حوارات: المطالبة بالحقوق تكون بالوسائل المشروعة والإسلام حرم العنف والتشدد

علوي أمين: التنسيق بين وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية.. ضرورة لتشكيل وجدان المجتمع -

يؤكد الدكتور علوي أمين أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، في حواره معنا، أن التعدي علي الممتلكات العامة والخاصة، محرم شرعا ويتنافى مع القيم والتقاليد التي عاش عليها المجتمع المسلم، مشيرا إلى أن الإسلام يحرم العنف والتشدد، كما أن المطالبة بالحقوق لابد أن تكون عبر الوسائل المشروعة، أما تعطيل العمل والإنتاج والتعدي على الممتلكات، للمطالبة بالحقوق، فهذا مرفوض ومحرم شرعا، ولابد أن يلتزم العامل بالقوانين واللوائح، ويسلك الطرق الشرعية، عند المطالبة بالحقوق، وطالب بأن يقوم الدعاة والعلماء بتوضيح هذه المفاهيم للناس من خلال خطبة الجمعة والدروس الدينية .. وإلى نص الحوار .

*هناك الكثير من الاتهامات التي توجه لوسائل الإعلام فيما يخص فوضى الفتاوى، كيف ترى هذه الاتهامات ؟

**في البداية لابد أن نوضح أن هناك دورا كبيرا يلعبه الإعلام الديني في تصحيح المفاهيم ونشر الوسطية، وهناك الكثير من الصفحات الدينية المتخصصة في الجرائد، وهذه الصفحات تلعب دورا كبيرا في توعية الناس، وذلك من خلال عرض مقالات وآراء للعلماء والدعاة، وهذا من الأمور الجيدة للغاية، ويعد دورا فعالا في نشر الدعوة الإسلامية، وتصحيح المفاهيم، هذا بالإضافة للبرامج الدينية المتخصصة في القنوات الفضائية، ولذلك لابد من التأكيد على الدور الإيجابي لوسائل الإعلام، لكن الأزمة والمشكلة تتمثل في بعض البرامج التي تستضيف غير المتخصصين، والذين يحاولون تصدر المشهد الدعوي من خلال إصدار فتاوى متشددة، وهنا نطالب دائما بالتركيز على أخذ رأي العلماء المتخصصين في العلوم الشرعية والفقهية، ولذلك لابد أن يكون هناك تكامل وتنسيق بين وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية، لنشر الأبحاث والدراسات المتخصصة التي تلعب دورا في تشكيل وجدان المجتمع.

*البعض يرى أن المطالبة بالحقوق تكون من خلال التظاهر والاعتصام، وهذا يؤدي لتعطيل العمل، كيف ترى هذه الظاهرة؟

**لابد أن نؤكد أن الإسلام يحث على الحرية والمساواة والعدل، كما أن الظلم محرم في الإسلام، وللقضاء على هذه الظاهرة لابد من العدل بين الناس في جميع المؤسسات والهيئات، لكن تعطيل مصالح العمل وقطع الطرق والتأثيرات على حياة الناس اليومية، يعد محرما شرعا ومرفوضا في الإسلام، والتعبير عن الرأي لا يكون بالعنف والهتافات التي تحمل إساءة للناس، وهنا نقول إن التعبير والمطالبة بالحقوق يكون من خلال اتباع الوسائل السلمية، والقنوات المشروعة من خلال التواصل مع المسؤولين، وعرض المطالب بما يناسب ظروف العمل، ولا يحمل تطاولا علي المسؤولين، والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الشريف “ لا ضرر ولا ضرار”، ولذلك نطالب العاملين والموظفين في جميع الجهات بالاجتهاد في العمل والإخلاص، ويكون عرض المطالب في ظل تجويد العمل، ونحذر من محاولات الضغط على الهيئات والشركات، لأن ذلك يؤدي لتعطيل المصالح ويؤثر على الفقراء والمحتاجين .

*كيف يمكن أن نوضح للناس أن قطع الطرق وتعطيل المصالح محرم شرعا ؟

**هناك دور كبير يقع على عاتق الدعاة والعلماء وخطباء المساجد، في توضيح هذه الحقائق للناس، ولابد أن نؤكد على أن التعدي على الممتلكات العامة والخاصة محرم شرعا، لأن إتلاف المرافق العامة والتعدي عليها، يؤدي لكثير من المشكلات، وهنا نقول أن الدروس الدينية وخطبة الجمعة في المساجد، لابد أن تتناول هذه القضايا الهامة، وذلك لتوعية الناس وحثهم على عدم قطع الطرق، لأن المجتمع المسلم لا يعرف مثل هذه الأمور التي تتنافى مع القيم، فربما يكون هناك مريض يحتاج للوصول إلى المستشفى، وقد تتعرض حياته للخطر نتيجة لقطع الطريق، فما ذنب المرضي وأصحاب الحاجات الذين تتعطل مصالحهم بسبب ذلك، ومن المظاهر السلبية أيضا أن بعض المخربين قد ينضمون إلى المتظاهرين، وذلك يؤدي للتخريب والدمار، وعلى كل عامل أن يحافظ علي مكان عمله، ولا يدمر ولا يخرب ولا يعطل، لأن كل ذلك يعود بالسلب عليه هو شخصيا وعلى أسرته وأولاده، فأماكن العمل لها كل الاحترام والتقدير، ولا يجب المساس بها أو تخريب المرافق التابعة لها.

*وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، هل ترى أن هناك ضرورة للتبرع بأموال الحج والعمرة لصالح الأوطان؟

**الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من الدول العربية والإسلامية، تتطلب التعاون والتكافل والتبرع لصالح المستشفيات والمدارس، وهنا نقول إن تكرار العمرة والحج من الأمور التي يحرص عليها بعض الأثرياء، ومن الممكن أن يتبرع هؤلاء القادرون بهذه الأموال لصالح بناء المستشفيات والمدارس ومساعدة محدودي الدخل والفقراء واليتامى، كذلك هناك أصحاب الأمراض المزمنة، يحتاجون العلاج والكساء، ولابد أن تمتد إليهم أيدي القادرين، والله عز وجل عنده الأجر والثواب الكبير لكل من ساعد الناس وسعى في قضاء المصالح، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف “ ما من يوم تطلع شمسه إلا وينادي ملكان، فيقول الأول، اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الثاني اللهم أعط ممسكا تلفا ؟، والحديث الشريف يحث على ضرورة الإنفاق في سبيل الله عز وجل، ضرورة العطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين .