في حواره معنا أكد الدكتور عبد المقصود باشا الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الخلاف بين العلماء والدعاة له ضوابط، وهذا لا يعني الهجوم على الآخر أو تكفيره، مشيرا إلي ضرورة الاجتهاد من جانب الأئمة والعلماء ليكون الخطاب الدعوي متوافقا مع الواقع، موضحا أن تجديد الخطاب الديني يقع على عاتق المؤسسات الدينية والعلماء والدعاة، ولابد من تفعيل دور إدارات بحوث الدعوة بالمؤسسات الدينية، لتقوم بدورها في توجيه الأئمة وخطباء المساجد، تجاه القضايا التي تهم الناس، وتدعم التعايش السلمي، مؤكدا أن تطوير التعليم الديني في البلاد الإسلامية أصبح قضية مهمة، وذلك لتخريج دعاة قادرين على حمل لواء الدعوة، من أجل التواصل مع الخارج ونشر الثقافة الإسلامية .. وإلى نص الحوار.
**الخلاف بين العلماء والدعاة في بعض القضايا الفقهية يوجد نوعا من عدم الثقة بين الناس، كيف ترى الأسلوب الأمثل لمناقشة هذه الخلافات ؟
*في البداية لابد أن نؤكد أن الخلاف بين الدعاة والعلماء حول بعض القضايا، قضية لها العديد من الأبعاد، لكن الأمر الخطير هنا عندما يحدث هذا الخلاف عبر وسائل الإعلام، وكل واحد من العلماء يقدم الأدلة التي تؤكد رأيه، هذا يوجد نوعا من التشتت لدى المواطن العادي، وهنا نؤكد أن الخلاف في الرأي أو الاجتهاد لا يعني الهجوم على الأخر، أو تكفيره وغير ذلك من النماذج السليبة التي تنتشر حاليا، وهنا نذكر الجميع بمقولة الإمام الشافعي: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، والحوار بين العلماء والدعاة أمر مهم للغاية، ولا يجب أن ينتقل الخلاف إلى الفضائيات، ولابد أن يكون هناك حوار واحترام متبادل بين الدعاة والعلماء، لأنهم يشكلون وجدان المجتمع، ويمثلون القدوة والمثل الأعلى للشباب .
*هناك فرق كبير بين التعليم الديني في الماضي والتعليم الديني حاليا، هل هناك حاجة لتطوير التعليم الديني في العالم الإسلامي ؟
**المؤكد أن التطوير أمر مهم في كل المجالات، والتعليم الديني حاليا يختلف عن الماضي، فقد كانت الكتاتيب هي المدرسة التي تعلم فيها كبار علماء ودعاة الأزهر، ولابد من أن تقوم الدول الإسلامية بدعم الجامعات والمعاهد الدينية، لأنها هي المكان الذي يتخرج منه الدعاة والعلماء وخطباء المساجد، فلابد من دعم هذه المؤسسات بهدف تخريج دعاة قادرين على حمل لواء الدعوة الإسلامية، ومواجهة العديد من القضايا التي يعاني منها المجتمع الإسلامي حاليا، كما أن الدعوة الإسلامية حاليا تحتاج لدعاة قادرين على التواصل مع الخارج، وهذا يعني ضرورة أن يكون هناك دعاة يجيدون اللغات الأجنبية المختلفة، وذلك بهدف الحوار مع الخارج ونشر سماحة الإسلام والرد علي الشائعات والأكاذيب التي تثار ضد الإسلام في الغرب، وكل ذلك يتطلب الاهتمام بالتعليم الديني وتطويره، لأن التحديات التي تواجه العالم الإسلامي حاليا، تتطلب أن يكون هناك أجيال جديدة من الدعاة، لديهم القدرة والكفاءة والموهبة على القيام بهذه المهمة الكبرى، لأن خدمة الإسلام والدعوة رسالة عظيمة تحتاج علماء متخصصين .
*البعض يقول إننا في حاجة لفقه جديد ليناسب العصر، هل ترى أننا في حاجة لتجديد الخطاب الديني ؟
**الإسلام هو دين عالمي جاء للبشرية في كل زمان ومكان، وهنا نقول أن الشريعة حملت لنا الكثير من النصوص والضوابط التي تعالج جميع القضايا، في كل زمان وفي كل مكان، وهناك الكثير من الأسرار والمعاني بالشريعة الإسلامية لم تكتشف بعد، وهنا نقول إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، والدعاة والعلماء عليهم بالاجتهاد وتطوير الخطاب الدعوى، لأن الاجتهاد أمر ضروري وواجب، وأقوال الفقهاء في الماضي كانت تمثل جهدا كبيرا في عصرها، واليوم نحن في حاجة لتطوير الخطاب الدعوي ليناسب الواقع، فالظروف المعاصرة تختلف عن الظروف التي عاش فيه الفقهاء في الماضي، وهذا يتطلب الاجتهاد والعمل علي الوصول بالخطاب الدعوي لجميع الفئات في المجتمع، وهذا الأمر يتطلب قدرات خاصة من الدعاة والعلماء .
*هل هذه المسؤولية تقع على عاتق المؤسسات الدينية أم يتحملها العلماء والدعاة ؟
**المسؤولية هنا مشتركة بين المؤسسات الدينية والدعاة، لأن المؤسسات الدينية عليها دور كبير في تدريب وتأهيل الدعاة، بل لابد أن تقوم بتوجيه الدعاة لتناول بعض القضايا التي تهم الوطن والمواطن، ولابد أن تكون هناك إدارات لبحوث الدعوة في جميع المؤسسات الدينية، وهذه الإدارات تقوم بوضع الخطوط العريضة للقضايا المهمة، وتعرض هذه القضايا على الأئمة والدعاة وخطباء المساجد، دون أن تفرض عليهم نصا محددا، وبالنسبة لمسؤولية الدعاة تتمثل في الاجتهاد والاطلاع المستمر، والمشاركة في الدورات والندوات التي تعقدها المؤسسات الدينية، ولابد من الوجود بين الناس، واختيار القضايا التي تهم الناس وتؤثر فيهم، والمؤكد أن القيام بهذه المسؤولية على أكمل وجه، يؤدي لوجود خطاب دعوي يؤثر في الناس .


