وتر .. غادرنا كحلم

شريفة بنت علي التوبية -

يحمل البشرى لأمه وأبيه، لقد نجحت بتفوق، تأخذه أمه بين أحضانها ويقول له أبوه كما وعدتك أيها البطل هديتك بانتظارك، دراجة كما كنت تحلم، دراجة سريعة وجميلة، سأسابق بها أبناء الجيران، سأسبقهم جميعا يا أبي. بارك له أبوه إقدامه وشجاعته ووصفه بالبطل الذي لا يهزم، أشعلوا في داخله فتيلة الحماس، لينطلق بدراجته الجميلة والسريعة حيث يشاء وفي غمرة فرحتهم به نسوا تعليمه كيف يقود دراجته بأمان، ونسوا تحذيره من الاقتراب من الشارع، وإخباره عن المخاطر التي من الممكن أن تحدث له. انطلق مسرعا يحمله الفرح المحلق بأجنحة الموت في دراجته الجميلة يسابق السيارات العابرة المسرعة في شارع سريع لا يرحم الصغار، يخرج الجميع على أثر صوت لفرامل سيارة قوي وصوت مدو أثار الرعب في قلوب القاطنين بالقرب من الشارع الداخلي في الحارة، مضرجا بالدماء، يستلقي بهدوء أمام دراجته وتحت عجلات سيارة كانت مسرعة، فقد طفل في حارتنا الهادئة، غادرت الفرحة بيتا كان ينعم بالفرح، مات طفل صغير على دراجته، غادرنا حلم جميل بغد أجمل على يديه، كان يحلم بصفه القادم وقبل أن ينتهي من عامه الدراسي كان يحلم بدراجته الجميلة التي أخذته إلى حيث لا عودة.

يتكرر المشهد كل يوم في شوارعنا الداخلية وأحيانا يصل الأمر بهؤلاء الصغار الدخول إلى الشوارع الرئيسية يسابقون السيارات في استعراض خطير، دون رقيب أو حسيب، فكم من المرات التي اضطر لأن أقف فيها أنتظر حتى يعبرون بدراجاتهم وكلما سألتهم أين والديكم؟ يقولون في البيت، أتساءل أي بيت يختبئ فيه الآباء مسلّمين أبناءهم للموت، متعلل البعض منهم بأنه الصيف ومن حقهم أن يلعبوا، ومن قال إنه ليس من حقهم اللعب، ولكن هل حباً منا أن نسلمهم للموت، هل ما نفعله مع أبنائنا محبة؟! أتعجب كثيراً أن يتعمدوا الإنجاب حتى يصل عدد بعضهم إلى سبعة أطفال وأكثر ويسرحونهم في الشوارع وحسب تعليل إحدى الأمهات (تخف الربشة شوية من البيت) عذر قد لا أتقبله من أم ولا أفهمه أبدا فإذا كنتم لا تتحملون (الربشة) كما قلتي، فلماذا تتعمدون الإنجاب ولماذا تكونون سببا لوجودهم وأنتم غير قادرين على تربيتهم التربية الصالحة وأنتم غير قادرين حتى على حمايتهم وحفظ أرواحهم.