميع الطلاب.
الاهتمام بالمبدعين وأضاف، كما ينبغي أن تحاول المدرسة بالتعاون مع الجهات العليا في وزارة التربية الاهتمام بكل فئات الطلاب ولا سيما المبدعين منها ومحاولة معرفة توجهاتهم وطموحاتهم وتجهيز مختبرات لشفاء نهمهم وحبهم للابتكار ولا يجوز أن تهمل هذه النخبة أبدا بمبدأ العدالة أو ما شابه ذلك فالكل يجب أن ينال حظه من التعليم وكل يعطى بقدر طموحه واهتمامه.
وعلى المدرسين أن يتعاونوا مع الجهات المعنية لانتقاء هؤلاء الطلاب وإعطائهم جرعات في الابتكار والإبداع وإرسالهم إلى بلدان أكثر تقدما وخبرة في مجال تدريب المبدعين وتأهيلهم، ولا يجوز للمعلمين أن يتوانوا عن أي شيء فيه مصلحة طلابهم أو يحسن أداء مهمتهم لأن مهنة التعليم رغبة ورسالة لا وظيفة وأجرة فالمعلمون صناع قرار المستقبل وجيل الغد بما يبثونه من علوم لأبنائنا لذلك ينبغي أن يكون اختيار المعلم لمهنته قصدا للإفادة وتقديم الأفضل وليس وظيفة يحصل بها على قوت يومه فقط، فهي أمانة وأي أمانة فقد أمّن أولياء الأمور والحكومة أبناءهم في أعناق المعلمين فليكن المعلم أهلا لهذه المهمة، قال تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا». فالأمانة تشمل كل مناحي الحياة فالأب مؤتمن على ولده والزوج مؤتمن على أسرته والحاكم مؤتمن على رعيته، والمدرس مؤتمن على طلابه فكل يحاسب بقدر مسؤوليته فمن كثرت مسؤولياته عظمت محاسبته، يقول الله تعالى عن أشرف الخلق:» وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا، وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا، إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا»، ويقول عن أمهات المؤمنين: “يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا”، فعلى قدر مسؤوليتك يضاعف لك الأجر والوزر لأنك في موضع القدوة فالمحاسبة ستكون دقيقة والثواب سيكون مضاعفا.
ومن هنا تأتي أمانة التعليم فهي تختلف اختلافا جذريا عمن يعمل في مكتب أو محاسبة أو تخليص معاملات فتنتهي مهمته بتسليم مفاتيح العمل إلى رب العمل، أما المعلم فوراؤه تبعات الدراسة في الفصل وخارجه فهو مسؤول عن تصرفاته خارج قاعة الفصل لأنه يمثل قدوة خيّرة لطلابه كما أنه مسؤول عن مادة الدراسة من ضرورة تحضير دروسه ومحاولة تحسين أدائه والبحث عن وسائل أكثر متعة وأعمق فهما فالتقليد لن يحرك في الطلاب إلا بمقدار ذلك التقليد فمن هنا اعتبر التدريس أمانة عظمى لما يضفي إليه عمله مزيدا من البذل والعطاء لذلك لا عجب أن نرى مدح الله تعالى لأولي العلم، قال تعالى: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ». فهذه شهادة من الله للملائكة وأولي العلم في معرفتهم بالله تعالى فهي شهادة وأي شهادة أن تكون من الخالق وأن يكون أولو العلم جنبا إلى جنب مع الملائكة الكرام الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
وذُكروا في آية آخر بأن لا مقارنة بين من يعلم ومن لا يعلم، قال تعالى: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ»، ناهيك عن رفع الله مقامهم في الدنيا والآخرة قال تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ».فإذا كانوا بهذا المقام فما نرجوه منهم كثيرا جدا فليكونوا عند حسن ظن الجميع، وهم بمشيئة الله نحسبهم أهلا لهذه الرسالة ولكن لا ينبغي أن تختصر العملية التعليمية في المدرسين فهم جزء منها وإن كانوا الأهم فيها إلا أن الآخرين لا يعفون من المسؤولية.
مسيرة تكاملية ويشير، فالمسيرة التعليمة تكاملية كل يعمل من جهته فالجهات المعنية وما تضعه من خطط ومناهج وقرارات مسؤوليتها كبيرة أيضا فيما يخص التعليم وبما يجب أن تقدمه للمعلمين والطلاب من وسائل راحة ومناهج متطورة.
