حلم «ميسي الجزائر» فرصة كاملة

حظي عبدالمؤمن جابو بشرف إطلاق لقب «ميسي الجزائر» عليه نظرا الى متعة كروية ساحرة يصنعها، لكنه انتظر حتى السابعة والعشرين ليعلن قدومه الدولي من أعلى المنابر عندما سجل هدفا جميلا خلال فوز فريقه على كوريا الجنوبية 4-2 الأحد الماضي.

تربى عبدالمؤمن يتيما بعدما توفي والده بعد سنة على ولادته ولم ينطق بكلمة أبي، لكن اسمه كان على لسان مناصري «ثعالب الصحراء» في مواجهة اصبحوا فيها أول منتخب إفريقي في تاريخ المسابقة يسجل أربعة أهداف في مباراة واحدة.

كانت الدقيقة 38 من المواجهة التي انتظرها الجزائريون 32 عاما بعد فوزهم الأخير في مونديال أسبانيا، جالبة الحظ لجابو فأثبت انسجامه مع ياسين براهيمي وسفيان فغولي وإسلام سليماني ليعزفوا جملا فنية رائعة في بورتو اليغري.

اعتمدت عليه منتخبات الفئات العمرية منذ نعومة أظافره بفضل مراوغاته ولعبه الفني الجميل، وكان استدعاؤه الأول للمنتخب الأول بعد كأس العالم 2010 إلى لقاء ودي.

منحه المدرب عبدالحق بن شيخة الفرصة للمشاركة في بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين عام 2011 في السودان فتألق وبلغ نصف النهائي حيث خسرت بلاده أمام تونس.

لكن بعد رحيل ابن شيخة عقب هزيمة المغرب برباعية مراكش، لم يحظ جابو مع البوسني وحيد خليلودزيتش بالثقة عينها فكان يلعب دقائق قليلة بعد أن يؤكد مدرب باريس سان جرمان الفرنسي السابق أن جابو يعاني من مشكلات بدنية ما كاد يفجر أزمة بين الرجلين.

رفع راية التحدي وطالب بمنحه فرصة كاملة لمحو الصورة السيئة التي رسمها خليلودزيتش عنه فأبدع أمام سلوفينيا وديا مؤكدا استحقاقه اللعب الى جانب النجوم الكبار. بدل وحيد رأيه بعبدالمؤمن ووصفه بعد تلك المباراة بأنه «كان في القمة تكتيكيا»، وبعد تهميشه سابقا مع المنتخب، انبهر شيخ المدربين رابح سعدان بتطور مستواه «لقد كان وراء كل المحاولات الهجومية التي شنها الخضر».

ابصر عبدالمؤمن النور في سطيف، أحد اكبر المدن الجزائرية الواقعة في شمال شرق الجزائر، عام 1987 بعد جيل جزائري جبار اسقط جبروت ألمانيا الغربية في مونديال 1982 قبل أن يخرج برأس مرفوعة اثر مؤامرة مع النمسا.

ظهرت موهبته مبكرا والتحق بمدرسة وفاق سطيف، فتدرج في الفئات العمرية حتى الفريق الأول الذي كان يضم نجوما على غرار فارس فلاحي ويسعد بورحلي في 2005-2006.

في ظل كوكبة النجوم فضلت إدارة وفاق إعارته الى فريق المدينة الآخر مولودية العلمة في 2006-2007 من اجل أخذ فرصة لعب اكبر وتفجر مواهبه، فتألق في البابية لافتا أنظار أندية أخرى لكنه عاد الى وفاق.

جذب تألقه الأندية الأوروبية، فاقتنصه سيون السويسري لكنه لم يتأقلم مع الأجواء بسبب خجله فعاد بعد شهرين الى سطيف.

رغم إثبات قدرته في البداية، إلا أن ذلك لم يشفع له بخرق تشكيلة وفاق سطيف المتألق محليا وقاريا آنذاك، فأعاره الى اتحاد الحراش في 2009 -2010 في منعطف حاسم في مسيرته، فابهر الجميع بإماكانته وساهم بالعديد من الأهداف بفضل تمريراته الساحرة.

بعد موسم ونصف موسم مع الحراش عاد ابن النادي الى كنفه لموسمين جديدين حيث حقق الكثير مع «النسر الأسود» واكتسب نضجا كرويا كبيرا.

بعد اختياره افضل لاعب في الجزائر كان حذرا في الاحتراف مجددا، جرب وجهة الدوري التونسي في يونيو 2012، وبعدما اختلف عليه الترجي والإفريقي وقع مع الأخير ونال رضا جماهير النادي، بعد تأكيد رئيس وفاق أن كالياري الإيطلي وموناكو الفرنسي (آنذاك درجة) ثانية بحثا عن ضمه.

حاول الأهلي المصري إقناعه ووصلته عروض مغرية من الخليج لكن فضل البقاء مع الإفريقي والانتقال فقط الى أوروبا. عن المباراة الثالثة التي ستجمع الجزائر مع روسيا اليوم الخميس، قال جابو: إن الجزائر لن تلعب من أجل التعادل فقط وإنما للفوز بالنقاط الثلاث، وتابع «نحن نفكر في بلوغ الدور الثاني ومن الخطأ أن ندخل مباراة روسيا بنية تحقيق التعادل، بل للفوز على الرغم من أن نقطة واحدة تكفينا للتأهل لدور الـ16 بالمونديال». بعد بكاء والدته وصلواتها من سطيف، يريد جابو فرصة جديدة للتأكيد انه يستحق اللقب الممنوح له وتقديم خدمة التأهل الى الدور الثاني لأبناء بلده كي يبقى اسمه على كل شفة ولسان.