«الأوروبي» يأسف لغياب «جزء» من المعارضة المصرية
القاهرة – عمان – محمود خلوف- (أ ف ب) :-
حقق وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي فوزا كاسحا في انتخابات الرئاسة المصرية بحصوله على اكثر من 96% من الاصوات، وفق النتائج الاولية، ما يكرس سلطة الجيش بعد 11 شهرا من اطاحته الرئيس الاسلامي محمد مرسي، ولا يشكل هذا الفوز مفاجأة في ظل الحملات التي تستهدف المعارضين.
منافس السيسي الوحيد القيادي اليساري حمدين صباحي اقر بهزيمته مؤكدا في المقابل انه لا يرى “مصداقية” في نسبة المشاركة المعلنة وان انتهاكات عديدة شابت عمليات الاقتراع لكنه قال انها “لا تؤثر تاثيرا حاسما على النتائج النهائية” للانتخابات.
وفي مؤتمر صحفي، قال صباحي، الذي اشارت النتائج الاولية الى حصوله على اكثر قليلا من 3% مقابل اكثر من 96% للسيسي، “اعتز انني مع شركاء وحملة متفانية افخر بها، قدمنا فرصة الاختيار لشعب قادر على الاختيار والان اتت اللحظة التي اقول فيها لشعبنا العظيم انني احترم اختياره واقر بخسارتي في هذه الانتخابات”.
واضاف صباحي ان الارقام المعلنة لنسب المشاركة في الانتخابات ليس لها “مصداقية او صدقية” مشيرا الى ان “بعض مندوبيه في مكاتب الاقتراع افتتحوا التصويت فيها ومع ذلك جاءت النتيجة اننا حصلنا على صفر اصوات في هذه المكاتب”.
والرهان الرئيسي يكمن في نسبة المشاركة التي يريدها انصار السيسي ترجمة للتاييد الشعبي لعزله الرئيس الاسلامي الاسبق محمد مرسي في يوليو الفائت واكبر من نسبة المشاركة في انتخابات 2012.
وقالت قناة النيل للاخبار المملوكة للدولة ان السيسي حصل على 21 مليونا و80 الفا و901 صوتا بنسبة بلغت (96.2%) بينما حصل منافسه صباحي على 824 الفا و45 صوتا بنسبة (3.8%)، ولم يشر تقرير القناة لعدد الاصوات الباطلة. وجرى استقاء تلك الارقام من فرز 312 لجنة عامة من اصل 352 لجنة عبر مصر بنسبة 88.6% من عدد اللجان. ويأتي هذا التقدم الكاسح للسيسي والذي لا يمكن لصباحي رده في غياب منافسة حقيقية بعد قمع السلطات للمعارضة سواء كانت الاخوان المسلمين الذين قرروا المقاطعة او النشطاء العلمانيين الذين صدرت قرارات بالسجن ضد بعض من قادتهم.
ولا تزال نسبة المشاركة الرهان الاساسي لهذه الانتخابات الرئاسية غير معروفة بعد بشكل دقيق او رسمي، ويبلغ اجمالي عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في مصر 53 مليونا يصوت عادة اقل من نصفهم.
ونقل الموقع الالكتروني لصحيفة الاهرام المملوكة للدولة عن عضو في لجنة الانتخابات ان عدد الناخبين تخطى 25 مليونا وهو ما يعادل قرابة 47%.
واعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية مساء الثلاثاء الماضي ان نسبة المشاركة بلغت نحو 37% وبررت تمديدها الاقتراع ليوم ثالث ب”موجة الحر الشديدة التي تجتاح مصر”.
وبلغت نسبة المشاركة في الدور الثاني الحاسم من انتخابات 2012 التي فاز بها مرسي 51.8%، وحصل مرسي 13 مليونا و230الف صوت شكلت 51,73% من اجمالي الناخبين المشاركين متقدما بنحو مليون صوت على منافسه في الدور الثاني احمد شفيق.
ويأمل انصار السيسي الذي قاد عملية الاطاحة بمرسي في ان تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية النسبة التي سجلت في الدورة الثانية من انتخابات 2012 وكذلك عدد الاصوات التي حصل عليها مرسي اول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر.
ورفع السيسي نفسه سقف التوقعات بشأن نسبة المشاركة التي ارادها كاسحة لتعطيه شرعية لا مجال للمنازعة فيها خصوصا من قبل الاسلاميين.
وطلب وزير الدفاع السابق من المصريين التصويت بكثافة قائلا في مقابلة تلفزيونية “عليكم النزول الان اكثر من اي وقت مضى في تاريخ مصر، انزلوا واظهروا للعالم كله انكم 40 او 45 (مليونا) وحتى اكثر” في حين يبلغ اجمالي عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في مصر 53 مليونا يصوت عادة اقل من نصفهم.
ومع توالي صدور مؤشرات النتيجة، احتشد المئات من انصار السيسي في ميدان التحرير، ايقونة الثورة التي اطاحت بالرئيس المصري الاسبق حسني مبارك، للاحتفال بمؤشرات فوزه الكاسحة باستخدام الالعاب النارية التي اضاءت الميدان.
واطلقت السيارات ابواقها فيما رقص عشرات الشباب والنساء على وقع الاغاني المؤيدة للسيسي والجيش.
