عامر بن غانم الرواس -
حفل مهرجان صلالة السياحي طوال سنوات إقامته بالجانب التراثي الذي يحظى بالكثير من الاهتمام من قبل بلدية ظفار لما له من مكانة خاصة في وجدان الشعب باعتباره من محطات التاريخ. ويأتي ضمن هذه المشاهد الفنون التقليدية بمختلف تشكيلاتها وإيقاعاتها خاصة مسابقة الولايات، التي تأسر الزائر وتكون محطة مهمة من محطات زيارته لموقع المهرجان، والشيء الملفت للنظر أن كل الدول المشاركة من خارج السلطنة تحمل معها هذه الصورة الاحتفالية المتمثلة في فنونها التقليدية, للقناعة الموجودة بأن الفن التقليدي هو موروث شعبي على درجة كبيرة من الأهمية.
إن من يستعذب هذه الفنون من خلال إيقاعاتها الخاصة, يجد أنها تتغلغل في النفس, وتبعث الحماس بصورة فطرية. الاعتقاد السائد لدى البعض, أن المهرجان لا يحمل إلا رسالة البهرجة والصخب المفتعل, المبالغ في تقديره, بينما الواقع يعكس صورة أخرى, غير الصورة المتخيلة تلك, فأرض المهرجان تضم بين جنباتها الكثير من المشاهد التراثية ،وهذه الصور لا تتمثل فقط في فنونها وتراثياتها الماثلة التكوين، ولكن حتى في احتراف التعامل مع المادة الخام، وابتكارالأشياء الجميلة منها في صورة تعزز الإبداع الإنساني في كل مراحل الحياة، كما هو الحال، ونحن نشيد بالموروث الذي تركه لنا الأجداد جيلا بعد جيل. كيف يعرف الإنسان تاريخ أمته، إلا من خلال هذه الصورة الفنية التي تناقلتها الأجيال وهي صورته المشرقة في جبين التاريخ، لأنه بعد فترة ستأتي أجيال تنقب عن مكنون هذه الصورة، وتاريخها، وقدرة هؤلاء الناس الذين شكلوها حتى غدت بهذه الصورة الرائعة الجمال.
ما يجب الإشارة إليه هو مسألة توثيق عملية الاستفادة من تجارب الآخرين الذين يشاركوننا هذا الجانب الحرفي، فعندما نسافر إليهم تسحرنا مشغولاتهم، ونعجب من الحرفية العالية الموجودة في أيدي صنّاعهم، ونثمن ذلك بقدرتهم البارعة على توظيف مادتهم الخام لإبراز هذه الصورة الرائعة التي يشكلونها، كما يفتنون بالمقابل بما عندنا من إمكانيات حرفية جميلة.
فعملية التلاقح بين التجارب عملية مهمة وهذه فرصة لان تستثمر الجهات المعينة هذا التواجد الكثيف لضيوف السلطنة في احتفالية مهرجان صلالة السياحي وأيضا مهرجان مسقط، وتوجه المشتغلين بهذا الجانب في الاقتراب منهم، والتحاور معهم، والاستفادة من تجاربهم، وألا تكون الزيارة لأجنحة الدول المشاركة، مجرد زيارة عابرة غير متذوقة، ولا يستفيد منها زائرها.