د. ناصر الندابي -
تعددت الحكم وتنوعت مشاربها، واختلفت أساليبها، فمن الحكماء من يسبكها في كلمات، ومنهم من ينظمها شعرا، ومنهم من يطبقها عملا، ولعل الشعر هو أكثر من حفظ لنا الحكم وأسماء الحكماء، فهو ديوان العرب، حفظ لنا أثرها ومآثرها، وسطر لنا مجدها وأمجادها.
وبرز في التاريخ العماني عدد من الشعراء الحكماء ومن أولئك: الشيخ عبدالله بن محمد القرن حيث يقول:
دع الأمور تقضي وارضيَنْ بما قضى الأله وخلّ الهم مطروحا
فجازع والقضا ماضٍ وكم حذر وليس إلا الرضى أحرى وممتدحا
ومنهم أيضا الشيخ صالح بن خميس المسعودي النزوي ومن حكمه الشعريه قوله:
بحسب الفتى طول البقاء وأنه على ثقة أن البقاء فناء
زيادته في الجسم نقص حياته وليس على نقص الحياة نماء
إذا ما طوى يوما طوى الدهر بعضه ويطويه إن جن المساء مساء
جديدان لا يبقى الجديد عليهما وما لهما بعد الجديد بقاء.
ومنهم أيضا العلامة جمعة بن محمد بن بلعرب بن عبدالله بن بلعرب السليماني العقري النزوي، ومن حكمه قوله:
حسن ثيابك ما استطعت فإنها زين الرجال بها تعز وتكرم
ودع التواضع في الثياب تخوفا فالله يعلم ما تسر وتكتم
فبهاء ثوبك لا يضرك بعد أن تخشى الأله وتتقي ما يحرم
ورثاث ثوبك لا يزيدك قربة عند الإله وأنت عبد مجرم
ومن ألئك الشعراء الحكماء أيضا: العلامة عبدالله بن عمر بن زياد البهلوي إذ يقول:
كم طالب لفنون العلم قد طلبا ومدع رفعة في العلم قد رغبا
أزرى به الجهل حتى قل مطلبه عن درجة العلم يوما بعدما طلبا
فالعلم بحر عميق ليس يدركه من كان يمزج في تعليمه اللعبا
يا طالبا لفنون العلم مجتهدا لا تعدلن به درا ولا ذهبا
فالعلم أفضل شيء أنت طالبه ولن ترى مثله حظا ولا نسبا
ومنهم أيضا العلامة الورع سيف بن سعيد بن خلف بن زامل المعولي
من يتق الله يبقَ زرع ما غرست يداه من كل ذي بقل وأشجار
دار السلام له سكن وجيرته أهل الصفا والوفا من كل مختار
ومنهم أيضا: الشيخ محمد بن عبدالله بن عمران المنحي واصفا فراق الأحبة لما فقد أخاه الشيخ الفقيه عبدالله بن سليمان:
هو البين حتى لا يزور خيال وذا الهجر حتى لا يكون وصال
فراق وهجر كيف يقوى عليهما فتى وكلا الحالين فيه نكال


