مونديال 2014: اسبانيا بين النشوة والمخاطر

نيقوسيا, 29-5-2014 (أ ف ب) -تسعى اسبانيا في مونديال البرازيل 2014 لكرة القدم الى تحقيق رباعية اسطورية بعد تتويجها في كأس اوروبا 2008 و2012 وكأس العالم 2010، لكن انغماس ابرز لاعبيها في موسم مزدحم قد يلعب دوره السلبي حيال تحقيق هذا الحلم.

عرف الدوري الاسباني معركة طاحنة في الموسم المنصرم بين اتلتيكو مدريد وبرشلونة وريال مدريد حتى لحظاته الاخيرة وتوج الاول بلقبه، وبلغ فريقا العاصمة نهائي دوري ابطال اوروبا ونال الريال اللقب، واحرز اشبيلية لقب الدوري الاوروبي “يوروبا ليغ”، لينهي لاعبو الدولة الايبيرية موسما مرهقا قبل التفرغ لشؤون المونديال.

شددت الصحف المحلية على تأثير اصابات ظهرت مع انسحاب تياغو الكانتارا لاعب وسط بايرن ميونيخ من التشكيلة بعد حارس برشلونة فيكتور فالديس، وتقدم لاعبي “لا روخا” في السن، فشرح الفريدو ريلانيو مدير صحيفة “أس” لوكالة فرانس برس: “لقد كبر الفريق سنوات اضافية، نظرة اللاعبين لم تعد مثل قبل، العناصر الرئيسة في التشكيلة بدأت بالتراجع”، ملمحا الى لاعبي الوسط تشافي (34 عاما) وتشابي الونسو (32 عاما).

لكن في المقابل، تبقى اسبانيا الحصان الاقوى بعدما حافظ المدرب فيسنتي دل بوسكي على انجاز الراحل لويس اراغونيس، وبحال تتويجه في 2014 سيصبح اول فريق يحرز اللقب العالمي مرتين على التوالي منذ البرازيل في 1958 و1962 (فازت ايطاليا ايضا في 1934 و1938)، لكن مجموعته لن تكون سهلة مع هولندا وصيفته والباحثة عن رد دين نهائي 2010 وتشيلي الصاعدة بقوة والراغبة بدورها بالثأر من الاسبان بعد خسارتها 1-2 في الدور الاول في جنوب افريقيا 2010 بهدفي فيا وانييستا.

موضوع استمرار هيمنة اسبانيا على الكرة العالمية يشغل بال الكثيرين، لكن سلاسة اللعب بدأت تنحسر خصوصا بعد الخسارة الكبيرة في نهائي كأس القارات 2013 بثلاثية نظيفة امام البرازيل، التي قد تلتقيها اسبانيا مبكرا في الدور الثاني بحال تعثرت في الاول، فيقول بيبي رينا حارس نابولي الايطالي وليفربول الانكليزي السابق: “بالنسبة لي البرازيل هي المرشحة”.

لكن الاسبان يعولون على عدم تتويج اي من ابطال كأس القارات في النسخ الماضية، فحتى قبل 2010 تعرضوا لخسارة مفاجئة امام الولايات المتحدة صفر-2 في كأس القارات 2009.

وفي ظل هذه التساؤلات، طرح دل بوسكي تشكيلة تضم النجوم الاعتياديين مطعمة ببعض الوجوه الجديدة، فالى جانب الحارس ايكر كاسياس والمدافعين سيرخيو راموس (ريال مدريد) وجيرار بيكيه (برشلونة)، لاعبي الوسط تشافي واندريس انييستا وسيرجيو بوسكيتس وسيسك فابريغاس (برشلونة) وةتشابي الونسو (ريال مدريد) ودافيد سيلفا (مانشستر سيتي الانكليزي) وخوان ماتا (مانشستر يونايتد الانكليزي)، والمهاجمين دافيد فيا افضل هداف في تاريخ المنتخب (اتلتيكو مدريد) وفرناندو توريس (تشلسي الانكليزي)، برز اسم المجنس دييغو كوستا هداف اتلتيكو مدريد بعد نقله من العباءة البرازيلية الى صفوف بطلة العالم، بالاضافة الى الحارس البديل دافيد دي خيا (مانشستر يونايتد) والظهير دانيال كارباخال (22 عاما) الذي فضله دل بوسكي على زميله في ريال الفارو اربيلوا ولاعب الوسط اندير ايتوراسبي (25 عاما) الذي يجسد الموسم الرائع لفريقه اتلتيك بلباو ما دفع دل بوسكي الى اختياره ضمن لائحة الثلاثين.

قبل ان ترفع الكأس الذهبية الغالية في جنوب افريقيا، كان اسم اسبانيا مرادفا لاقوى منتخب في العالم غير متوج، لكن جيل الالفية الثالثة كسر الماضي المر ورفع لا روخا الى مصاف العالمية، وفي البرازيل سيشاركون لمرة عاشرة متتالية ورابعة عشرة في المونديال.

باستثناء النسخة الاخيرة، لم تكن نتائج اسبانيا في المونديال مشجعة، فحلت رابعة في 1950 وبلغت ربع نهائي 1934 و1986 و1994 و2002.

