عواصم – (وكلات): اعلن الجيش الأوكراني أمس تعليق هجومه ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا يوما واحدا بناء على طلب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لافساح المجال امام وصول الخبراء الدوليين الى موقع تحطم الطائرة الماليزية.
في هذه الأثناء وصل الخبراء الهولنديون والاستراليون الى الموقع بعد ان كانت المعارك تعيق وصولهم منذ الاحد الماضي.
واعلنت منظمة الامن والتعاون الاوروبية ان مراقبيها «وصلوا الى موقع تحطم الطائرة الماليزية (التي كانت تقوم بالرحلة ام اتش 17، بين امستردام وكوالالمبور)، يرافقهم اربعة خبراء من هولندا واستراليا» بعد ان اتبعوا مسارا مختلفا عن الايام السابقة.
وقال وزير العدل الهولندي في بيان ان المهمة تقتصر في الوقت الحالي على استطلاع الموقع حتى يمكن بدء اعمال البحث باسرع وقت خلال الزيارة المقبلة لكشف ظروف تحطم الطائرة في 17 يوليو وعلى متنها 298 شخصا قضوا جميعهم نحبهم.
وتتصاعد الانعكاسات الدولية للازمة التي تمزق الجمهورية السوفياتية السابقة حيث حذرت مجموعة الدول الاقتصادية الكبرى موسكو من انها يمكن ان تواجه عقوبات اقسى بسبب دعمها للانفصاليين، بعد ان فرض الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة اجراءات عقابية جديدة على روسيا هي الاقسى منذ الحرب الباردة.
واعلن الجيش الاوكراني التعليق المفاجئ لجميع عملياته في شرق اوكرانيا استجابة لنداء من الامين العام للامم المتحدة لوقف القتال في منطقة التحطم حيث لا تزال تتناثر اشلاء ضحايا الطائرة في الشمس الحارقة بعد اسبوعين من اسقاط الطائرة في منطقة يسيطر عليها المتمردون.
وقال اولكسي دميتراشيفسكي الناطق باسم القوات الاوكرانية لوكالة فرانس برس «لقد قررنا ان لا نجري اية عمليات عسكرية في هذا اليوم الذي نطلق عليه اسم – يوم الهدوء».
وحذرت كييف التي تلقي على المتمردين بمسؤولية اعاقة المحققين من الوصول الى موقع تحطم الطائرة من ان المتمردين واصلوا قصف مواقع قواتها في محيط الموقع.
وانفرج الوضع على ما يبدو بعدما كان من المقرر ان يتوجه مفاوضون من كييف وموسكو الى مدينة منسك عاصمة بيلاروسيا للتفاوض مع المتمردين بشأن السماح بالدخول الى موقع تحطم الطائرة، واعرب قادة الانفصاليين عن استعدادهم للقاء اعضاء ما يسمى بمجموعة الاتصال الثلاثية اضافة الى ممثلين روس واكرانيين، الا انهم اشترطوا اولا ان تسحب كييف قواتها من مناطقهم.
وفي جلسة عقدها أمس صادق البرلمان الاوكراني على اتفاقيتين مع هولندا واستراليا تسمح للبلدين بارسال نحو 950 «عسكريا» لتأمين موقع تحطم الطائرة.
وتتيح الاتفاقيتان للبلدين ارسال افراد «عسكريين وغير عسكريين» الى الموقع، رغم ان مسؤولين هولنديين صرحوا سابقا انه من «غير الواقعي» ارسال جنود لدعم خبراء الشرطة الذين سيتولون اعمال البحث.
من ناحية اخرى رفض البرلمان الاوكراني استقالة رئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك ما يعني انه سيظل على رأس الحكومة الاوكرانية.
وكان ياتسينيوك اعلن استقالته الاسبوع الماضي احتجاجا على انهيار ائتلافه الحاكم ما اثار مخاوف من حدوث ازمة سياسية في البلد المضطرب.
