الثقافة العربية أساس هُوية الشعوب والدفاع عنها واجب قومي -
أكد المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب على وحدة الثقافة العربية في إطار من التنوع الثقافي، معتبرا أنها أساس الهوية الجامعة الموحدة لكل شعوب الأمة العربية.
داعيا في الوقت نفسه إلى الدفاع عنها في وجه مخططات التفتيت والتقسيم والتجزئة، واعتبار ذلك واجبا قوميا على المثقف العربي في هذه المرحلة المضطربة.
وكان الاتحاد قد اختتم اجتماعاته في العاصمة الأردنية عمّان بمشاركة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء وبحضور جميع الاتحادات والجمعيات والروابط الأعضاء.
وقدمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء تقريرا عاما عن حال الحريات في السلطنة خلال العام الماضي، مؤكدة أن السلطنة حققت انجازات جيدة في مجال حرية المؤسسات والأفراد.
وساد الاجتماع حالة من الذهول غيمت على المثقفين العرب نظرا لما وصلته الأمة من انتشار الفكر المتطرف، وثقافة التكفير والظلام.
وفيما تمسك البعض بالأمل ظهرت على الكثيرين حالة من اليأس بعد وضوح الفشل الكبير لأغلب الثورات العربية التي بدأت مطلع عام 2011 وتحولها إلى حالة من الاحتراب الطائفي والمذهبي وسط ضياع شبه كامل للمطلب الأساسي والمتمثل في تخطي الأمة حالة الانسداد الحضاري الذي بقيت فيه لقرون طويلة.
وخلص الاجتماع «الأدباء والكتاب» إلى التأكيد على المواقف الداعمة لمسار الديمقراطية بجناحيها السياسي والاجتماعي واعتماد الديمقراطية السلمية وعدم اللجوء الى العنف في الوطن العربي،داعين إلى التمسك «بالدولة الوطنية ومؤسساتها وفي مقدمتها الجيوش العربية التي تحفظ الأمن والكرامة والاستقرار والوحدة الوطنية، وهي عماد الأمة العربية في مواجهة أي عدوان».وإضافة إلى البيان الختامي لاجتماعات الاتحاد صدر عنه البيان الثقافي وبيان الحريات في الوطن العربي.
وفيما وافق الاتحاد على الإشراف على جائزة «كتارا» القطرية للرواية العربية، وفق مجموعة من الشروط سجل رئيس الوفد السوري الدكتور حسين جمعة اعتراضه على القرار معتبرا أن بعض مواقف قطر لا تتوافق مع تطلعات المثقفين في الوطن العربي، كما أنه ليس لمثقفيها عضوية في اتحاد الكتاب العرب حتى الآن.
وأكد البيان الختامي لاجتماعات الاتحاد على أن «حالات الفتن والإجرام التي تمارسها مجموعات متطرفة تتسمى بأسماء شتى، وإن كانت من مدرسة فكرية واحدة يقودها أشباه علماء وجهلة متسلحون بقدر كبير من التعصب المذهبي والطائفي والعرقي، تستمد العون والإمكانات من جهات إقليمية ودولية، وما يقومون به يخدم مشاريع التخريب والتقسيم المعنونة بعنوان الشرق أوسطية».وأيد الاتحاد العام للكتاب والأدباء كل حراك للقوى الأهلية يعتمد الديمقراطية والسلمية، ولا يوافق على أي استخدام للعنف أو الإفراط في استخدام القوة بين مكونات البلد وضد أهل الوطن من قبل متطرفين أو غير ذلك لكنه دعا إلى «التمسك بالدولة الوطنية ومؤسساتها وفي مقدمتها الجيوش، لأن الجيوش العربية مرمى لسهام المتطرفين، وذلك لإدراك أصحاب مؤامرات التقسيم والشرق أوسطية أن الجيوش هي التي تحفظ الأمن والكرامة والاستقرار والوحدة الوطنية، وهي عماد الأمة العربية في مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين والأراضي العربية الأخرى، ولمواجهة أي عدوان أيًّا كان مصدره».
واتفق الكتاب والأدباء العرب على «رفض كل تدخل أجنبي في سوريا لكنهم أكدوا أهمية إعادة الملف السوري إلى البيت العربي لإيجاد حل سياسي ديمقراطي يشترك فيه الجميع، في مواجهة مفاعيل المجموعات الإرهابية التكفيرية».
وفي الجانب العراقي أكد الكتاب والأدباء العرب أن :«الفتنة وحالة الاحتراب عادت مرة أخرى تستبيح العراق، مستهدفة وحدته وعروبته، مؤكدين أن العراق الذي أثخنته وتثخنه الجراح يحتاج إلى مبادرة عربية لانعقاد مؤتمر وطني جامع تتمثل فيه مكونات المجتمع العراقي من أهل الاعتدال والملتزمين وحدة العراق وعروبته لإنقاذ أرض الرافدين من مخاطر التقسيم والاستعمار الصهيوني العدواني، ومن الفكر الفئوي والتكفيري والطائفي الظلامي الذي يجهز على ما تبقى من قدرات العراق وإمكاناته».
