في أمسية احتضنها النادي الثقافي -
تغطية – ماجد الندابي -
أقام النادي الثقافي مساء أمس الأول أمسية شعرية استضاف فيها الشاعر العراقي شوقي عبدالأمير والشاعر العماني زاهر الغافري وقدمها الأديب محمد بن حبيب الرحبي، وذلك بمقر النادي بالقرم.
في بداية الأمسية استعرض الرحبي السيرة الذاتية لكلا الشاعرين قبل أن يتيح لهما المجال للتحليق بقصائدهما في سماء الشعر، بعدها عبر الشاعر زاهر الغافري عن سعادته البالغة بهذه الأمسية التي جمعته بالشاعر العراقي شوقي الذي التقى به وشكل صداقة معه منذ الثمانينات.
وألقى الغافري مجموعة من القصائد بعضها كتبها في السويد وأهداها إلى روح الفقيدة نعيمة الأنباري، ابتدأها بقصيدة الساحة التي يقول فيها:
لن تعرفَ ما الذي يَحدثُ
في “موليفونغ توريَ”
رجلٌ غاضبٌ يلوّحُ
بمنديلٍ أبيض ، حصانٌ تَطلعُ من حدوتهِ اليمنى شرارةٌ ذهبيةٌ، امرأةٌ تسعى
لأن تحتضنَ السماءَ والأرضَ كأنها قوسٌ يطيرُ بين السقوف. لنْ تجدَ هنا
جوهرةً ضائعةً بين العربات ، الدخانُ وحده يمرحُ بين الغيوم. لنْ تعرفَ
شيئاً في موليفونغ تورييَ، لأن الشيءَ واضحٌ كفاية لكنهُ سرّيٌ للغاية،
واضحٌ وسرّي لأن الحافةَ قريبةٌ جداً اليك.
انهضْ ، انهضْ وقلْ لديّ طريق سأسلكهُ عبر الغابات، عبر البحيرات
الصغيرة ، قل لدي بلدٌ ما ، مدينةٌ ما أوقريةٌ بعيدة تنتظرُ إشارةً منّي.
تنتظرُ الإشارةَ ليطلعَ منها رجلٌ يقول: بهذهِ الثيران اشتري الأفق، اشتري
الظلمةَ بنهارٍ فاسد، اشتري صرخةً من خلفِ زنزانة.
لنْ تعرفَ ما الذي
يحدثُ في موليفونغ توريَ
ولنْ تعرفَ ما الذي يحدثُ حقاً هناك .
بعدها قرأ الغافري قصيدته ” الموت أمسية موسيقية”
التي تحدث فيها عن الحالة الشعورية للمريض حيث يقول فيها:
الموت أمسية موسيقية يقول الرجل المريض، أهو ميت أم نائم في الشرفة
تحت أغطية سوداء؟ الكآبة قطن أبيض في الطريق، لكنَّ لا أحد هنا هذا
اليوم ليعزف أويرقص أمام الشرفة، لقد ذهب الجميع، خرج الموسيقيون
والضيوف وودعوا الباب والشرفة . نظروا اليك كأنك شجرة يتيمة في بستان
الليل . ينبغي أن تستيقظ الآن ، الموت أمسية موسيقية حقاً لكن عليك أن تعزف
اللحن وحدك ، اللحن الذي يليق بحياتك كأنك منسي في زقاق بارد ، كأنك جثة
مرمية في ظلام الريح.
ومن ثم قرأ قصيدة “باب مغلق”
تهربين من العائلة، لأنكِ خائفةٌ
مِنْ قِطارِ الأيام.
الأمثالُ قويَّةٌ، لكنها بلا آلهة.
يكفي أن يرفع الزمَنُ عَيناً واحدةً
لينظرَ من خلف الزجاج: لن تصنعي بهذا
حياة ولا موتاً، لن تصنعي سَاحة، تمثالاً فوق السَّاحَةِ، غُصناً صَغيراً تحت غيوم نيدالا.
أنتِ امرأةٌ بَرِّيةٌ ويُمكنكِ هذه الليلة
أن تكوني ضيفة الثلج والغابات..
أن تسمعي، وأنت واقفة فوق الجسر، صرخة
إدوارد مونك، قويَّةً، واضحةً، لكي تعرفي
أنَّ الحقيقة بابٌ مُغلق.
لهذا لن ينظر أحد إلى جمالكِ العابر
فوق البحيرة.
ومن أهدى الغافري قصيدته “مصائر لا تنتهي” إلى أحد أصدقائه من الشعراء العراقيين تحدث فيها عن حياة المنافي عند الشعراء في أوروبا”
إلى جليل حيدر
الثانية عشرة زوالاً، في ظهيرة
صيفية، سماؤها
متوجة بالغيوم، في حانة سكوير سايد،
هنا في مدينة مالمو.
عندما تضيع الأحجار الثَمينة
بين أقدام المهاجرين
وتعبر الصيحة أليمة فوق ذُرى الغابات
عندما تزمجر الريحُ أمام عري العالم.
هنا تنفتح نافذة الكلام، حنفية
صدئة صوتها
يتردد بين الأروقة.
هناك شخص ينصت إلى بلد بعيد،
مريض يسمع
ارتطام الخشب بحافة النهر، ظلال
وإشارات من رجلٍ يدخّن غليوناً كأنه أضاع البوصلة في الطريق
إلى الفردوس.
ومن ثم جاء دور الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير الذي افتتح حديثه بالشكر للنادي الثقافي على تنظيم هذه الأمسية كما شكر الشاعر حسن المطروشي الذي أصبح صديقا حقيقيا في هذه الأمسية بعد أن كان صديقا افتراضيا في عالم “الفيسبوك”
وآثر عبد الأمير أن يقرأ في البداية قصائد من الذاكرة تمثل مجموعاته الأولى حيث قرأ قصيدة “كتابة” التي يقول فيها :
السنين ترد اليك انتظار
وأنت تخبئ وجهاً …
وتظهر وجهاً…
وتكتمُ نارا
فأي الاغاني ستأويك دار
وأي الليالي،
ستطفأها قمرا.. وفنارا
اذا ما اشتهت نجمة في العراق،
اليك مزارا
كتبتَ إلى غيمة مائها للطريق،
وقد بعدت قرية
كتبت للبلاد التي احرقت فيك جذرا ودارا
كتبت لموت بعيد قناديله
وللحجرِ الصمت
للنهر أجمل موجاته
للعبور أبحارا
كتبت لوجه رياحا
لأغنية حجر
للرياح رمادا
كتبت على جسد جسدا
على جدف غابة
على كل طير نهارا.
ومن ثم قرأ قصيدة حديثة من آخر ديوان له وهو “مشاهدات لا مرئيّة” الذي اختار منه قصيدة نثرية بعنوان “الصعود إلى طور سينين.