العمانية: حققت السلطنة المركز الخامس في تقرير الحرية الاقتصادية في العالم العربي لعام 2014 متقدمة مركزين، بعد أن كانت في المركز السابع في عام 2013 بعد حصولها على 7.7 نقطة مقارنة بـ7.5 نقطة.جاء ذلك خلال المؤتمر التاسع للحرية الاقتصادية في العالم العربي، الذي شاركت فيه السلطنة ممثلة بالهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء) الذي عقد مؤخرا في العاصمة الأردنية عمّان تحت شعار “الحرية الاقتصادية والقطاع العام”.
ونظرا لأهمية التصنيفات الاقتصادية للدول وما تحصل عليه من المراكز على التنمية الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية والمحلية فيها؛ فإن أي تطور في الاقتصاد الوطني، لابد أن يأخذ طريقه للمنظمات الدولية وللمنتديات العالمية ولبيوت الخبرة التي تتابع دول العالم كافة؛ لتقدم المشورة للدول وللشركات العالمية التي تعتزم التوسع والاستثمار على صعيد العالم.
وعليه فإن أنشطة الاقتصاد الوطني في القطاعين العام والخاص ستخضع للتقييس وفق المعايير المعتمدة في الحرية الاقتصادية أو التنافسية أو أي معيار آخر.
تجدر الإشارة إلى أن المنظمات العالمية لا تعتمد في تقييماتها لدول العالم على ما تنشره حكومات الدول من مؤشرات أو إحصائيات عن تطور اقتصادها، بل تعتمد على معلومات خاصة بها ثم تقيم الدول وتقدمها أو تراجعها حسب معايير تلك التصنيفات التي قد تختلف من منظمة لأخرى.
وقد وضع تعريفان للحرية الاقتصادية.
التعريف الأول: حرية إنتاج السلع والخدمات واستهلاكها، والمتاجرة بها من دون استخدام القوة أو الاحتيال أو السرقة ، أما التعريف الثاني الأشمل فيقول : «درجة الحرية الاقتصادية التي يتوافر عندها الحق المطلق في التملّك وانتقال العمل ورأس المال والسلع في شكل لا يتعرض للحدود اللازمة لحماية المواطنين وضمان استدامة الحرية نفسها».
وفي ضوء التعريفين صيغت معايير « الحرية الاقتصادية التي تتمثل في تحقيق الحرية الاقتصادية في حكم القانون، وحقوق الملكية الخاصة وحرية التعاقد، كما تم تصنيف الدول حسب مؤشر آخر هو الرقم القياسي للحرية الاقتصادية، الذي يضم عشرة بنود هي حرية الأعمال، وحرية التجارة، وحرية التداول النقدي، وسعة الحريات الممنوحة من الدولة للأنشطة الاقتصادية وشمولها ، وحرية تمتع المواطنين بأموال الدولة (عدالة توزيع الدخل القومي)، وحماية حقوق الملكية، والحرية الاستثمارية، والحرية المالية والتمويل، التحرر من الفساد، وحرية العمل».
وقد ادار وفد السلطنة خلال مشاركته المُؤتمر التاسع للحرية الاقتصادية في العالم العربي محور”
الإدارة الحكومية وخصخصة التنمية الاقتصادية”. الذي يتطرق إلى دورالقطاع الخاص العماني ومبادراته لتنفيذ المشاريع الكبرى في ظل رعاية الدولة تمويلا وإسنادا بالتشريعات المُيسرة لأعماله ومختلف أنشطته التجارية والخدمية والإنتاجية.
ويمكن القول: إن معظم المشاريع التنموية الكبرى غير النفطية التي تمثل التوجه نحو تنويع مصادر الناتج المحلي الإجمالي ومن ثم الدخل القومي قد خططت لها وتنفذها الحكومة كمشاريع الدقم ومشاريع صحار وتوسعات المطارات.
ولو أن هذه المشاريع كانت من تخطيط وتنفيذ القطاع الخاص لانتفت الحاجة إلى الخصخصة فيما بعد، على اعتبار أن ملكيتها وإدارتها عائد للقطاع الخاص منذ إنشائها.
ومن أجل توضيح محدودية مساهمة القطاع الخاص في تكوين الناتج المحلي الإجمالي أو الدخل القومي بمعيار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يمكن العودة إلى موازنة السلطنة المالية لسنة 2014 لنتبيّن كم كان حجم الواردات المالية الحكومية المحصلة من القطاع الخاص، فجملة واردات الموازنة بلغت 8 مليارات و150 مليون ريال، حيث ساهمت الواردات النفطية بنسبة 83 بالمائة وغير النفطية بنسبة 17بالمائة منها (من غير النفطية) 50 بالمائة مصدرها الرسوم والضرائب، أي ما يساوي 693 ألف ريال فقط من أصل 8 مليارات و150 مليون ريال، بمعنى أن النظام الضريبي على أرباح وأنشطة القطاع الخاص التجارية والخدمية والإنتاجية محدود جدا، ويؤكد الأهمية التي توليها الحكومة لتشجيع القطاع الخاص لأخذ زمام المبادرة في الاستثمار بالاعتماد على الرأسمال الوطني.
وحسب وزارة المالية، فإن خطة الخصخصة هدفها تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط، إضافة إلى أن برنامج الخصخصة يهدف إلى توسيع البنى الأساسية لمجمل أنشطة الاقتصاد الوطني، كما أن هناك استراتيجية للخصخصة أقرتها الحكومة تفتح الباب أمام القطاع الخاص للمشاركة في مشروعات جديدة من ناحية، وتقلص حصص الحكومة في الشركات المملوكة لها كلياً أو جزئياً من ناحية أخرى.
علما بأن حكومة السلطنة تملك أكثر من 60 شركة في شتى القطاعات من بينها شركات راسخة تحقق أرباحا جيدة وأداء قويا ويتوقع أن تجذب عملية الخصخصة الاستثمارات الأجنبية إلى السلطنة، وتفيد المستهلكين والمستثمرين، خاصة إذا شملت قطاعات عديدة مثل المناطق الصناعية والمشروعات السياحية.
ومن المؤمل أن تجتذب عملية الخصخصة الاستثمارات الأجنبية إلى السلطنة، وتفيد المستهلكين والمستثمرين، خاصة إذا شملت قطاعات عديدة مثل المناطق الصناعية والمشروعات السياحية.
وفيما يتعلق بمحور الإدارة الحكومية وخصخصة التنمية الاقتصادية نجد أن دور الحكومات في الدول الرأسمالية المتقدمة يتضاءل إذ إن القطاع الخاص هو المبادر الى تأسيس وملكية وإدارة مشاريع البنية الأساسية والمشاريع الإنتاجية والخدمية.
أما في الدول النامية، فإن القطاع الخاص لا يمتلك روح المبادرة التي دأب عليها قرينه القطاع الخاص في الدول الرأسمالية المتقدمة، الامر الذي يجعل الحكومة هي المبادرة في تأسيس المشاريع الاستراتيجية، التي يتطلع القطاع الخاص لملكيتها وإدارتها في ضوء خطط الخصخصة التي تعتزم الحكومة تنفيذها فيقع العبء الأكبر على الحكومة ويتعاظم دورها في إيجاد السبل لإنجاح عملية الخصخصة وذلك بوجود قطاع خاص قادر ماليا وبكفاءة وخبرة تتناسب مع متطلبات إدارة المشاريع التي تعتزم الحكومة تخصيصها.