القدس في زاوية حديث القدس كتبت الصحيفة مقالا بعنوان: الاعتقال الإداري عقوبة غير إنسانية، جاء فيه: يتواصل إضراب المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية ما يهدد حياة العديد منهم وممن انضم إليهم من الأسرى في تلك السجون تضامنا مع قضيتهم.
ومن المؤكد أن استشهاد أي من المضربين عن الطعام، لا سمح الله، ستكون له عواقب لا يمكن التكهن بها في ضوء التعاطف الشعبي والدولي مع قضيتهم التي يجب النظر إليها من البعدين الإنساني والقانوني بصورة خاصة.
والغريب أن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع موضوع الاعتقال الإداري بعيدا عن الجدية اللازمة، وترفض التفاوض معهم دون أي سبب مقنع. والمفروض أن تتم مناقشة هذه القضية بروح من العقلانية إن لم تكن الإنسانية، وأن لا تسمح إسرائيل لهذه المسألة بالتطور والتعقيد اللذين يتصف بهما موقفها الحالي تجاه القضية برمتها. فالاعتقال الإداري، كما أشرنا أكثر من مرة، خارج عن الكتاب في أي قانون وضعي أو سماوي.
إذ كيف يعاقب الإنسان دون محاكمة شفافة تعرض عليه خلالها الأدلة وتتاح له الفرصة للدفاع عن نفسه وإثبات براءته.
والأساس القانوني لأي محاكمة نزيهة هو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
فهل هذه هي الحال بالنسبة لمن يعتقل إداريا؟.
هذا السؤال مطروح برسم السلطات الإسرائيلية أولا، والمنظمات الحقوقية في أرجاء العالم ثانيا.
وإذا كانت الأطراف المتخاصمة في كل الصراعات التي سجلها العصر الحديث تعتبر قضية الأسرى من أكثر القضايا حساسية وتأثيرا على الرأي العام، وتضعها في مقدمة القضايا التي يتوجب إغلاق ملفاتها بأسرع ما يمكن، فإن الموقف الإسرائيلي من قضية الأسرى عامة، والمعتقلين الإداريين خاصة، يدعو للتساؤل، ومن بعد التساؤل للمطالبة بتغيير جوهري في السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالأسرى، وبالتعامل معهم ومع معاناتهم بالطريقة الإنسانية والقانونية التي تنتهجها كل دول العالم المتحضرة في هذا العصر. فكيف يمكن اعتقال أشخاص استنادا لممارسة غير قانونية ابتدعها الانتداب البريطاني لمواجهة الثوار عليه، وخصوصا العرب، ولم يطبق هذا القانون في بريطانيا عبر تاريخها كله؟. وكيف تطبق إسرائيل هذه الممارسة في الأراضي المحتلة فقط، وليس واردا في خيال أي مشرع أو منفذ للقانون في إسرائيل أن يطبق هذه العقوبة الجائرة داخل إسرائيل نفسها؟.
هذان السؤالان يكفيان لإعادة النظر في هذه العقوبة وإلغائها من الممارسات الإسرائيلية، ما دامت إسرائيل تقول إنها تؤمن بالمساواة في تطبيق القوانين بين كل الخاضعين لسلطتها، سواء داخل الخط الأخضر أم خارجه.
ومن واجب المنظمات الحقوقية والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم أن تضغط في اتجاه إلغاء هذه العقوبة، والعمل لمساندة المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية قبل أن يفوت الأوان.
والمفروض أن يتم رفع هذا الملف للجهات الدولية المعنية، وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة، لتدويل قضية الأسرى وحشد القوى العالمية لمناصرة قضيتهم.
وهذا أقل واجب يمكن القيام به لمناصرة قضيتهم العادلة، ومطالبهم المشروعة.