من جهة أخرى، عقب رئيس الحكومة المصرية إبراهيم محلب، على هذه التطورات بقوله: نحمد الله بأن العملية الانتخابية مرت بشفافية منقطعة النظير وكل أجهزة الدولة التزمت حيادًا كاملا خلالها، شهد له الجميع، فأنا ضميري مرتاح. وذكر أن هناك حالة من البهجة في الشارع المصري مما تحقق حتى الآن من خطة الطريق، مضيفا: أقدر فرحة المصريين لأنهم يرغبون في عودة مصر إلى مكانتها الطبيعية، وتابع محلب “ضميري مرتاح تجاه ما فعلته من أجل بلدي”، وأنا احترم حمدين صباحي وتربطني به علاقة متميزة منذ عمله بالمقاولين العرب.
وأكد محلب أن حكومته ستتقدم باستقالتها للرئيس المنتخب؛ لأنه صاحب قرار تشكيل الحكومة الجديدة التي ستعمل معه، مضيفًا: “أن الحديث عن تكليفه بتشكيل الحكومة من قبل الرئيس المنتخب سابق لأوانه”.
ورأى المراقبون في قرار تمديد الاقتراع دليلا على ان شعبية السيسي مبالغ فيها، وقال هشام هيلر الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن لفرانس برس “على مستوى وطني، الدولة دفعت بان خارطة الطريق (التي اعلنها الجيش في اعقاب الاطاحة بمرسي) مدعومة من اغلبية الشعب المصري”، مشيرا الى خطة الحكومة لاعادة مصر لحكم رئيس منتخب.
واضاف هيلر ان الاقبال الضعيف “سيجعل الموقف الدولي لمصر صعبا”، واثار قرار تمديد الاقتراع ليوم اضافي انتقادات منظمات تراقب الانتخابات واخرى حقوقية، كما اعترض عليه المرشحان بلا جدوى امام اللجنة الانتخابية.
وانتقدت بعثة مراقبة منظمة “الديموقراطية الدولية” والتي نشرت 86 مراقبا في الانتخابات قرار تمديد التصويت ليوم اضافي معتبرة انه “يثير شكوك حول استقلال لجنة الانتخابات وحياد الحكومة ونزاهة عملية الانتخابات في مصر”، ومشيرة الى ان بعثتها في مصر لم ترصد اي معوقات تستدعي تمديد الاقتراع.
وقال رئيسها ايريك بيورنلوند ان “قرارا مثل تمديد الاقتراع ليوم اضافي يجب فقط ان يتخذ في ظروف استثنائية”، من جانبها، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش ان الانتخابات تاتي وسط حالة من “القمع السياسي” وان “استكمال المرحلة الثانية من خارطة الطريق فشل في اعطاء اي دلالات على توطيد الديموقراطية”.
وقالت سارة ليا ويتسون مديرة قسم الشرق الاوسط في بيان للمنظمة ان “الاعتقالات الجماعية للمعارضين السياسيين، سواء كانوا اسلاميين او علمانيين، اغلقت الساحة السياسية وجردت الانتخابات من معناها الحقيقي”، واضافت “الانتخابات الرئاسية لا يمكن ان تحجب القمع الوحشي المستمر على المعارضة السلمية”.
واعرب اعتبر مراقبو الاتحاد الاوروبي امس ان الانتخابات الرئاسية التي حقق فيها وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السياسي فوزا كاسحا “احترمت القانون” ولكنهم اعربوا عن اسفهم لغياب “بعض اللاعبين” من المعارضة.
وقال رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي ماريو ديفيد ان “الانتخابات الرئاسية تم تنظيمها في اطار من احترام القانون” وجرت “في هدوء” مع “عدد محدود من الانتهاكات”، التي رصدتها 150 مراقبا للبعثة انتشروا في 26 محافظة مصرية. ولكن “عدم مشاركة بعض اللاعبين” من المعارضة اعاق “مشاركة الجميع في الاقتراع”، بحسب ما اضاف ديفيد في بيان تلاه اثر مؤتمر صحفي تجنب خلاله اعطاء اجابات واضحة على اسئلة الصحفيين حول ما اذا كانت الانتخابات، التي جرت على ثلاثة ايام من 26 الى 29 مايو، اتسمت بطابع ديموقراطي ومنصف.
واكد البيان ان احترام “حريات التنظيم والتجمع والرأي مازال مثار قلق بما في ذلك في اطار هذه الانتخابات”.
لكنه اضاف ان “معارضة خريطة الطريق او البيئة التي جرى تنفيذها فيها ادت الى عدم مشاركة بعض من اللاعبين السياسيين، وهذا قوض المشاركة الكلية في الانتخابات”.
داخليا، قالت حركة 6 ابريل التي كانت من ابرز الحركات المعارضة لنظام مبارك والتي جرى حظر انشطتها قبل شهر في مؤتمر صحفي في القاهرة ان “قرار مد الانتخابات ليوم ثالث دون مبرر ما هو الا حلقة جديدة من حلقات العملية الانتخابية غير الديموقراطية التي بدأت بدعم حزب الجيش المصري لمرشح الثورة المضادة”.
من جانبه، قال حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الاخوان المسلمين في بيان على موقعه الالكتروني ان تمديد الاقتراع دليل على نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات وتشكل “صفعة جديدة لخارطة الطريق (التي اعلنت بعد) انقلاب العسكر” على مرسي في الثالث من يوليو 2013. وكانت جماعة الاخوان دعت الى مقاطعة انتخابات الرئاسة التي كان السيسي يأمل في ان تثبت عبر صناديق الاقتراع تمتعه بشعبية كاسحة وبالتالي بشرعية سياسية لا مجال للتشكيك فيها.