والأمر نفسه بالنسبة «لليبيا التي تعيش ظروفًا صعبة تهدد وحدتها وما تبقى من إمكاناتها العمرانية ومؤسساتها.
وكذلك الأمر بالنسبة لليمن، وكل ذلك يستدعي مبادرات عربية مسؤولة للسير بالسفينة إلى شاطئ السلام.
وفي البيان الثقافي الذي ترأس لجنة صياغته رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، دعا البيان إلى ضرورة «استمرار الجهود في مجال الدفاع عن اللغة العربية والنهوض بها،بوصفها عنصرا من عناصر الوحدة والثقافة العربية».كما أكد البيان على استقلال الثقافة واستقلال المثقف، وأن المثقف العربي مستقل في توجهاته ومواقفه عن أية سلطة سياسية أو أيدلوجية أو دينية، وحقه في حرية التفكير والتعبير حق مشروع مقدس، وفق ما تمليه طموحاتُ الأمة العربية ومصلحتُها وأعباؤها، بحيث يظل المثقف العربي ضميرا يقظا معبّرا عن طموحات مجتمعه وأمّته، بعيدا عن التبعية لأية سلطة سياسية أو دينية أو اجتماعية».كما أكد البيان على «قيادة اتحاد الأدباء والكتاب العرب لجبهة ثقافية متنورة في مواجهة ظاهرة التطرف والغلو والتكفير واستغلال الدين وزجه في سياق من العنف وشلالات الدم، بعيدا عن أية ضوابط إنسانية أو دينية أو أخلاقية ،وإيلاء أولوية لدراسة جذور هذه الظاهرة والبحث في أشكالها وأسبابها والظروف والبيئات التي تشجع على إنعاشها، والعمل على مواجهة الأفكار المؤسّسة لها، بكل السبل التربوية والثقافية الممكنة».كما شدد البيان على رفض المثقفين العرب لاتساع نزعات التجزئة والتقسيم والتنافر والتصادم، بموجهات طائفية أو دينية أو عرقية، وأهمية أن ينعكس هذا الرفض في ما ينتجه المبدعون والأدباء والمفكرون العرب، لتعزيز تماسك الأمة، في مواجهة مخطّطات الانفصال والتجزئة والتفتيت».وشدد البيان «على استمرار رفض التطبيع الثقافي بأي شكل من الأشكال، والتأكيد على مواثيق الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وقراراته السابقة بخصوص التطبيع الثقافي، وأنه خط أحمر لا يحتمل التأويل، والتأكيد على أن الثقافة الصهيونية ثقافة عنصرية معادية غير إنسانية، ولا حوار معها أو مع ممثليها المحتلين بأي شكل أو حجة».وفي الوقت الذي تابع فيه اتحاد الأدباء والكتاب العرب من خلال بيانات الأعضاء حال الحريات في الوطن العربي أكد أنه يولي موضوع الحريات الاهتمام اللازم، لأنه يؤمن بأن الحرية هي الشرط الجوهري للإبداع، ويؤكد أن أي اعتداء على الإبداع والقفز على الحريات لا يؤدي إلى النتائج التي تسعى اليها الثقافة، وعلى رأسها بناء الانسان الواعي المؤمن بأهداف أمته.
ورصد الاتحاد في بيانه بعض الانتهاكات للحريات مثل استمرار حبس الشعراء والكتّاب بسبب كتاباتهم والتحقيق مع الناشطين الذين يعبرون عن رفضهم لقوانين التظاهر بشكل سلمي ومواصلة الاحكام القضائية المجحفة ضد المبدعين.
وأشار بيان الحريات الى أن «الحرية ليست فردية بل يجب أن تكون في إطار منظومة معرفية، ولا بديل للحرية إلا بالمزيد منها».وفي إطار الحفل الختامي لاجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، كرمت الرابطة الفائزين بجوائزها للدورة الحالية: جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي للروائية والناقدة الدكتورة رضوى عاشور من مصر وجائزة بدر عبد الحق الأدبية للناقد والكاتب الدكتور سعيد بنكراد من المغرب وجائزة رفقة دودين في حقل الإبداع السردي: منحت مناصفة بين عملين: رواية مقصلة الحالم لجلال برجس، والمجموعة القصصية طريق الحرير ليوسف ضمرة، وذهبت جائزة رفقة دودين في حقل العمل التطوعي لجمعية نادي الإبداع في الكرك.