فتاوى – لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

شعور يتضاعف


ما هو طبيعة الشعور الذي يَشْعُرُ بِه المسلم في ليلة القدْر؟

المسلم – أوّلا- في جميع أوقاته يَشْعُرُ بِأنه مَغْمُور بِفضْل الله ونعمته وأنه لو وَقَفَ كل خلية مِن خلاياه مِن أجل شُكْر الله- تعالى-على هذه النعم لَما استطاع أن يَفِيَ بِأقل نعمة مِن هذه النعم، وهذا الشعور يَتضاعَف في شهر رمضان الكريم لِما يَشْعُرُ بِه مِن الصِّلة بِالله سبحانه وتعالى ومِن انفتاح الآفاق الروحانية أمامَه، وربما تَضاعَفَ ذلك-أي هذا الإحساس- في ليلة القدْر المباركَة، وجديرٌ بِالمسلم أن يَتضاعَف إحساسه هذا عندما يَمْثُلُ بين يدي الله.. أي عندما يقوم ويَتَهَجَّد، لا عندما يُقَضِّي لَيْلَه في النوم، والله تعالى أعلم.


لا ربط


يطلب تفسيرا مفصَّلا لِقوله تعالى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3)، هل يُمكِن أن يُربَط بين قوله تعالى (… أَلْفِ شَهْرٍ) وبين قوله تعالى (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(الحج: من الآية47)؟ … صادَف المسلم هذه الليلة، فهل سيَحصل على عبادة ألْف شهر بِما فيها مِن تسبيح وصلاة وما شابه ذلك؟

أما الربط فلا، لأنّ ذلك اليوم الذي هو بِألْف سنة مما يُعَد إنما هو يوم الموقف.. يوم القيامة، أما أيام الدنيا فهي غير ذلك.. هذه ليلة جعلها الله تعالى خيرا مِن ألْف شهر.. مِن الناس مَن يروي والله أعلم بِصحّة هذه الرواية.. لا أدري مدى صحّتها أنّ النبي- صلى الله عليه وسلّم- ذَكَرَ أنه كان في الأمم السابقة رجل جاهَد في سبيل الله لمدّة ألْف شهر لم يضع السلاح ولم يضع لاَمَةَ حَرْبِهِ مدّة ألْف شهر.. كان مستمراً على الحرب في سبيل الله.. على الجهاد في سبيل الله فاستَقَلَّت هذه الأمّة.. أي استَقَلَّ الصحابة أعمالَهم لأنهم رأوا أنّ أعمارهم قصيرة.. أعمارهم لا تَفِي بِهذا القدَر.. مَن الذي يُنَفَّسُ له ويُنْسَأُ له في أجله حتى يقضي ألْف شهر وهي نحو ستة وثمانين عاما.. كلها يقضيها في الجهاد، والجهاد كله أجر وفضل، فأنزل الله تعالى تسلية لٍهذه الأمّة (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3).. أي إنّ الله تبارك وتعالى أعطى هذه الأمّة هذه الليلة المباركَة وهذه الليلة هي خير مِن ألْف شهر، ولكن هي خير مِن ألْف شهر للذي يَقْضيهَا في العبادات ويعمل فيها الطاعات، لا لِلذي يَلْهُو فيها أو يَسْرَحُ ويَمْرَحُ أو يقضيها في المجون واللهو والحديث الهُجْر.. قول الهُجْر، وإنما هي لِلذي يَقضيها في عبادة الله سبحانه وتعالى، فمَن عَبَدَ الله تعالى فيها بِحيث قامها واجتهد في العبادة بِقدْر مستطاعِه فكأنما قام ليالي ألْف شهر، فضْلا مِن الله تعالى ونعمة.


أعظم وزرا


بعض الحوادث سببها السُكْر، فما حكم من يضر بنفسه وغيره في مثل هذه الظروف؟

شرب الخمر من أساسه كبيرة من الكبائر، وهي أم الخبائث ومجمع الآثام، الله تبارك وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)، فمن شرب الخمر واقع كبيرة من الكبائر فضلاً عن كونه يعرض نفسه للهلاك من خلال قيادته للسيارة في حال شربه الخمور.

فنحن ندعو شُرّاب الخمور جميعاً إلى أن يتوبوا إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحا، وأن يقلعوا عن هذه العادة السيئة، وأن يدركوا مغبتها، فإن مغبتها خطر في الدنيا وشقاوة في الدار الآخرة، فالجنة إنما أعدّها الله تعالى للمتقين، وقد جاء في الحديث بأنه لا يدخلها مدمن خمر، مدمن خمر حرم الله تعالى عليه الجنة، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله وإلا حقاً على الله أن يسقي شارب الخمر من عصارة أهل النار، جاء في الحديث بأن الله تبارك وتعالى يسقيهم من طينة الخبال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار. إلى غير ذلك من الوعيد الشديد الذي جاء في شرب الخمور.

وإن أعظم وزراً أن يكون هذا شارب الخمر بجانب ما ارتكبه من الإثم يقود سيارة ليعرض نفسه وليعرض غيره للهلاك والعياذ بالله.


غير جائزة


في أوج زحمة السيارات هناك من يذهب يمنة ويسرة يتخطى كل هذا الركب المتقدم ثم يدخل بنفسه بين سيارتين ويزاحمهم للحصول على أسبقية قبلهم، فما هو قولكم في مثل هذه الصنيع؟

هذه فوضى، وهذه الفوضى هي من أسباب الحوادث، وعلى أية حال هي محرمة وغير جائزة، وفيما أحسب أن النظام يمنعها، فلا يجوز لأحد أن يتصرف هذا التصرف.