الائتلاف بين المحافظين والعمال قد يكون الطريق الوحيد إلى الامام بعد انتخابات مايو، الحزبان لديهما قواسم مشتركة اكثر من المعارضين فبإمكانهما تشكيل حكومة وطنية لا تترك مجالا لأزمة دستورية ، ايان بيرل في الانتخابات العامة لسنة 1929 فاز حزب العمال بالانتخابات واصبح أكبر الأحزاب في مجلس العموم ولكن دون الأكثرية اللازمة، جمع رمزي مكدونالد حكومة أقليات مع دعم الليبراليين بما فيهم اول وزيرة في مجلس الوزراء ولكنه وجد صعوبة في السيطرة على أنصاره في محاولته لتقليص مصاريف الحكومة عندما وجدوا انفسهم في زوبعة بعد انهيار وول ستريت.
وآنذاك احتد الانقسام بين أعضاء الحكومة مع انهيار الاقتصاد وارتفاع البطالة وكانت الحكومة تعاني من عجز في الميزانية يقدر بـ 120 مليون جنيه استرليني. استقال مكدونالد عند عدم استطاعته موازنة المالية في أغسطس 1931. وبتشجيع من القصر كون حكومة ائتلافية للتعامل مع هذه الأزمة شارك فيها حزب المحافظين. وبعد شهرين انتصر هذا التآلف في الانتخابات. ولكن تكوين حكومة وطنية من حزبين مختلفين دمر سمعة مكدونالد لدى اليساريين الذين نظروا اليها كتجربة سيئة، ولكن بعد 84 عاما ومع بداية موسم الانتخابات هل نحن في موقع لنرى أن الازمات السياسية والاقتصادية ستسبب إعادة التاريخ مع حكومة ائتلافية شاملة مرة ثانية؟. الحزبان الأكثر شعبية يفقدان مكانتهما بسرعة وهذا يتزايد بسبب المشاكل الاقتصادية التي سببت استياء الجمهور فتزايد عدد الاحزاب المناوئة وتظهر نتائج الاستطلاعات إمكانية فوز العمال لكن بفارق ضئيل، هناك انعدام ثقة الجمهور في الحزب خاصة في القضايا الاقتصادية ووجود ميليباند الذي لا يحظى إلا بالقليل من الثقة. ومن جانب آخر فإن كاميرون يملك ثقة الجمهور حتى بشأن الخدمات الصحية. ومع ذلك فإن الناخبين قلقون إزاء قضايا الخدمات العامة.
الحزبان لم يستجيبا جيدا للوضع السياسي المضطرب وردة فعلهم ليوكيب وصعودها في انجلترا وصعود الحزب الوطني الاسكتلندي في اسكتلاندا يشجع المعارضين ويضر بالحزبين معا. هذه أوقات صعبة وكل شيء محتمل قبل ذهاب الناخبين للاقتراع في 7 مايو خاصة بعد نتائج الانتخابات اليونانية واحتمال حدوث أزمة في المنطقة الأوروبية لذلك فإن الاكثرية في ويستمنستر يتوقعون برلمانا معلقا.
لذلك فربما يجب على رؤساء الاحزاب بناء تآلف اكبر من التآلف الحالي. لقد سمعت من مصدر داخلي (لداوننج ستريت) -مقر رئيس الوزراء- ان هنالك احتمال تآلف بين المحافظين والديمقراطيين الاحرار والخضر، فقد قال عضو رفيع المستوى من المحافظين ان هنالك اتفاقا بين جميع الأحزاب على زيادة الضرائب وإبطاء سرعة تقليص الصرف. فهذه المجموعات الهشة قد تصبح رهينة من طرف شخص متطرف بحيث إن قضية واحدة تستطيع إسقاط الحكومة.
العمال يؤمنون باستراتيجية التمسك بالناخبين الاصليين مما قد يوصلهم إلى الفوز ومخططو المحافظين يعتقدون انهم سينجحون بسبب ضعف اد ميليباند ويجادلون انهم يستطيعون ان يكونوا الحزب الاكبر ويحكموا بالأقلية وربما تكون جميعها احلاما مليئة بنزاعات لقيادة هذا الحزب أو ذاك بعد الانتخابات. احتمال ازمة كبيرة في الدستور متوقع وربما تحتاج البلاد إلى هذا لتعيد كتابة النظام السياسي القديم منذ سنة 1929. وهذا يأتي بوقت يمتلئ العالم بعدم الاستقرار ويبدو أن قادة العمال والمحافظين يبحثون في أرض ما بعد الانتخابات، ربما يجدون أن اتفاقيات للتآلف مع المتمردين ستكون غالية وحكومة اقلية غير عملية والحل الافضل حكومة اتحاد وطني بين العمال والمحافظين ربما من يسمع هذا يقول إنها فكرة بعيدة عن الواقع خاصة أثناء معركة حملة الانتخابات إذ ستكون حرجة ومجهدة مسببة تقسيمات داخلية كما سيتزايد عدد المنسحبين مع ذلك وبرغم أن هنالك عدم توافق فإن الحزبين لديهما قواسم مشتركة فبينهما اكثر مما لديهما مع الأحزاب الاخرى خاصة في النقاط المهمة. الانتخابات تكشف عن معرفة الجمهور ثقافة وذكاء المنتخب يقرران النتيجة لما يريده الشعب، بريطانيا لم تثق بنيل كينوك في 1992، في ذلك الوقت كان يحاول جاهدا إخراج المحافظين لخمس سنوات. ولكن بحلول 2010 أراد الجمهور خروج جوردون براون ودخول كاميرون وكانوا خائفين إزاء مزاعم المحافظين بالتجديد وكان ذلك من حقهم كما ظهر من بعد والآن فإن الناخب متردد لا يريد إعطاء أي الحزبين الحكم الكامل للدولة.
انسجاما مع الجو الحالي ففي حكومة وطنية سيبقي كاميرون رئيسا للوزراء وتبقى الخزينة بيد المحافظين (تماما كما فعله العمال في 1931). وسيكون قائد العمال نائبا لرئيس الوزراء ويتولى الحزب التعليم والصحة وهكذا تتم العودة إلى خطته السابقة بشأن تدخل المؤسسات الخاصة.
بعيدا عن الشخصيات والمناصب فإن الحزبين يستطيعان مناقشة القضايا الكبيرة ويواجهان الجمهور بأن السياسة العامة لا تستطيع حل القضايا الحالية بما فيها إحداث نظام سياسي جديد وإيجاد حل عملي لإنقاذ خدمات الصحة العامة.
قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات فإن قادة الاحزاب اليومية وضعوا خلافاتهم جانبا واتفقوا على إنقاذ البلاد عندما ابدت اسكتلاندا رغبتها بالاستقلال، كان ذلك الاتفاق ضوءا صغيرا من الوحدة قبل ان يبدأوا باللعب سياسيا ثانية إنه من الممكن الآن فعل ذلك ثانية لإنقاذ بريطانيا من أزمة دستورية. وقد تكون للأفضل.