ورغم تعليق القتال بين كييف والمتمردين، الا ان حصيلة القتلى واصلت الارتفاع حيث قالت السلطات المحلية ان اشتباكات في مدينة لوغانسك معقل المتمردين ادت الى مقتل ثلاثة مدنيين من بينهم طفل في الخامسة خلال الاربع وعشرين ساعة الماضية.
ويأتي ذلك وسط تهديدات جديدة من الغرب بتشديد العقوبات على روسيا بعد ان قالت روسيا ان العقوبات الجديدة التي فرضها الغرب على قطاع الطاقة وصناعة الاسلحة والقطاع المالي الروسي ستؤدي الى نتائج عكسية وستقود الى ارتفاع اسعار الطاقة في أوروبا. وفي بيان اصدره البيت الابيض حثت دول مجموعة السبع الكرملين على اختيار «سبيل نزع فتيل الازمة» في اوكرانيا.
وتتهم روسيا بتسليح الانفصاليين الذين يشتبه بانهم وراء اسقاط الطائرة الماليزية.
وجاء في البيان انه «اذا لم تفعل روسيا ذلك، فاننا نظل على استعداد لجعلها تدفع المزيد جراء تصرفاتها».
الا ان روسيا لا تزال تتخذ موقفا متحديا في مواجهة العقوبات، حيث انتقدت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة لمعاقبتها موسكو بسبب «سياساتها المستقلة التي لا تروق لها».
واعرب بعض الدبلوماسيين الاوروبيين والخبراء الروس عن قلقهم من ان تشديد العقوبات قد يؤدي الى زيادة جرأة بوتين واقناعه انه لم يعد لديه ما يخسره اذا ما اقدم على تصعيد النزاع في اوكرانيا.
وزاد من المخاوف تصريح القائد العسكري للحلف الاطلسي الجنرال الامريكي فيليب بريدلوف الاربعاء خلال تفقده قوات الحلف في كوسوفو حيث قال ان عدد الجنود الروس «ارتفع» على طول الحدود مع اوكرانيا.
واضاف بريدلوف ان «اعداد الكتائب العملانية والوحدات الخاصة ووحدات الدفاع المضاد للطائرات ووحدات المدفعية، كلها ازدادت».
وتابع ان «اسلحة من كل نوع» موجودة في هذه المنطقة بينها «اسلحة مشاة واليات مدرعة».
من جهة أخرى ذكرت الحكومة الأسترالية أمس أن ما يصل إلى 80 جثة يحتمل أن تكون مازالت موجودة في موقع تحطم طائرة الخطوط الجوية الماليزية وأعربت في الوقت نفسه عن قلقها من أن روسيا «تقوض بشكل نشط» تحقيقا في الحادث.
وقالت وزيرة الخارجية جولي بيشوب لهيئة الإذاعة الأسترالية (إيه بي سي):
«حصلنا على أقوى دعم ممكن من الحكومة الأوكرانية لكن القتال مازال مستمرا وليس هناك وقفا لإطلاق النار». وأضافت: «تخوفي الأكبر هو أن روسيا تقوض تلك العملية».
وقالت بيشوب: «علمنا (أمس) أنه ربما تكون هناك أشلاء ما يصل إلى 80 جثة في الموقع».وأوضحت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال انه مسؤول عن ضمان الوصول إلى المنطقة التي مازالت غير آمنة.
من ناحية أخرى، اتهم سفير روسيا لدى الامم المتحدة أوكرانيا بمنع المحققين الدوليين من الوصول إلى موقع تحطم الطائرة.
إلى ذلك قال مصدر بقيادة الإنفصاليين المؤيدين لروسيا في شرق أوكرانيا أمس إن الإنفصاليين يعتزمون المشاركة في محادثات مع موسكو وكييف ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستجرى في روسيا البيضاء.
ولم يتضح بعد متى ستلتقي الأطراف لإجراء المحادثات بشأن الصراع في شرق أوكرانيا حيث استعر القتال منذ سقوط طائرة ماليزية يوم 17 يوليو مما أدى لمقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 298. وقال مسؤول من جمهوية دونيتسك الشعبية التي أعلنها الإنفصاليون شريطة عدم نشر اسمه «ستكون جمهورية دونيتسك الشعبية ممثلة في مينسك.»