حسنا فعل رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية، عندما أكد على نحو واضح أنه لن يحدث أي تراجع في ملف المصالحة الفلسطينية، بين فتح وحماس، وإن الخلافات بين الحركتين ستبقى تحت السيطرة، وستستمر المشاورات “حتى التوصل إلى إجماع وطني حول نقاط الخلاف وشكل الحكومة النهائي “. فهذا التصريح كان ضروريا، بعد أن تم تجاوز موعد الإعلان عن تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله، والذي كان متوقعا الخميس الماضي، وإذا كان قد تم تجاوز التاريخ المتفق عليه لإعلان حكومة التوافق الوطني، وهو 28 مايو الماضي، فإنه لن يهم مرور بضعة أيام، أو حتى عدة أيام، ليتم التوصل إلى الإجماع الوطني الفلسطيني الذي أشار إليه إسماعيل هنية، ولكن المأمول ألا تتحول الأيام إلى أسابيع، وذلك حرصا على قوة الدفع الحالية في ملف المصالحة من ناحية، ولإفساح المجال أمام تحقيق هدف يتوق إليه الفلسطينيون في غزة والضفة على مدى السنوات السبع الأخيرة من ناحية ثانية، وقد آن الأوان لتحقيقه على الأرض.
جدير بالذكر أن إنجاز المصالحة وإعلان تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية بشكل رسمي، سيكون خطوة على جانب كبير من الأهمية للشعب الفلسطيني، بكل قواه ومنظماته، في الأراضي الفلسطينية، وفي الشتات، كما أن الحكومة الجديدة التي ستقوم بإدارة قطاع غزة والضفة الغربية، ستتحمل بالضرورة أعباء كثيرة، ترتبت على ما حدث خلال السنوات السبع الماضية من جانب، وترتبط في الوقت ذاته بما يتطلع الفلسطينيون إلى تحقيقه، على كل المستويات من جانب آخر. ولعل أهمية وحيوية المرحلة القادمة، وما يمكن أن تشهده من مواقف وتحركات، هو ما يضفي أهمية زائدة على اختيار وزير الخارجية في الحكومة الجديدة، خاصة وأن الاتصالات مع مختلف الأطراف، عربية وإقليمية ودولية، سيكون شديد الأهمية في التأثير على الموقف الفلسطيني وعلى العلاقة مع كل القوى والأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية. ومن المعروف أن واشنطن وجهت دعوة لرئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية الدكتور رامي الحمد الله لزيارتها، وهى إشارة شديدة الدلالة فيما يتصل بإمكانية التعامل الأمريكي مع الحكومة الجديدة، وما يترتب على ذلك من آثار ونتائج. وفي إطار ذلك يعلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس أهمية على من سيشغل منصب وزير الخارجية في الحكومة الجديدة.
من جانب آخر فانه من المأمول أن تكون الخلافات الأخرى، التي أشار إليها رئيس الحكومة المقالة في غزة، يسيرة ويمكن التغلب عليها سريعا، وعلى نحو يمكّن الحكومة الجديدة من القيام بمهامها بشكل كامل وفعّال، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. ومع إدراك أن هناك جوانب وموضوعات عديدة من المهم والضروري التوصل إلى توافق بشأنها بين فتح وحماس، وأن هناك أيضا على هذا الجانب أو ذاك، فلسطينيا وإسرائيليا وعربيا وإقليميا ودوليا، من لا يرتاحون إلى إتمام المصالحة، بل ويحاولون عرقلتها بشكل أو بآخر، فإن الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة سريعا، يعد تحديا لفتح وحماس وللفصائل الفلسطينية الأخرى أيضا، لأن إضاعة هذه الفرصة، إذا حدثت لاقدر الله، ستكون لها انعكاسات سلبية عديدة على كل المستويات وخاصة على الصعيد الفلسطيني.