عودة الهدوء إلى دونيتسك الأوكرانية بينما تنتظر المدينة مصيرها

بوروشينكو يتعهد بسحق المتمردين الموالين لروسيا -

عواصم – (رويترز – د ب أ): ساد هدوء حذر شوارع دونيتسك أمس بعد أكبر معركة خلال انتفاضة للانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا وهو صراع تغير مساره بعد الفوز الساحق في الانتخابات الذي حققه زعيم مؤيد لأوروبا تعهد بسحق الانتفاضة.

وقتلت القوات الحكومية عشرات من المسلحين الانفصاليين يومي الاثنين والثلاثاء في حملة لاستعادة المطار الذي استولى عليه الانفصاليون في الصباح بعد أن انتخب الأوكرانيون بيترو بوروشينكو رئيسا للبلاد بأغلبية كبيرة.

وأعلن المسلحون الموالون لموسكو المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة عاصمة لما أطلقوا عليها جمهورية دونيتسك الشعبية المستقلة.

وبعد الحملة الحكومية امتلأت المشارح بجثث المسلحين الانفصاليين. وكانت أطراف بعضها مبتورة مما يدل على قوة الأسلحة التي استخدمت ضدهم. وكانت هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها كييف قوتها العسكرية بالكامل ضد المقاتلين بعد ضبط النفس على مدى أسابيع.

وقالت مصادر من الانفصاليين إن 50 قتلوا. وقالت الحكومة إنها لم تتكبد أي خسائر في العملية التي هاجم الطيران الأوكراني المطار خلالها ثم هبط رجال المظلات لاستعادته.

وكرر بوروشينكو وعده بإعادة سيطرة الحكومة بسرعة على المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين. وهو ملياردير وقطب في صناعة الحلويات أصبح أول أوكراني يفوز بالرئاسة من الجولة الأولى منذ عام 1991.

وقال لصحيفة بيلد الألمانية “نحن في حالة حرب في الشرق. القرم تحتلها روسيا وهناك اضطراب شديد. يجب أن نتحرك.”

وأضاف “عملية مكافحة الإرهاب بدأت أخيرا بجدية. لن نسمح لهؤلاء الإرهابيين بخطف الناس وقتلهم واحتلال المباني او تعليق العمل بالقانون. سنضع نهاية لهذه الأهوال… هناك حرب حقيقية يتعرض لها بلدنا.”

ويمثل هذا الهجوم الخاطف تحديا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي جعل من الدفاع عن الروس في أجزاء من الاتحاد السوفيتي السابق ركيزة لحكمه منذ أعلن حقه في استخدام القوة العسكرية في أوكرانيا في مارس.

وكانت موسكو قد طلبت من كييف وقف العملية العسكرية في الشرق وأعلن بوتين ايضا سحب عشرات الآلاف من الجنود الذين حشدهم على الحدود. وقال ضابط من حلف شمال الأطلسي أمس إنه تم سحب آلاف الجنود الروس ولكن لايزال عشرات الآلاف في مواقعهم.

وتقول موسكو إنها مستعدة للعمل مع بوروشينكو لكنها لا تخطط لدعوته للزيارة لإجراء محادثات. وتنفي اتهامات كييف ودول غربية بأنها وراء انتفاضة الانفصاليين.

وقال بوروشينكو “لا شك لدي أن بوتين يستطيع إنهاء القتال مستخدما نفوذه المباشر… من المؤكد أنني أريد الحديث مع بوتين وإجراء محادثات لتحقيق استقرار الوضع.”

وفي دونيتسك أغلقت بعض المتاجر وكانت الشوارع اكثر هدوءا من المعتاد.

ونظم نحو الف من عمال المناجم من منجم دونباس للفحم مظاهرة تأييدا للانفصاليين في دونيتسك أمس.

وقال الزعيم الانفصالي دينيس بوشيلين لعمال المناجم فيما حلقت مقاتلة أوكرانية في السماء “كييف لم تعد تحكمنا ولن نقبل هذا بعد الان.”

وقال فاليري الذي يعمل في منجم اباكوموفا المملوك للدولة “أريد السلام وان اتمكن من العمل وان اكسب رزقي. اريد من جنود الاحتلال ان يرحلوا وان يعودوا الى حكومتهم العسكرية في كييف.”

