أمريكا ترسل طائرات و300 جندي إضافي -
بغداد- واشنطن-(أ ف ب)-(رويترز): فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى أمس في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد، ليستنسخ بذلك الانقسام الذي ظلل عمل البرلمان السابق لأربع سنوات، في وقت تقاتل العراق لوقف زحف مسلحين جهاديين باتوا يحتلون أجزاء واسعة منها.
ورغم ان مسألة تشكيل حكومة جديدة وامكانية بقاء نوري المالكي على رأسها لولاية ثالثة بدت في الاسابيع الماضية وكأنها اكبرتحديات البرلمان الجديد، الا ان فشل الالتزام بالدستوروالتفسيرات المتناقضة له اظهروا ان الخلاف السياسي اعمق من ذلك.
وينص الدستور العراقي على ان «ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيسا، ثم نائبا أول ونائبا ثانيا، بالاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر»، من دون ان يوضح كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الأولى.
ورغم انه ليس مذكورا في الدستور، إلا أن العرف السياسي السائد في العراق ينص على ان يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس البرلمان سنيا، ورئيس الجمهورية كرديا.
وقال النائب مهدي الحافظ الذي ترأس الجلسة لكونه اكبرالأعضاء سنا بعد تشاوره بشكل علني مع نواب قدموا تفسيرات متناقضة للدستور«تعقد جلسة الأسبوع القادم إذا ما توفرت إمكانية للاتفاق»،مضيفا: إن موعد الجلسة المقبلة سيكون الثامن من يوليو الحالي.
وكانت الجلسة التي حضرها المالكي وقياديون اخرون بينهم رئيس «الائتلاف الوطني» ابراهيم الجعفري ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، بدأت باداء اليمين الدستورية التي تلاها الحافظ على النواب، ورددها هؤلاء من بعده.
ثم تلت النائبة الكردية آلا طالباني اليمين الدستورية باللغة الكردية ليرددها من بعدها النواب الاكراد في البرلمان.
وقال الحافظ ان 255 نائبا حضروا الجلسة من بين 328 نائبا، معلنا بذلك تحقق النصاب القانوني وبدء عملية اختياررئيس المجلس النيابي الجديد.
وطلبت النائبة الكردية نجيبة نجيب التحدث، فدعت رئيس الوزراء الى «فك الحصار» عن اقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع بحكم ذاتي عبردفع المستحقات المالية للاقليم من الموازنة العامة والمجمدة منذ اشهر.
وما ان تدخل الحافظ ليبلغ النائبة الكردية بأن هذه الجلسة مخصصة لموضوع انتخاب رئيس المجلس ونائبيه فقط، حتى صرخ النائب محمد ناجي المنتمي الى منظمة «بدر» «تريدون ان نفك الحصار عن داعش؟»، في اشارة الى تنظيم «الدولة الاسلامية». وذكر مراسل وكالة فرانس برس في القاعة ان نوابا سنة انسحبوا من الجلسة بعد عبارة ناجي.
ثم تدخل النائب كاظم الصيادي المنتمي الى «دولة القانون» بزعامة المالكي ليقول ان رئيس اقليم كردستان «مسعود بارزاني اكبر عميل وخائن.
تصدرون النفط الى اسرائيل وتنزلون العلم العراقي.
سنسحق رؤوسكم وسنريكم ماذا نفعل بعد انتهاء الازمة». واعلن بعدها الحافظ عن استراحة لمدة نصف ساعة.
وعاد الى القاعة بعد انتهاء الاستراحة 175 نائبا، لتعصف بها فوضى عارمة، حيث قال نواب ان النصاب لم يتحقق اذ ان عدد النواب الحاضرين اقل من الثلثين، بينما قال نواب اخرون ان النصاب متوفر لأن الجلسة بدأت صباحا بحضور255 نائبا.
ثم بدأ رئيس الجلسة مع النواب بالتشاورحيال امكانية تأجيلها، اوابقائها مفتوحة، اوفضها، فكان من النواب من تحدث عن تفسيره الخاص للدستور، قبل ان يعلن الحافظ عن فض الجلسة والاجتماع مجددا بعد أسبوع.
والى جانب انتخاب رئيس مجلس النواب، ينص الدستور العراقي على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس.
ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثرعددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على ان يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.
وتطغى مسألة ترشح المالكي الذي يحكم العراق منذ عام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة على العملية السياسية في العراق،الا انه بدا اليوم ان حتى رئاسة البرلمان مسألة معقدة تحتاج الى توافقات سياسية عابرة للكتل.
وفازت لائحة المالكي بأكبرعدد من مقاعد البرلمان (92 من بين 328) مقارنة باللوائح الاخرى في الانتخابات التشريعية التي جرت في اواخر ابريل الماضي، الا ان هذا الانتصارلا يضمن للمالكي البقاء على رأس الحكومة.
ويتعرض رئيس الوزراء الى انتقادات داخلية وخارجية خصوصا حيال استراتيجيته الامنية في ظل التدهور الامني الكبيرفي العراق وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكارالحكم.
ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني» اكبر تحالف للاحزاب الشيعية بترشيح سياسي اخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على احقيته في تشكيل الحكومة،علما انه ترأس حكومته الثانية رغم ان لائحته النيابية لم تفز في 2010 بأكبرعدد من مقاعد البرلمان.
وجاء فشل البرلمان في تأدية اولى واجباته في وقت دخل الهجوم الكاسح لتنظيم «الدولة الاسلامية» والتنظيمات المتطرفة الاخرى أسبوعه الثالث مع استمرارسيطرة مسلحي هذه التنظيمات على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها تكريت (160 كلم شمال بغداد) والموصل (350 كلم شمال بغداد).
واكد «الدولة الإسلامية» أولى التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تقاتل في العراق وسوريا والذي اعلن الأحد قيام «الخلافة الإسلامية» ومبايعة زعيمه ابو بكرالبغدادي «خليفة للمسلمين»، نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
وتحاول القوات العراقية مؤخرا استعادة مناطق من ايدي المسلحين، بينها تكريت التي تواصلت في محيطها صباح أمس الاشتباكات بين القوات العراقية والمسلحين المتطرفين من الجانبين الجنوبي والغربي للمدينة، وفقا لمقدم في الشرطة.
وفي خضم هذا الهجوم الذي ترافق مع انسحاب القوات العراقية من مناطق عدة بينها مناطق محاذية لإقليم كردستان، ارسلت سلطات الاقليم قوات البشمركة الكردية الى مناطق متنازع عليها مع بغداد ابرزها كركوك (240 كلم شمال بغداد) وفرضت سيطرتها عليها. في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الولايات المتحدة تكثف وجودها العسكري في العراق مرة اخرى بإرسال نحو 300 جندي آخرين إلى هناك بالإضافة إلى مجموعة من طائرات مروحية وطائرات بلا طيار.
ويضع قرار البنتاجون عسكريين أمريكيين في دور أمني في مطار بغداد في مواجهة المكاسب التي حققتها جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة بعد مرور ثلاث سنوات على انسحاب القوات الأمريكية.
وفي وقت تثور فيه التكهنات هل سيأذن الرئيس باراك أوباما بتوجيه ضربات جوية أمريكية قال مسؤول عسكري أمريكي إن هذه التحركات تتركز على حماية الأمريكيين في العراق ومنهم المدنيون.
وقال المسؤول الذي طلب ألا ينشر اسمه «ليس هذا من أجل (الاستعداد) لتوجيه ضربات جوية.»
وقال المتحدث باسم البنتاجون الأميرال جون كيربي إن نحو 200 جندي وصلوا يوم الأحد إلى العراق لتعزيزالأمن عند السفارة الأمريكية ومنشآتها المساندة ومطار بغداد الدولي.
ومن المقررأن يتوجه 100 جندي آخرين إلى بغداد «لتقديم الدعم الأمني واللوجستي.»
وقال المسؤول: «أعتقد أن هناك قدراً مناسباً من الاهتمام بشأن المطار.» وأشار إلى أن المطار مركز حيوي للنقل. وقال البنتاجون إنه يجري أيضا ارسال عدد صغير من المروحيات والطائرات بلا طيار إلى العراق.
وتأتي هذه القوات بالإضافة إلى 300 مستشار عسكري أمر أوباما بإرسالهم إلى العراق لتولي أمرإنشاء مركزين للعمليات المشتركة.
وسيقومون ايضا بتقييم كيف يمكن للولايات المتحدة تقديم دعم إضافي.
ويوجد بالفعل 180 من هؤلاء المستشارين في العراق.
والتحركات الجديدة للقوات جزء من محاولة حكومة أوباما مساعدة حكومة لمالكي إحباط المكاسب المذهلة التي حققها المتشددون من الدولة الإسلامية في العراق والشام خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقال مسؤول أمريكي آخر طلب ألا ينشراسمه ان الولايات المتحدة تدرس أيضا إقامة مركز جديد للعمليات العسكرية المشتركة في شمال غرب منطقة كردستان العراقية.
وقال المسؤول إنه لم يتم اتخاذ قرارنهائي في هذا الشأن لكن مركزالعمليات الجديد الذي سيكون الثاني من نوعه الذي تقيمه الولايات المتحدة منذ تدهورالأوضاع الأمنية في العراق في وقت سابق من هذا الشهر قد يكون مقره في محافظة دهوك في أقصى شمال العراق بالقرب من سوريا وتركيا.
ويقوم جنود أمريكيون في مركزعمليات مشتركة مماثل في بغداد بحمع المعلومات عن الوضع على الأرض ويشرفون على الجنود الأمريكيين الذين يقومون بتقييم قدرات الجيش العراقي في الميدان.
ولم يتضح على الفور هل الجنود الأمريكيون في مركز العمليات المشتركة الجديد سيعملون أساسا مع قوات البشمركة الكردية التي تحمي منذ وقت طويل الجيب الكردي أم أنها ستتعاون مع قوات من الجيش العراقي تخضع لقيادة بغداد ؟.