أمواج: حديث فـي إجازة نصف السنة الدراسية

فوزي حديد –

Abuadam-ajim4135@hotmail.com –

فعلا يحتاج الطالب إلى فترة من الراحة بعد الضغوطات التي مرّ بها إبّان التحضير للامتحانات واجتياز الاختبارات، كانت الأيام تلك بالنسبة إليه أياما عصيبة، كل شيء لديه توقّف ولم يعد أمامه إلا الغوص في بطون الكتب واستحضار ما تعلّمه يوم الامتحان، وفي ذلك اليوم يكرم المرء أو يهان كما يقال، وهي في الوقت نفسه متعة قضاها الطالب وهو يتوّج ما تعلمه خلال الأشهر الأولى من السنة الدراسية في ذلك اليوم الرهيب يحمل أقلامه ويترك وراءه كتبه ودفاتره مقبلا على الامتحانات بعزيمة وإصرار نحو النجاح والتفوق في الدراسة وبناء مستقبل مشرق.

وما أن تنتهي الاختبارات، يجد الطالب نفسه في مأزق مع الوقت، لا يدري ماذا يفعل؟ قد يفرح في البداية أنه ترك الدراسة والانتظام في الصفوف كل صباح، والقيام باكرا وانتظار قدوم الحافلة لتقلّه إلى صفّه، لكنه سرعان ما يمل وينتابه الكسل والخمول وينسى ما تعلمه خلال الشهور التي مضت، وعليه أن يبدأ حياته الدراسية من جديد، وكأنه دخل المدرسة لتوّه، يسأل نفسه كل يوم ماذا أفعل؟ ماذا أقرأ؟ هل علي أن أمرح وألعب أم من واجبي الانكباب على الكتب؟

أجزم أن الأطفال وهم في هذه المرحلة يميلون إلى التخلي عن كل ما يتعلق بالمدرسة حتى الحقيبة تشكو من سوء تعامله معها في هذه الفترة الطويلة من الغياب عن المدرسة في منتصف العام الدراسي، لا يجدون مفيدا يقومون به، وقد ينجرّ بعضهم إلى اللعب في الشوارع والسهر في الليالي، والعبث بمرافق البلاد، والعيش بعيدا عن الأهل والأصدقاء خوفا من تكليفهم ببعض الأعمال، قد يقع الطالب فريسة للوقت الضائع لا يدري ماذا يفعل بالضبط؟ تختلط عليه الأمور شرقا وغربا يبحث عن شيء يقوم به فلا يجد غير اللعب والتنزه والتسكع في الشوارع ليلا ونهارا، وفي أحسن الأحوال يقيم صلواته في أوقاتها، ولكن ليس هذا ما ننشده من أطفالنا، نحن نريد أن يتربى أولادنا في معاقل التربية بتنظيم حياتهم وفق خطة مدروسة تقوم الجهة المسؤولة برسمها حفاظا على المستقبل المشرق لأبناء الغد.

إجازة نصف العام طويلة جدا فهي تفوق الشهر وتمتد من بداية يناير إلى بداية فبراير، يشعر خلالها الطالب أنه نسي ما قد تعلمه، ولم تعد تربطه علاقة صداقة مع المدرسة، يحتاج إلى من يعينه على قضاء وقته فلا يجد، فأبواه ربما مرتبطان بعمل والمجتمع برمته منشغل بما لديه من هموم ومشاغل، فمن يجلس مع هذا الطفل ليسرد له حكاية أو يقص عليه رواية؟، أو يطلب منه الاستفادة من وقته في شيء ينفعه في دورات تحسين مستواه الدراسي خاصة المواد التي يرى أنه ضعيف فيها، يحتاج إلى برامج ترفيهية تقيه من حالات الملل والاكتئاب، ولا يرى ملجأ إلا الخروج من المنزل للترويح عن النفس ولكن ما مخاطر ذلك على الطفل؟

هناك حلول عدة لهذه المسألة إما تقليل أيام الإجازة بعد الامتحانات إلى أسبوعين في أقصاها أو عشرة أيام في أدناها حتى يستعيد الطالب نشاطه وهمته والدخول في فصل جديد بنَفَس جديد يحثه على مواصلة الدرب والطريق، وفيها يشعر الطالب أن هناك من يهتم به علميا ويحرص على متابعته حتى وهو في البيت، أو أن تقوم الجهات المسؤولة في وزارة التربية والتعليم باستحداث برامج خلال نصف السنة تُكتشف عبرها المواهب التي خبّأها الزمان ولم تجد الوقت المناسب لإظهار ما لديها من قدرة على التعايش مع الواقع واكتشاف أو اختراع المثير، فكل دقيقة تمرّ على الطالب وهو في حيوية ينسى ما فعله به الزمن وهو منتظم في صفوف الدراسة سؤال نطرحه ونبتغي من ورائه اهتماما بأطفالنا خلال إجازة نصف السنة الدراسية.