رمى لويس سواريز مهاجم ليفربول حجره في بئر يشرب منها وأسقط الانجليز في القعر عندما قاد الاوروجواي لالحاق الهزيمة الثانية المتتالية بمنتخب «الأسود الثلاثة» 2-1، على ملعب «ارينا كورنثيانز» في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة لمونديال البرازيل 2014.
وعوضت الاوروجواي بطلة 1930 و1950 ورابعة النسخة السابقة هزيمتها الاولى أمام كوستاريكا، فيما اصبحت أنجلترا منطقيا خارج المونديال جراء خسارتها الثانية على التوالي بعد الاولى امام ايطاليا 1-2.
وبحال خروجها مبكرا وهو امر قد يتحقق بحال تعادل ايطاليا وكوستاريكا (سيرفع الفريقان رصيدهما الى اربع نقاط) او فوز كوستاريكا، سيحصل هذا الامر لانجلترا من الدور الاول من المونديال لاول مرة منذ السويد 1958. وضرب سواريز (27 عاما)، هداف الدوري الانجليزي مع ليفربول (31 هدفا)، بقوة بعد غيابه عن المواجهة الاولى اثر عدم تعافيه بشكل كامل من جراحة اجريت له في ركبته، مسجلا هدفين ثمينين للمنتخب الامريكي الجنوبي. وارتدت المباراة اهمية كبرى ليس لانها جمعت بين بطلين سابقين وحسب، بل لان الطرفين بحثا عن تعويض سقوطهما في الجولة الافتتاحية والابقاء على حظوظهما في التأهل الى الدور الثاني.
وكان منتخب الاوروجواي، الذي دخل نهائيات البرازيل مصطحبا معه ذكريات 1950 حين تمكن من قهر «سيليساو» في معقله التاريخي «ماراكانا» (2-1)، ضحية ثاني مفاجأة كبرى في النسخة العشرين من العرس الكروي العالمي بعد اسبانيا حاملة اللقب التي سقطت امام وصفتها هولندا 1-5، وذلك بعد سقوطه امام نظيره الكوستاريكي 1-3.
وعاد الى صفوف الاوروجواي، بطلة 1930 والتي وصلت في جنوب افريقيا 2010 الى الدور نصف النهائي للمرة الاولى منذ 40 عاما، نجم ليفربول سواريز ليواجه زملاءه في «الحمر»، بينهم خمسة حضروا في التشكيلة الاساسية للمدرب روي هودجسون وهم القائد ستيفن جيرارد وجلين جونسون ورحيم ستيرلينج وجوردان هندرسون ودانيال ستاريدج. اما بالنسبة لانجلترا، فكانت تأمل تعويض سقوطها امام ايطاليا بطلة العالم اربع مرات (1-2) في مباراة قدم خلالها شباب الانجليز اداء مجيدا خلافا للعناصر المخضرمة وعلى رأسها واين روني الذي لعب في الجهة الهجومية اليسرى غير المعتاد عليها. وهذا اول فوز للاوروجواي على انجلترا منذ 1990 منذ فوزها في مباراة ودية على ملعب ويمبلي في لندن 2-1 عبر سانتياجو اوستولاتسا وخوسيه بيردومو مقابل هدف لجون بارنز.
والتقى الفريقان مرتين سابقا في كاس العالم ففازت الاوروجواي 4-2 في ربع نهائي مونديال 1954 وتعادلا في الدور الاول من نسخة 1966، وتواجها اخر مرة وديا في مارس 2006 على ملعب «انفيلد» حيث فازت انجلترا بهدفي بيتر كرواتش وجو كول، وفي المجمل فازت الاوروجواي خمس مرات وانجلترا 3 وتعادلا 3 مرات.
وكانت الاوروجواي، اصغر دول المونديال (3،3 مليون نسمة)، لعبت مرتين قبل في ساو باولو في مونديال 1950 فتعادلت مع اسبانيا 2-2 وفازت على السويد 3-2.
وغاب عن الاوروجواي لاعب وسطها ماكسيميليانو بيريرا بسبب طرده في اواخر المباراة امام كوستاريكا، وقائد الدفاع دييجو لوجانو المصاب في ساقه.
واعتمد مدرب انجلترا روي هودجسون التشكيلة عينها التي واجهت ايطاليا، وفي ظل الجدل حول دور واين روني في المنتخب على حساب عناصر شابة واعدة، وطلبه خوض تمارين الاثنين مع فريق البدلاء اثر ادائه السيء في المباراة الاولى، لعب مهاجم مانشستر يونايتد دورا مركزيا في مقدمة التشكيلة، فيما انتقل رحيم سترلينج الى الجهة اليمنى وداني ولبيك الى اليسرى.
من جهته، استبعد اوسكار واشنطن تاباريز (67 عاما)، الذي يقود «لا سيليستي» في العرس الكروي العالمي للمرة الثالثة بعد 1990 (خرجت من ثمن النهائي على يد ايطاليا المضيفة) و2010، لاعب الوسط كريستيان ستواني وولتر جارجانو ودييجو فورلان لحساب نيكولاس لوديرو والفارو جونزاليس وسواريز، واعتمد خطة 4-4-2 مع ادينسون كافاني كمهاجم ثان وراء سواريز.
وبكر سواريز في خطورته على المرمى الانجليزي ولو من نقطة ضربة الركنية، اذ ارتدت تسديدته من القائم الايمن لمرمى هارت(5). وحصل روني على فرصة تسجيل اول اهدافه في المونديال عندما نفذ ضربة حرة على مشارف المنطقة تغلبت على الحارس فرناندو موسليرا لكنها علت العارضة بسنتيمترات قليلة (10). واخطأ مدافع انجلترا في تشتيت كرة داخل المنطقة وصلت الى كريستيان رودريجيز المندفع من الجهة اليسرى فسدد بيسراه صاروخية من داخل المنطقة علت العارضة بقليل مهدرا افتتاح التسجيل (15). وبعد بداية متكافئة للفريقين، حصلت الاوروجواي على الافضلية وضغطت على منطقة جو هارت، ومن ركنية عادية وصلت الكرة ارضية الى كافاني فسددها مهاجم باريس سان جرمان الفرنسي قوية فوق العارضة (27). لكن رد القائد ستيفن جيرارد كان جريئا فمن ضربة قريبة من الركنية رفعها فوق الجميع وصلت الى روني المندفع فسددها عن بعد متر واحد في عارضة الحارس الاوروجوياني موسليرا في اخطر فرص المباراة (31). ومن تمريرة متقنة لكافاني على حافة المنطقة هبطت على رأس سواريز الذي سددها بذكاء بالغ عكس اتجاه قدمي الحارس هارت لتسكن الزاوية الانجليزية اليمنى مسجلا الهدف الاول من تسديدته الاولى في المباراة (39)، ليصبح اول لاعب يحمل الوان ليفربول ويسجل في مرمى انجلترا في المونديال، ويكون هدفه فأل خير على بلاده التي فازت في المرتين التي سجل فيها في كأس العالم، امام المكسيك مرة (1-صفر) ومرتين امام كوريا الجنوبية (2-1) في مونديال 2010. حاول الانجليز الرد سريعا فوصلت الكرة الى دانيال ستاريدج، زميل سواريز في ليفربول، فسدد بيسراه كرة قوية صدها موسليرا الى ركنية (41). وانقذ هارت انجلترا من ورطة مؤكدة عندما ابعد ركنية عن خط مرماه مطلع الشوط الثاني (49)، حيث بدا دفاعه متهالكا امام كافاني وسواريز ورفاقهما. وتواصل تدهور دفاع الانجليز فمرر نيكولاس لوديرو كرة مقشرة الى كافاني المنفرد لكن مهاجم نابولي الايطالي السابق سدد بجانب القائم الايسر لمرمى حارس مانشستر سيتي (52). وشرع الانجليز في محاولة للرد فلعب باينز عرضية تركها ولبيك الى روني فسددها بيسراه من مسافة قريبة صدها موسليرا ببراعة(54).
وتعرض لاعب وسط الاوروجواي الفارو بيريرا لاصابة قوية برأسه عندما ركله سترلينج بركبته على رأسه (61)، لكنه رفض استبداله. وبعد مجهود مجيد على الجهة اليمنى رد ظهير ليفربول جلن جونسون الصاع صاعين لزميله سواريز عندما مرر كرة تخطت الدفاع الازرق ووصلت الى روني المندفع من خلف المدافع مارتين كاسيريس ليسدد بسهولة في مرمى موسليرا (75)، ويسجل اول اهدافه في المونديال بعد 10 مباريات. وهذا الهدف الخامس للانجليز فقط في الشوط الثاني من مبارياتهم الـ21 الاخيرة في المونديال. وكاد الانجليز يسجلون الهدف الثاني عندما سدد ستاريدج بذكاء من بين مدافعين كرة صدها موسليرا (78). وارتفعت حدة الاثارة في اللحظات الاخيرة اذ حاول الفريقان اقتناص هدف الفوز، وعلى غفلة من الدفاع الانجليزي اطلق سواريز رصاصة الموت عندما استلم كرة بعيدة المدى تخطت الدفاع الابيض بعدما لمست القائد ستيفن جيرارد فهيأها لنفسه وسددها صاروخية مرت فوق يد هارت ومزقت شباك الانجليز (85)، لتحقق الاوروجواي انتصارا تاريخيا وتضع انجلترا على مشارف العودة الى لندن.