د. ناصر بن عبدالله الناعبي -
في العصر الحديث ومع تطور الزمن وظهور فكرة المرفق العام، بدأت نظرية العقد الإداري تفرض نفسها على الواقع العملي في تعاملات الدولة وأهدافها من أجل تسيير المرافق العامة، وأخذت ترتبط ارتباطا لا يقبل التجزئة بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدولة. فأصبح العقد أحد أهم الاختراعات التي عرفتها البشرية على الإطلاق، فهو الأداة الرئيسية للتبادل الاقتصادي ، كما يعتبر إحدى الوسائل الأساسية للتنظيم الاجتماعي، حتى يمكن القول إن العقد هو الفكرة الجوهرية المسيطرة على العلاقات بين الأفراد في المجتمع .
فالدولة لكي تنجح في إنجاز مشروعاتها الاقتصادية وخاصة مشروعات خطط التنمية، وتحقيق أهدافها المرتبطة بالمصلحة العامة للمجتمع، متوخية في ذلك جانب الخير العام ، فإنها تلجأ إلى أهم الوسائل التي تكفل لها حسن أداء هذه المهمة ومنها التعاقد سواء كان التعاقد مع الهيئات الإدارية ذاتها أم بينها وبين الأفراد والشركات الخاصة لغرض إدارة المرافق العامة أو تسييرها أو إنجاز الأشغال العامة حتى ينعكس ذلك بشكل مباشر على خطط التنمية المحلية ، والتي تأخذ الإدارة في تنفيذها بأساليب السلطة العامة .
وبهذا يعد العقد الإداري أسلوباً من أساليب ممارسة الإدارة لنشاطها. وتزداد أهميته نتيجة زيادة مسؤولية الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإنشاء المزيد من المنشأة والبنى التحتية وإجراء العديد من الدراسات العملية الهامة واستيراد مختلف البضائع والمستلزمات الحديثة التي تساهم في دفع عجلة التقدم والتطور. وسوف تزداد كثيراً مع اتجاه الدولة نحو سياسة الاقتصاد الحر.. فالانتقال من اقتصاد التخطيط إلى اقتصاد السوق سيؤدي إلى زيادة العقود التي تبرمها الإدارة، ذلك أن اقتصاد السوق قائم على التخلي عن الأوامر وأساليب القهر . ومن ثم فإن أحكام العقد الإداري وأسس تطوره سوف تزداد باستمرار لتستجيب لحاجات المرافق العامة المتجددة .