كما تقع مسؤولية أخرى على أولياء الأمور والطلاب باعتبارهم المتلقين لهذا العلم فلا يقصر دور الأب على تسجيل ابنه بل يجب أن يتابعه في المدرسة والبيت ويشجعه على حل واجباته والاجتهاد في الدراسة فلا يجوز لولي الأمر أن يأتي مهرولا حال ظهور النتائج رافعا صوته على المعلم وكأنه سبب في رسوبه بل نحث الآباء على متابعة أبنائهم في المدرسة وخارجها لكي لا تفجعهم درجات أبنائهم فليكونوا يدا حاضنة للأولاد مع المدرسة لأن رسالة المدرسة لا تكتمل بنقصان عنصر البيت والأسرة فهي من الأهمية بمكان.
فليحرص أولياء الأمور على تخصيص جزء من أوقاتهم لأبنائهم فلا يكفي أن يدفع الأب نفقات التغذية والحاجات الكمالية لابنه بل يحتاج الابن دوما إلى دفء الأب وعنايته ورعايته ومتابعته ليشعر أن هناك أبا يحنو إليه.
فأولياء الأمور يأملون من أبنائهم الكثير ولكن لن يحصلوا على القليل ما لم يبذلوا الوسع ويجتهدوا في حسن المتابعة والرعاية فالأطفال كالعجينة لا لك ولا عليك يخرج غالبا على حسب ما تشكله ومن هنا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأولاد على الفطرة ما لم يغيرهم الأبوان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تَنَاتَجُ الإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْت مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ}.وليكن الأب ثمرة خير للمجتمع وليعلم أن تربيته معناها امتداد الأجر بعد وفاته فليحرص على زرع بذور جيدة ينتفع بها في قبره ويرجو ثواب ربه يوم لا ينفع مال ولا بنون، وليجعل من تربية أبنائه استثمارا للابن في الدنيا والآخرة فإذا حسن تربيته ارتاح في الكبر وأعانه على مصاعب الحياة كما أن أجره يوم القيامة لا حدود له، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لاَ يتمنين أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمُرُهُ إلاَ خَيْرًا”، وقال أيضا: “إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَة جَارِيَة وَعِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ”.فالمسيرة التعليمة تحتاج إلى تظافر الجهود وتوحيد الصفوف كل يعمل من جهته وفيما ينفع الجو العلمي فالمعلم في مدرسته والإدارة في حسن سياستها وتحسين وظائفها وولي الأمر في السؤال والمتابعة، والطالب لا يعدم من المسؤولية لأنه المستهدف من العملية التعليمة فلا يجوز له أن يتهاون في الدراسة ويكل على أبيه وأخيه في توفير وسائل الراحة بل يجب أن يكون له في الحياة بصمة وطموح فلا يكفي تمني النجاح بل ليكن شعاره التفوق والتميز فلن نستطيع بناء أوطاننا بالكسل والدعة والأكل من موائد الآخرين بل علينا دوما أن تكون مائدتنا خاصة ولنسع لتطوير أنفسنا والقراءة فيما يخص تخصصنا وبما يعيننا على التميز والإبداع وليكن لنا كتاب كل يوم نقرأ منه ولنحرص على الاستزادة من القائمين على المنظومة التعليمية.
وصايا لطالب العلم فلا تتذمر يا طالب العلم من الدراسة إن رأيت الأمور لا تجري على حسب مخيلتك بل ساهم في إيجاد بيئة علمية تنافسية ولا تقل إن الطلاب كلهم لا يحلون واجباتهم ولا يبذلون جهدهم في دراستهم بل انطلق دوما من أن الدراسة واجبة عليك اسع دوما لخلق جيل يعرف قيمة العلم ويسعى للتطوير والإبداع، ولا تغتر في دراستك ولا تظنن أنك اكتفيت بما تعلمت بل العلم يعلمك التواضع ويوضح لك أن ما تجهله أكثر مما تعلمه فكلما تعلمت شيئا عرفت قيمتك ومقدار جهلك فإذا انتابك حديث نفس أنك اكتفيت فاطرده وإلا كنت إلى الجهل أقرب، ولا تتعلم من أجل المباهاة أو مماراة السفهاء فذلك حظ سيء لطالب العلم حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: “مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ وَيُجَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ». ولا تنس يا طالب العلم من علمك أحسن إليه ما دمت على قيد الحياة ولا تقل قد أخذ نصيبه من الحكومة بل ليكن بينكم الود والصداقة فالله تعالى نهانا عن نسيان المعروف والانقلاب على من أحسن إلينا وعلمنا علما، فالله تعالى يقول: “وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”، ولنتعلم من مواقف سيدنا موسى عليه السلام مع العبد الصالح فقد تكلف بعد الشقة طلبا للعلم ولم يتحجج بأنه نبي عالم جابه فرعون الطاغية وانتصر عليه وقد كان المقدم في بني إسرائيل بل تواضع وتلك والله سمة العلماء وطلبة العلم فليكن نبينا موسى عليه السلام قدوة لنا في حب العلم والتواضع للعلماء.
