يكتبه: أحمد بن سالم الفلاحي -
Dreemlife11@yahoo.com -
يعد صيام ايام شهر رمضان من اكثر الخطوط الحمراء لحساسية الموقف في صيام هذه الايام المباركة، فالمسألة هنا تتعدى الحالة المعتادة، وهي الامساك عن الطعام، والشراب منذ بزوغ الفجر الى غروب الشمس، «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه» – كما جاء في الحديث الشريف – فهنا ليس خط احمر فقط، بل خط مغلظ بالاحمرار، ولذلك اسند الله فضل صيام هذا الشهر الفضيل الى نفسه، «فالصيام لي وانا اجزي به»، وهذا عائد فعلا الى مستوى الصدق، والأمانة التي يتحلى به الصائم، حتى يستحق هذا التكريم من لدن رب العزة والجلال.
فقد قيست عبادة الصيام بعبادة الصلاة، على سبيل المثال، ووجد ان عبادة الصلاة عبادة جماعية، تكون في جماعات، وامام مرأى من الناس، وقد يداخل هذا الأداء الرياء، او الخيلاء، او اشادة الآخرين بالخضوع المبالغ في تمثيله، وان كان صاحبه لا يقصد ذلك، وقد يساور آخر العجب من خلال ممارسته لعبادة الصلاة، ولذلك لن تبلغ هذه العبادة ذلك النقاء والاخلاص الا عند من رحم الله، بخلاف الصيام، فعبادته فردية منفصلة تماما عن روح الجماعة، نعم يشاركهم الامساك لحظة وجوده بينهم، ولكنه في الحقيقة هو منفصل عنهم انفصالا تاما، فله بعيدا عنهم ان يأكل، او يشرب، فمن يدري بذلك، من هنا تأتي هذه المفصلية في حقيقة الصيام، وفي حقيقة التوجه بالعبادة في الصيام الى الله سبحانه وتعالى عبادة خالصة صادقة، أمينة.
والخط الأحمر في رمضان خط متوهج طوال الثلاثين يوما، ليست هناك اية فرصة لأخذ الراحة، فاما ان يكون الصائم بهذا المستوى من السلوك السامي الرفيع، او لايكون من الصائمين، وكأنه يمشي على خط من الجمر حقيقة، فأي تراخ في شأن من شؤون التحريم، اوقع نفسه في خطر كبير، قد يكلفه ذلك صيام شهرين متتابعين، هذا بخلاف مستوى الرضا من لدن رب العزة والجلال، تعالى الله علوا كثيرا عن هفوات عباده، ولذلك تأتي المكافأة بقدر هذا السمو الايماني الرفيع، حيث يخصص الله سبحانه وتعالى باب الريان لدخول الصائمين الى الجنة.