ودأبت روسيا ووسائل الإعلام التابعة لها التي تبث إرسالها في شرق اوكرانيا على وصف الحكومة في كييف بأنها غير شرعية ويقودها فاشيون. وتولت هذه الحكومة السلطة بعد فرار الرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش في فبراير شباط.

لكن موقف موسكو قوضه فوز بوروشينكو الكبير بالانتخابات ويبدو أن كييف اكتسبت جرأة الآن تسمح لها بالتحرك ضد الانفصاليين مع تراجع التهديد برد روسي.

في سياق ذي صلة يبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الازمة الأوكرانية خلال محادثات يجريها مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند في باريس في الخامس من يونيو في أول اجتماع له مع رئيس حكومة أو دولة غربية كبرى منذ ان ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الاوكرانية الى اراضيها. وقال الكرملين إن المحادثات ستجري في قصر الرئاسة الفرنسي “الاليزيه” في باريس عشية مراسم احياء الذكرى السنوية للنصر في الحرب العالمية الثانية في مدينة دوفيل الفرنسية.

ومن المتوقع ان يتواجد بوتين والرئيس الامريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل في دوفيل لكن مستشار السياسة الخارجية بالكرملين يوري أوشاكوف لم يشر الى حضور اي من الزعماء الاخرين محادثات باريس.

وقال أوشاكوف في افادة صحفية ان بوتين قد يتصل بزعماء آخرين أثناء وجوده في دوفيل لكن أي اجتماعات أخرى ستكون غير رسمية.

وقال عن اجتماع بوتين وأولوند “مساء الخامس من يونيو … سيجري رئيسا البلدين محادثات بشأن القضايا الدولية الاساسية والقضايا الثنائية بما فيها أزمة أوكرانيا.”

ورغم ان بوتين تحدث هاتفيا مرارا مع رؤساء دول أو حكومات أجنبية منذ نشوب الازمة الاوكرانية الا ان آخر اجتماع معروف له مع زعيم دولة غربية كان خلال دورة الالعاب الاولمبية في سوتشي.

وكانت آخر رحلة له في الخارج للاجتماع مع زعماء غربيين لبروكسل حيث أجرى محادثات مع زعماء الاتحاد الاوروبي في يناير كانون الثاني.

من جهة أخرى نقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن وزير الخارجية سيرجي لافروف قوله أمس ان الشعب الاوكراني “في الاساس يدفع الى هاوية حرب بين الاشقاء”.

وقال لافروف مجددا ان روسيا تدعو الى نهاية العمل العسكري الذي تقوم به الحكومة الاوكرانية المؤقتة ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في المناطق الشرقية كما تدعو الى الحوار.

على صعيد متصل ألغت النرويج العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس جميع أنشطتها العسكرية مع روسيا حتى نهاية العام وأرجعت ذلك القرار إلى التطورات في أوكرانيا.

وقالت وزيرة الدفاع إيناه إريكسن سورايده ” عقب الضم غير القانوني للقرم ، روسيا ساهمت في زعزعة المستقبل في أوكرانيا “.

وأضافت ” بناء على تقييم الموقف في أوكرانيا وتصرفات روسيا ، قررت الحكومة استمرار تعليق جميع الانشطة العسكرية الثنائية حتى نهاية 2014 “.

وكانت النرويج قد أعلنت في مارس الماضي أنها سوف تلغي عدة أنشطة مع روسيا شملت زيارة لرئيس البحرية الروسية كما سوف تراجع التعاون الثنائي بين الدولتين في نهاية مايو الجارى.

وتؤثر الخطوة التى تم الاعلان عنها أمس على 15 زيارة ونشاطا كان من المقرر أن يشهدها هذا العام ومن بينها زيارة قائد الجيش الروسي وإجراء مباحثات بين مسؤولي الدولتين.

وقالت وزارة الدفاع أنه مع ذلك فإن النرويج سوف تستمر في التعاون في عمليات البحث والانقاذ في البحر وأنشطة الامن الحدودي مع روسيا.

وأضافت الوزارة إن الدولتين سوف تلتزمان أيضا باتفاقية ثنائية ، يطلق عليها “الحوادث في اتفاقية البحر” وتهدف لمنع نشوب مواقف خطيرة عند عمل سفن أو طائرات عسكرية من أيا من الدولتين بالقرب من بعضها.