في الوقت الذي تعقد فيه العديد من المؤتمرات، والندوات، وحلقات النقاش حول هذا الجانب أو ذاك من جوانب التنمية الوطنية، مع الميل، في كثير من الأحيان، إلى محاولة استشراف المستقبل، أو التطرق إلى سبل بلورة ملامح استراتيجية لهذا القطاع أو ذاك، وهو أمر طيب، خاصة في ظل بدء العمل من جانب حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – لوضع الرؤية العمانية « عمان 2040 « والتي تمتد لتغطي عقدي العشرينات والثلاثينات من القرن الحالي، بعد اكتمال الرؤية العمانية « 2020 «.
غير أنه من المعروف على نطاق واسع أن وضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية هو جهد علمي وميداني وفكري كبير، تشارك فيه العديد من المؤسسات والجهات، وتتطلب ضرورة توفر المعلومات والارقام الموثقة، والدراسات التنبؤية القادرة على تلمس ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع في المجتمع بعد عقد أو عقدين أو ثلاثة عقود، وما يحتاجه ذلك من خدمات وتوسعات ضرورية، وبالطبع استثمارات في هذا المجال أو ذاك.
ومن ثم تظل المؤتمرات والندوات إحدى أدوات التنشيط وإشراك المجتمع، والتمهيد وتوجيه انتباه القطاعات المختلفة إلى نقاط وجوانب محددة، من المهم والضروري العناية بها، وأخذها في الاعتبار عند الاعداد والتعامل مع متطلبات المستقبل.
على أية حال فإن من بين مؤتمرات كثيرة عقدت، واستطاعت ملء قدر أو آخر من الحاجة إلى ما تمت الاشارة اليه على صعيد الإعداد للمستقبل، جاء مؤتمر « استراتيجية العمل الاجتماعي..نظرة مستقبلية «، الذي تطرق خلال مناقشاته، وعبر الحلقات النقاشية التسع التي تخللته، إلى جوانب مهمة، خاصة على صعيد الدعوة للتخلص من البيروقراطية، وإلى التعامل بشفافية من جانب مختلف المؤسسات، سواء مع الإعلام أو مع مؤسسات الدولة الأخرى، خاصة وأن كل المؤسسات تلتقي معا في النهاية عند هدف خدمة الوطن والمواطن ومحاولة تحقيق حياة افضل له في الحاضر والمستقبل.ويتطلب ذلك في الواقع تفاعلا واسعا وعميقا بين كل المؤسسات، وتكاملا في جهودها أيضا. فلكل منها دور ينبغي أن تقوم به على أكمل وجه وأن تتعاون مع المؤسسات الأخرى إلى أبعد مدى.
جدير بالذكر أن من أهم ما تطرق إليه مؤتمر « استراتيجية العمل الاجتماعي.. نظرة مستقبلية «، هو التأكيد على أن العمل الاجتماعي، وهو عمل متعدد الجوانب والأبعاد، لا تقتصر المسؤولية عنه على وزارة التنمية الاجتماعية والمؤسسات التابعة لها، صحيح أن الوزارة تقوم بدور محدد وعلى جانب كبير من الأهمية، وفق مهامها ودورها المحدد لها، ولكن الصحيح أيضا أن العمل الاجتماعي بمفهومه الواسع يمتد إلى كل قطاعات المجتمع، لأنه يجعل من المواطن العماني محوره وهدفه الأساسي، وتلك مهمة كبيرة وتتطلب في الواقع تعاون مختلف الوزارات والجهات والمؤسسات في الدولة والمجتمع أيضا، إلى جانب تعاون المواطن ذاته ايضا، حتى يمكنه الاستفادة من الجهود المبذولة، والإسهام أيضا في تعزيزها وتمكين الآخرين من الاستفادة منها.فهل نستفيد من التوصيات والرؤى والأفكار التي يتم طرحها؟ وإلى أي مدى؟