فعلى طلابنا أن يذلوا قصارى جهدهم للالتزام بأخلاق طالب العلم وألا يخجلوا أو يتكبروا فتلك خصلتان تمنعان من طلب العلم، كما عليهم أن يستفيدوا من مرافق المدرسة وما توفره من مختبرات ومكتبات وملاعب لتنمية مهاراتهم والكشف عن إبداعاتهم وليكن المدرسون قريبين من الطلاب يوجهونهم الوجهة الصحيحة ويشجعونهم على مزيد من العطاء والرقي، فما لم يشجع بعضنا بعضا فلن نستطيع إنجاز شيء وما وصلت الدول المتقدمة إلى ما وصلت إليها إلا بغرس الثقة في قلوب أبنائها.
فغرس الثقة في نفوس الطلاب من شأنه أن يزرع فيهم القدرة على التميز والإبداع والمنافسة في العلوم والمخترعات فلنكن دعاة خير لنساهم بإيجابية في خلق أجيال لا تكتفي بما قيل ويقال بل تضيف عما قيل ويقال وتحلل كل شيء وتنقد ما تراه مجانبا للصواب بأسلوب مهذب وحجة دامغة.
فالمدرسة ليست محفوظات علمية واختبارات ونتائج بل هي مادة أخلاقية يتعلم منها الطالب الأخلاق الحميدة والقيم الإسلامية السمحة، فلا يصح لطالب في المدرسة وخارجها أن يحتقر أخاه أو معلمه أو جاره بل الطالب قدوة لعوام الناس ينظر إليه نظرة احترام وتقدير فعليه أن يحافظ على القيم الإسلامية أيما حل وارتحل فلا يعتد على العامل الوافد ولا على الجار القريب ولا على الغريب المسكين فكلهم ينالهم الاحترام وحسن الخلق، ولنتعاون جيما على خلق جيل مؤمن بقيمه الإسلامية محافظ على تراثه الحضاري الإسلامي فلا يخدش تلك القيم السامقة ولا يخرق العادات النبيلة الأصيلة بل يستفيد من ماضيه العريق وحاضره الذي يعيشه ليكون إنسانا متميزا منتجا.
ويجدر بنا أن نلفت، أن الحديث عن المعلم والمدرسة معناه الحديث عن الوقت لأن تذكر الوقت وفهمه ومعرفة أنه رأس مال الإنسان يجعل منطلق الإنسان إلى العلم والدراسة أسرع لأنه سيدرك أنه لا يقدر أن يتحكم في الزمن ولا يمكن أن يوقفه طرفة عين لذلك اكتسب الوقت أهمية من سرعة أفوله، وعدم القدرة على السيطرة عليه بل إن أوقاتا هناك سيكتشف المرء بعدها أنه مغبون لأنهم لم يستطع إرجاع أجزاء منه فضلا عن إرجاع دقائق أو ساعات إنها ساعة الاستحضار يوم يأتيه ملك الموت فلن يستطيع إرجاع شيء من الوقت ولو بذل ما بذل من مال أو جاه، قال تعالى: “لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ”. لذلك حري بالمتعلم أن يدرك حقيقة الوقت وأن يعد العدة لإنجاز ما يمكن إنجازه في هذه الدنيا ليمض إلى الآخرة مطمئنا قد قدم أعمالا جليلة يثاب عليها ويرجو بها الجنة، قال تعالى: «الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».