علامات سيئة للاتحاد الأوروبي

سمير عواد -

ويقول مراقبون ان هذه الدراسة التي تحتوي على انتقادات للسياسة الخارجية الألمانية والأوروبية، هدفها التأثير على نهج السياسة الخارجية الألمانية.

وجاء في الدراسة، أن تداعيات الأزمة الأوكرانية، أوضحت بشكل واضح، ضعف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وقالت أن تركيز الاتحاد الأوروبي على الحل الذي كان يرتئيه، دون الأخذ بمصالح الطراف الآخر في النزاع، أدى إلى فشل سياسته تجاه الأزمة الأوكرانية، على حد قول إينيس جاكلين فيركنر، من مركز أبحاث سياسات السلام الإنجيلية، والتي اتهمت الاتحاد الأوروبي باندلاع الأزمة الأوكرانية، ولم يسع جديا لحلها.

وأوضحت فيركنر رأيها فقالت: حين أعلن الاتحاد الأوروبي تضامنه مع المعارضة الأوكرانية في ساحة «ميدان» ضد نظام الرئيس السابق فيكتور يانكوفيتش، وكان الاتحاد الأوروبي قبل ذلك، يعتزم التوقيع على اتفاق معه، تسبب من وراء دعمه المعارضة، في تعميق الانقسام الداخلي في أوكرانيا، وبذلك، عزل نفسه كوسيط وطرف نزيه يريد حل النزاع.

وقال برونو شوخ من مركز «هيسين» لأبحاث سياسات السلام والنزاعات، أن محاولات التوسط التي سعى لها وزراء خارجية ألمانيا وبولندا وفرنسا في «كييف» في فبراير 2014، جاءت متأخرة كثيرا.وأجمع خبراء مراكز أبحاث السلام الألمانية، على ضرورة إحياء دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ويرون أنها المنبر المناسب لحل مشكلات أوروبا، لكنهم انتقدوا حقيقة أن ميزانية المنظمة، انخفضت كثيرا خلال السنوات الماضية، وطالبوا بإعادة تعزيز الميزانية حتى تتمكن في المستقبل من إعداد تقارير حول ما يحدث في أوكرانيا، وليس العمل في مهام قصيرة. وتجدر الإشارة أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تعرضت إلى اعتداءات على موظفيها خلال قيامهم بمهام في أوكرانيا، حيث تعرضوا إلى الأسر من قبل ميليشيات إنفصالية أوكرانية محسوبة على روسيا.

ولهدف حل الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى تعزيز دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، اقترح الخبراء الألمان، الدعوة إلى طاولة مستديرة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والمحلية، بما فيها إشراك أتباع «حزب المناطق» الذي يرأسه الرئيس المخلوع يانكوفيتش، في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي اقترحها الخبراء الألمان، الذين عارضوا بشدة، ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «ناتو» في ظل الظروف الحالية، معتبرين أن ذلك سيصعد النزاع مع روسيا بالذات. وقالوا ان الهدف على المدى البعيد، يجب أن يكون، العمل لتصبح أوكرانيا جسر وساطة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.

وجاء في مقدمة الدراسة، أن مراكز أبحاث السياسة الألمانية الخمسة، تسعى لمنع حصول حرب باردة جديدة بين الشرق والغرب. واتهموا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باتباع نهج ينم عن رغبته في استعادة روسيا دورها السابق خلال الحرب الباردة، حين كانت تهيمن على جاراتها، وتحدي الغرب، وقالوا أن روسيا تتسبب بذلك في تسميم الأجواء الدولية وتدمر النظام العالمي. كما أعربت الدراسة عن خشيتها من أن تؤدي الأزمة الأوكرانية إلى ازدياد التسلح في أوروبا، وأشاروا إلى أن السويد على سبيل المثال، لجأت في ضوء الأزمة الأوكرانية، لزيادة إنفاقها على العتاد العسكري في المدة الأخيرة، وقالوا أن هذه خطوة خطأ.

وناشد خبراء أبحاث سياسات السلام الألمان، الحفاظ على الحوار والتعاون مع روسيا، كطريق لحل الأزمة الأوكرانية وغيرها من الأزمات، وأعربوا عن أملهم بازدياد المطالب بتحقيق المزيد من الديمقراطية في روسيا، لكنهم، اعترفوا أن بوتين، يملك حاليا شعبية واسعة، ويسعى للترويج بأنه زعيم قومي يريد أن يعيد روسيا قوة عظمى، وهو بذلك كما قال الخبراء الألمان، يريد غض الطرف عن المشكلات الداخلية التي تواجهها بلاده.

كما تطرق خبراء سياسات السلام الألمان، إلى إبداء الرأي، بالأزمات الدولية الراهنة الأخرى، وخاصة الوضع في سوريا، وقال برونو شوخ، أنه في ضوء سقوط أكثر من160 ألف قتيل حتى اليوم، في الحرب الأهلية هناك، والدمار الكبير في البنية التحتية، يوضح أن إمكانية نجاح وساطات دبلوماسية من الخارج، ضعيفة جدا، وقال شوخ، أن هذا بالتحديد، ما أكدته استقالة الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الأممي وجامعة الدول العربية السابق لسوريا، بعد عامين على عمله لحل الأزمة السورية عبر الطرق السلمية.

وأشار شوخ إلى أن النجاح الوحيد للجهود الدبلوماسية في سوريا، كان الاتفاق مع النظام على إتلاف أسلحته الكيماوية، لكن الخبير الألماني، قال أن الخطأ الذي حصل، هو أن الترحيب الدولي بموافقة نظام بشار الأسد على إتلاف الأسلحة الكيماوية، ساعد في تقوية النظام السوري الذي ما زال يعتقد أنه سيحسم الحرب الأهلية عسكريا لصالحه.

وأشارت إينيس جاكلين فيركنر، إلى ضرورة أن يقدم المجتمع الدولي مساعدات إنسانية عاجلة إلى الشعب السوري، عبر جسور جوية أو استقبال المزيد من النازحين السوريين، ووصفت الخبيرة الألمانية، امتناع الأوروبيين والألمان عن استقبال المزيد من النازحين السوريين، بأن ذلك فضيحة غير مسبوقة، وناشدت الحكومة الألمانية، في ضوء استفحال الكارثة الإنسانية، باستقبال 200 ألف نازح سوري على الأقل، وحتى الآن، تشير بيانات الحكومة الألمانية إلى أن ما يربو عن أربعين ألف نازح سوري، لجأوا إلى ألمانيا. ومقارنة مع حرب البوسنة في عقد التسعينيات، هذا عدد قليل، إذ استقبلت ألمانيا وحدها في تلك الفترة، 450 ألف نازح بوسني، وفي الغضون عاد معظمهم إلى بلاده.