وقعت في مجموعة صعبة في التصفيات امام فرنسا، فتأهلت عن جدارة، برغم معاناتها مع التكتيكات الدفاعية ورغبة كل الفريق بتحقيق الانجازات على حسابها.


المدرب: فيسنتي دل بوسكي

قد يكون فيسنتي دل بوسكي الاكثر هدوءا في تاريخ المدربين البارعين في كرة القدم. في عصر مدربين يتنافسون بالصراخ على خط الملعب، ارتداء البدلات الفاخرة وعراضات اعلامية متهورة احيانا، لا يتحرك صاحب الشاربين عن مقاعد البدلاء كثيرا، لا يرفع صوته في المؤتمرات الصحافية ولا يدعي بانه “المدرب المميز”.

برغم كل ذلك، احرز دل بوسكي كل ما يحلم به اي مدرب في العالم من القاب، كاس العالم، كأس اوروبا، دوري ابطال اوروبا مرتين مع ريال مدريد (2000 و2002)، الدوري الاسباني (2001 و2003) وجائزة افضل مدرب في العالم في 2012، فضلا عن انجازات اخرى كلاعب عندما احرز لقب الدوري مع ريال مدريد خمس مرات في السبعينيات والكأس اربع مرات، وبحال تتويجه في البرازيل سينضم الى الايطالي فيتوريو بوتزو المدرب الوحيد الفائز مرتين وسيصبح اول مدرب يحرز ثلاثة القاب كبرى متتالية.

كانت مهمة اكمال مشوار اراغونيس الذي قاد البلاد الى لقبها الاول في 44 سنة صعبة، لكن دل بوسكي المحافظ بتكتيكه سمح بتمديد سيطرة الجيل الذهبي وعرف كيف يطوع لاعبي ريال مدريد وبرشلونة في ظل حرب طاحنة بين الناديين في 2012.

يقول عنه كاسياس الذي لعب دورا كبيرا مع تشافي في تخفيف الانشقاقات بين لاعبي ريال وبرشلونة: “لقد علمني كيف اتعايش مع النصر. حافظ على هدوئه في اصعب اللحظات كما في لحظات الاحتفال بالالقاب. ساعدنا كلاعبين وعشاق للعبة في آن. الاحترام والطبيعية صفتان تلازمانه في كل يوم”.

يضيف تشافي عن المدرب الذي منحه الملك خوان كارلوس لقب ماركي بعد مونديال 2010: “فيسنتي هو الاكثر انسانية من بين كل من اختلطت معهم في غرف الملابس”.


نجم الفريق: اندريس انييستا

يلخص اندريس انييستا اللعب الجميل، التمرير الدقيق وجيل اكاديمية “لا ماسيا” في برشلونة حيث تخرج مع زميله في خط الوسط تشافي وساهما بصناعة انجازات الفريق الكاتالوني واسبانيا.

سيبقى اندريس انييستا في قلوب الاسبان دوما بعدما حفر هدف الفوز القاتل في نهائي مونديال 2010 في مرمى هولندا قبل ثوان من ركلات الترجيح.

بعد بروز موهبته في طفولته اراد الانضمام الى ريال مدريد لكن اهله لم يقتنعوا بصوابية رحيله الى العاصمة، فانضم الى اكاديمية برشلونة بعمر الثانية عشرة وهناك بدأت قصة نجاحه.

بعد دعوته لخوض تمارين الفريق الاول بعمر السادسة عشرة، قال جوسيب غوارديولا لزميله تشافي انذاك: “انت ستدفعني الى الاعتزال، وهذا الفتى سيدفعنا كلنا للاعتزال”.

ابن مقاطعة الباسيتي الخجول يمتلك موهبة وفنيات نادرة، وصحيح ان صاحب الثلاثين سنة لم يعش افضل مواسمه في 2013-2014، لكنه يمتلك قدرة تسجيل الاهداف الحاسمة على غرار حسمه مواجهة برشلونة وتشلسي في نصف نهائي دوري الابطال 2009 التي كانت بوابة سلسلسة من الانتصارات التاريخية لبرشلونة.

احرز كل ما يشتهيه لاعبو المستديرة، بطولة اسبانيا 6 مرات، الكأس مرتين، دوري ابطال اوروبا ثلاث مرات، كأس العالم للاندية مرتين، كأس العالم 2010 وكأس اوربا مرتين، والكثير من الجوائز الفردية.

لكن فنان الوسط يحافظ على تواضعه برغم كل ذلك: “اهدافي الرئيس هي اهداف جماعية. الجوائز الفردية ليست مهمة”.

شارك انييستا مع مختلف منتخبات الفئات العمرية واحرز كأس اوروبا تحت 16 و19 سنة، واستهل مشواره الدولي في 2006 وسيشارك بالتالي في موندياله الثالث.

افضل لاعب في اوروبا 2012، كان ليخطف الكرة الذهبية لافضل لاعب في العالم من دون شك لولا هيمنة الثنائي ميسي-رونالدو.

دعم ماليا نادي طفولته الباسيتي، لكن عام 2014 لم يبتسم له بعد بسبب فقدان زوجته الحامل طفلهما الثاني في اذار/مارس الماضي.