العفو العام في القانون العماني

يعتبر العفو سبباً من أسباب التبرير ومانعا من موانع العقوبة، وهو بذلك يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية دون الدعوى المدنية أو الحق المتضرر بالتعويض، ويمنح العفو بمرسوم سلطاني.

يقصد بالعفو العام تنازل السلطة المختصة عن حقها في معاقبة مرتكب الجريمة، ويترتب على ذلك محو الصفة الجرمية عن الأفعال التي تم ارتكابها من لحظة صدور العفو عنها ومحو صفة التجريم في المستقبل، فإذا كانت الدعوى الجنائية لم ترفع، فلا يجوز رفعها الأمر الذي يترتب عليه عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق بحق مرتكب الجريمة المعفو عنها، أما إذا كانت الدعوى قد رُفِعت وجب على الادعاء العام إصدار أمر بمنع المحاكمة، ولا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلى القضاء وإلا وجب الحكم بعدم قبولها، كما تلتزم المحكمة أن تصدر حكمها بانقضاء الدعوى الجنائية بالعفو ولا تملك الحق في مواصلة النظر في تلك الدعوى أو القضية بما في ذلك إصدارها حكماً بالبراءة، وبعبارة أخرى يمكن القول إن العفو هو الاستثناء الوارد على نص التجريم، ولا يصدر ذلك الاستثناء إلا بقانون، أي من السلطة التي تختص باصباغ القوة القانونية على النص، وهو بذلك يزيل الصفة الإجرامية عن الفعل ويمتد ليشمل جميع المساهمين في الجريمة، ومن هنا جاءت تسميته بالعفو (العام) حيث يستفيد منه الفاعل الأصلي وبقية الشركاء عموماً وكذلك المتدخلين بسلوك تبعي وأياً كان ذلك التدخل التبعي سابق أو لاحق أو متزامن مع الفعل الأصلي. كما يمتد أثره في نفي الصفة الجرمية عن الفعل المجرّم إلى لحظة ارتكاب ذلك الفعل.

وفي العادة فإن العفو العام يصدر في الجرائم السياسية أو الجرائم التي يتم ارتكابها في الظروف السياسية، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة عدم إمكانية صدور العفو العام في الجرائم غير السياسية أو يصدر بشأن جريمة أو فعل مجرّم بعينه.

وبالتالي فإن العفو العام تعبير من السلطة المختصة عن تنازلها عن العقوبة لأسباب يترك تقديرها لتلك السلطة، لذا يمكن التعبير عن العفو بـ(الصفح) ولما كان الأمر كذلك فقد بات ضرورياً ألا يصدر ذلك العفو/الصفح إلا بقوة القانون حفاظاً على حقوق المجتمع وحتى لا تسود الفوضى ويعم عدم الاستقرار بين أفراد المجتمع الواحد.


هذا وللعفو العام شروط يجب توافرها:

1- أن يصدر العفو العام بموجب قانون، وتكون السلطة المختصة بوضع القوانين (السلطة التشريعية) هي السلطة المسؤولة عن إصدار العفو العام.

2- أن يكون العفو عاما، بمعنى أن لا يرتبط بطريقة شخصية كأن يتحدد بجرائم معينة تم ارتكابها في وقت محدد أو أن تنصرف آثار العفو العام على أشخاص محددين، فالعفو يظل عاماً قابلاً للتطبيق متى ما توافرت شروطه على أي كان.

3- يجب أن لا يمس العفو العام بحقوق الآخرين، لأن انطباقه يتحدد بالآثار الجنائية للجريمة فتتوقف به الدعوى الجنائية، أما الآثار المدنية للجريمة فهي أمور تتعلق بها حقوق الغير ولا يشملها التنازل، بمعنى أن العفو العام لا يسقط الدعوى المدنية.

4- تقتصر آثار العفو العام على الجرائم التي نص عليها قانون العفو دون أن تمتد إلى غيرها من الجرائم التي تتماثل معها أو ترتبط بها ما لم ينص قانون العفو على ذلك صراحة

5- أن تقتصر آثار العفو على الأحكام الصادرة والدعاوى القائمة في الجرائم التي صدر العفو عنها والتي تم ارتكابها قبل صدور قانون العفو إلا إذا نص القانون على موعد آخر.

وقد ورد تفصيل العفو العام في قانون الجزاء العماني والصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/97 بالآتي: مادة (65): يصدر العفو العام بمرسوم سلطاني يتخذ بعد استشارة مجلس الوزراء. يمحو العفو العام الجريمة وآثارها القانونية كما أنه يسقط كل العقوبات الأصلية والفرعية أو الإضافية المقضي بها وما يتبعها من رسوم ونفقات متوجبة للخزينة.

لا يمنح العفو العام من الحكم للمتضرر بالتعويض الذي يطلبه ولا من إنفاذ الحكم الذي يقضي بهذا التعويض.

كذلك لا يؤثر العفو العام على الغرامات والنفقات المستوفاة ولا على الأشياء المصادرة.

لا يشمل العفو العام منع الإقامة وطرد الأجنبي إلا إذا نص مرسوم العفو على ذلك صراحة.