أحمد الشبلي -
ahmed.ahshibli99@gmail.com -
أطلعتنا بعض الإحصائيات الصادرة عن منظمات مهتمة بالشؤون البيئية والمناخ عن ارتفاع كبير في مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي التي تعتبر الأعلى حتى الآن، حيث وصلت إلى 400 جزء في المليون خلال شهر ابريل الماضي، واعتبرها العلماء رقما قياسياً لأعلى مستوى لغاز ثاني أكسيد الكربون منذ ما بين 3- 5 ملايين عام قبل وجود الإنسان على سطح الأرض، وهي نسبة لا يمكن الاستهانة بها، ويعد ثاني أكسيد الكربون أهم الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي يتسبب الإنسان في ارتفاع نسبتها عن طريق حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، وهي بدورها كانت السبب في ارتفاع درجة الحرارة في العقود الماضية، ويقول باحثون إن العالم يواجه مشاكل عديدة بسبب التلوث البيئي وتأثيره المباشر على ظاهرة الاحتباس الحراري، وزيادة منسوب مياه البحار والفيضانات والأعاصير في بعض المناطق من العالم، وزيادة مشكلة الجفاف والتصحر في مناطق أخرى، مما يؤكد أثره المباشر في اختلال التوازن البيئي على سطح الأرض.
وأشار باحثون وخبراء إلى أن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي قد تؤثر بشكل مباشر على الزراعة وجودة الأغذية، والتي بدورها تتسبب في انتشار المجاعات والفقر في كثير من مناطق العالم، وارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية وربما تحور وتشكل بعض المنتجات الزراعية إلى أشكال جديدة بسبب زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، مما يتسبب في مشاكل صحية وبيئية، كما يمكن أن يترتب على ذلك آثار بعيدة المدى على الإنسانية، وان هذه الاكتشافات تشير إلى واحدة من أهم المخاطر الصحية التي يُعتقد أنها مرتبطة بتغير المناخ.
وحسب بعض التحليلات التي قام بها بعض الخبراء أثبتت أن احتراق جرام واحد من المادة العضوية يعطي (1.5- 3) جرامات من غاز ثاني أكسيد الكربون، فإذا تصورنا أن هناك عدة مليارات من الأطنان من الوقود تحرق في الهواء كل عام فإننا نكون قد أضفنا إلى الهواء كل عام حوالي 20 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهي تمثل 0.7% من كمية هذا الغاز الطبيعية في الهواء. وتتلخص عملية الاتزان الطبيعية لغاز ثاني أكسيد الكربون في أن جزءاً كبيراً من هذا الغاز يذوب في مياه البحار كما أن النباتات تساهم في استهلاك جزء كبير من غاز ثاني أكسيد الكربون المنطلق في الهواء لاستخدامه في عملية البناء الضوئي، لذلك فإن إزالة الغابات في بعض الأماكن تساعد بشكل ظاهر على زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء، وقد تسبب التقدم التكنولوجي للإنسان بخلل في التوازن الطبيعي، وتولدت عنه زيادة هائلة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة من الإسراف الشديد في إحراق الوقود والتي ينتج منها كل عام مليارات الأطنان من هذا الغاز. ويتوقع خبراء وباحثون أنه إذا استمر إحراق الوقود وإزالة الغابات بالشكل الحالي فإن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء ستصل إلى الضعف تقريباً في أوائل القرن القادم.
ومن خلال هذه التحليلات والمقاييس يظهر لنا تأثير التقدم الصناعي والتكنولوجي الذي بدأ يسيطر على حياة الأفراد والصناعات والمواد التي تتطلبها هذه الثورة الصناعية ، والذي بدوره سوف ينعكس سلباً على حياتهم ومواردهم الغذائية وحياتهم الصحية والبيئية، لذلك يجب على الحكومات أن تتحرك نحو خفض الاعتماد على الصناعات وسائل النقل الملوثة واستبدالها بصناعات صديقة للبيئة، من خلال تفعيل القوانين البيئية فيما يخص انبعاثات الغازات الدفيئة وكذلك استبدال وسائل النقل بوسائل أخرى تقل منها الملوثات أو تكون جماعية تخدم أكبر قدر من شرائح المجتمع وتقلل من نسبة تلوث الهواء، حفاظاً على الموارد الغذائية وتجنباً للمشاكل الصحية والبيئية.