على امتداد الأيام العشرة الماضية، وبعد اختفاء ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، وبالرغم من أن موقع الاختفاء يقع ضمن قطاع يخضع لإشراف إسرائيل الأمني، إلا أن حكومة نتانياهو سرعان ما تحدثت عن اختطاف المستوطنين الثلاثة، واتهمت حركة حماس الفلسطينية بالتورط في الحادث، بل وتدبيره والإعداد له، محملة إياها وكذلك الرئاسة الفلسطينية، مسؤولية ما حدث وما ستترتب عليه من نتائج.
ومع الوضع في الاعتبار أن حكومة نتانياهو لا تحتاج كالعادة، إلى مبرر أو سبب لتصعيد عملياتها التعسفية، وانتهاكها الفاضح لكل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية، في ممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية، سرعان ما اتخذت إجراءات، كان يصعب اتخاذها من جانبها، خاصة بعد أن قامت بعرقلة مفاوضات السلام التي حاول وزير الخارجية الامريكي جون كيري إنجاحها، وبذل من أجلها الكثير من الوقت. فإلى جانب حملات التوقيف والاعتقال والمطاردة لكوادر حماس وكبار مسؤوليها في الضفة الغربية، والقيام بعمليات تفتيش فظة لمئات المنازل والمواقع الفلسطينية، قام الطيران الاسرائيلي على مدى الايام الماضية بشن العديد من الغارات على مواقع متعددة في قطاع غزة، مما استتبع ردا من جانب بعض الفصائل الفلسطينية، بإطلاق بعض الصواريخ في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة.
وإذا كانت عملية اختفاء المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة، أو اختطافهم– حسبما أعلنت حكومة نتانياهو من جانبها– هى من تلك العمليات التي تثير من المشكلات للفلسطينيين بوجه عام، ولحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بالذات، أكثر من أن تسهم في حل أي شيء، خاصة أن أكثر من وزير في حكومة نتانياهو أكدوا معارضتهم لإطلاق مزيد من الأسرى الفلسطينيين في عملية مبادلة مع مختطفين إسرائيليين، فإن إعلان أية جهة فلسطينية مسؤوليتها عن عملية الاختطاف– اذا كانت عملية اختطاف بالفعل قد تمت– ستؤدي إلى الكثير من النتائج، سواء على المستوى الفلسطيني، خاصة أن حكومة الدكتور رامي- الحمد الله تحاول شق طريقها في غزة والضفة الغربية وسط مشكلات عديدة، بل ومحاولة بعض الاطراف إلقاء مزيد من المشكلات في طريقها، أو على مستوى العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية، وربما مواقف بعض الأطراف الدولية التي تنتظر اكتمال وضوح صورة ما حدث للإسرائيليين الثلاثة المفقودين حتى الآن، ومن غير المستبعد تغيير بعض تلك الاطراف الدولية لمواقفها التي سبق أن اعلنتها تجاه حكومة التوافق الفلسطينية، وهو ما سيعد بالقطع خسارة فلسطينية، جراء عمل سيكون ثمنه كبيرا جدا، وما كانت الساحة الفلسطينية في حاجة إليه خاصة في هذه الظروف– إذا كان قد حدث بالفعل– أما إسرائيل فإنها تبالغ، دوما، في ممارساتها التعسفية والعدوانية ضد الفلسطينيين، وأعادت اعتقال كثيرين ممن أطلق سراحهم في صفقة الجندي شاليط، وتحاول تشويه صورة حركة حماس بكل السبل الممكنة. وأمام اتساع العمليات الانتقامية الإسرائيلية، فإنه من المهم والضروري أن يمارس المجتمع الدولي ومختلف المنظمات الإقليمية والدولية ضغوطها على إسرائيل لوقف عملياتها في غزة والضفة الغربية، والالتزام بمسؤولياتها كقوة احتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق اتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي .