الجريمة الاسرائيلية تتحدى كل العالم

بدخول الجرائم الاسرائيلية ضد الفلسطينيين العزل في قطاع غزة مرحلة جديدة، من خلال جريمة الاجتياح البري لقطاع غزة فجر امس، فانه من الواضح ان حكومة بنيامين نتانياهو في تل ابيب ، اما انها وقعت ضحية اليأس من امكانية وقف القتال مع حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى في قطاع غزة ، او انها تهرب الى الأمام تحت ضغوط داخلية متزايدة، وانتقادات اسرائيلية تتزايد للمسلك العدواني الهمجي للقوات الاسرائيلية على امتداد اكثر من عشرة ايام مضت، ومن ثم فانها تجد نفسها منفذة لاقتراحات اليمين الاسرائيلي المتطرف ممثلا في احد صقوره وهو وزير الخارجية الاسرائيلية ليبرمان، الذي دعا منذ البداية الى الاجتياح البري لاسرائيل، في بربرية، يفترض ان العالم تخلص منها منذ قرون، ولكنها لاتزال تجد تطبيقاتها في هذه المنطقة للأسف !!.

واذا كانت الهمجية لا تبرير لها، ولامسوغات من اي نوع، فان الاجتياح البري الاسرائيلي لشمال قطاع غزة، وبغض النظر عما اذا كان اجتياحا محدودا، او واسع النطاق، او انه سيستمر يومين او عدة ايام، وما تزامن معه من قصف عنيف من الجو والبر والبحر لاهداف ومواقع محددة في قطاع غزة، هو في التحليل النهائي ليس دليلا على قوة اسرائيل !!. صحيح ان اسرائيل تملك قوة نيران ضخمة، ولديها اسلحة متطورة، وجيش قوي، غير ان هذه كلها وسائل، وتظل القوة الحقيقية هي القدرة على تغيير سلوك الآخر او تعديله بما يتفق مع مصالح الطرف الاقوى. ومن ثم فان ما يجري في غزة، ورغم الخسائر الفادحة في الارواح والممتلكات، لا يعبر عن قوة اسرائيل، بقدر ما يعبر عن قلق مسؤوليها، وخشيتهم من تعرض المدن الاسرائيلية لمزيد من صواريخ المقاومة، التي دخلت بالفعل في معادلة الصراع مع اسرائيل، على نطاق غير مسبوق. ومع ان صواريخ المقاومة لاتزال غير دقيقة في عمليات التوجيه، فان ذلك يعد مشكلة تقنية يتم حلها خلال بعض الوقت. ومن المؤكد ان اسرائيل تدرك ذلك جيدا.

ومع ان اسرائيل حاولت استثمار رفض حماس للمبادرة المصرية، لتبرير تصعيد عدوانها على غزة، الا ان القصف الشامل والهجوم البري يشكل بالتأكيد تحديا للعالم كله، العالم الذي دعا ويدعو الى وقف القتال، والى تجنيب وحماية المدنيين، الذين يشكلون بأرواحهم ودمائهم وممتلكاتهم، وقودا لتشدد الجانبين، ورغبة كل منهما في دفع الطرف الآخر الى الصراخ اولا. ومع انه من غير الممكن، ولا الأخلاقي، المساوة بين الجلاد والضحية فيما تتعرض له غزة، فانه من المهم والضروري تجنب منح اسرائيل الفرصة لاستثمار او تبرير عدوانها على القطاع، فدماء الفلسطينيين وارواحهم اغلى من ان تكون موضع مساومة او ورقة من اوراق الاعيب السياسة الجارية بشأن ما يحدث. وعلى كل الشرفاء في العالم ادانة هذا التحدي الاسرائيلي والعمل على وضع حد سريع له.