عاصم الشيدي –
assemcom@hotmail.com –
كان يمكن أن تكون جلسة وزير الإعلام أمام مجلس الشورى يوم الأربعاء الماضي أكثر سخونة وأكثر ثراء مما كانت، كان يمكن أن تطرح الكثير من الشواغل والتحديات التي تواجه الإعلام العماني والصحافة منها بشكل خاص ويواجه بها وزير الإعلام ومن بعده الحكومة ومؤسسات الدولية المعنية، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. بدت الأسئلة عادية جدا وإن علت بها الأصوات بين الحين والحين، بل إن أغلب الوقت استهلك في تكرار الأسئلة وفي طرح مواضيع ليست متعلقة بوزير الإعلام، وقضية تكرار الأسئلة مستمرة في المجلس ولم يستطع حتى الآن أن يجد لها حلا.
صحيح أن العضو الذي استعار وصف قانون المطبوعات والنشر بالسيارة موديل 1984 الذي من الصعب أن تكون صالحة للسير في عام 2015 قد أجاد وأعجبت استعارته الجميع إلا أن غير ذلك كان عاديا ومكررا. وإن لامس بعض الأعضاء قضايا إعلامية مهمة إلا أن طرحها جاء في سياق بسيط وخجول وبعيد عن الأدلة والإقناع الذي كنا «أو لأقل كنت» أنتظره كصحفي من مجلس يسمع ويقر ربما أن الإعلام العماني لم يصل إلى اليوم لمرحلة الإقناع.
قانون المطبوعات والنشر طال انتظاره، ولم يعد تأخره مبررا كل هذا الوقت، حتى لو كان العذر أنه مرتبط بمنظومة قوانين أخرى، فالإعلام متطور بشكل لحظي ونخشى أن يتجاوز القانون في اللحظة التي يصدر فيها خاصة وأننا نسمع عن القانون منذ أكثر من خمس سنوات إلا أننا لا نعرف المكان الذي وصل إليه لكن الأكيد أنه لم يصل لمجلس عمان بعد.
أكتب هذا المقال بعد أن حضرت ولأول مرة جلسة من جلسات المجلس، وتابعتها بدقة لسببين رئيسيين: الأول من أجل التغطية الإعلامية أما الثاني والأهم فمن أجل المجلس نفسه ومرحلته القادمة التي تحتاج إلى مجلس قوي، وقوة المجلس من قوة صلاحياته نعم، ولكن أيضا من قوة أعضائه، أعضائه القادرين على النقاش والجدال المبني على المنطق والحقائق والأدلة وفهم المشهد وفق مقتضيات العصر وليس وفق الأهواء الشخصية والصوت العالي الذي يراد له التغطية على ضعف المضمون ربما سطحيته.
هذه سنة الانتخابات في السلطنة وبدأت شواغلها تسيطر على المشهد من الآن وبدأت حملاتها الانتخابية وإن بطريقة غير رسمية تشتعل في المشهد المحلي، ولما كان المجلس قد أخذ جانبا من جوانب التشريع فلا بد من أن يكون المجتمع على دراية بمن ينتخب وأين يوجه صوته، وإلا سنجد أنفسنا أسرى لأعضاء يوجهون المشهد لطريق مجهول.
كانت الانتخابات منذ بدء المجلس تسيطر عليها عواطف القبيلة وفي أحيان أخرى قوة المال الذي يدير الحملات الانتخابية ولكن اليوم وبعد أن حصل المجلس على صلاحيات أكبر من تلك التي بدأت معه فإننا نحتاج إلى أعضاء متعلمين، ولا أعني هنا تعلم القراءة والكتابة.. ولكن التعليم بمعناه العصر، نريد أعضاء تكنوقراط وفق المصطلح العلمي، أعضاء مهنيين وخبراء في السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع والثقافة والتجارة وغيرها من التخصصات.. وهذا يحتاج حملة إعلامية كبيرة تقوم بها وزارة الداخلية واللجنة الإعلامية المعنية بالانتخابات لتوعية المجتمع بأهمية تجاوز تكتلات القبيلة وتحالفاتها لصالح اختيار المرشح الذي يستطيع بعلمه أن يخدم المواطن ويخدم البلد بشكل عام.
وعلى جهات الاختصاص من أجل هذا أن تراجع قرارها في إحالة الفائز في الانتخابات إلى التقاعد، لأن الكثيرين تخيفهم هذه النقطة خاصة بعد انتهاء أربع سنوات وخروج العضو من المجلس. لماذا لا يتحول التقاعد إلى إجازة بدون راتب، أو بنصف راتب طوال مدة العضوية، على اعتبار أن المكافأة التي يحصل عليها العضو مجزية وتحل محل الراتب.
فإذا كان على المجتمع أن يعي كيف يختار ومن يختار فإن على الدولة أن تهيئ أيضا سبل الطمأنينة لمستقبل المترشحين فيما لو فازوا ووصلوا المجلس.. فالكثير من المتعلمين والمتخصصين تخيفهم اليوم فكرة الخروج المبكر جدا للتقاعد.. ولا ضمانات لمرحلة ما بعد انتهاء فترة العضوية في المجلس.
كل هذه الأفكار وغيرها جالت في خاطري وأنا أحضر الجلسة النقاشية التي استضاف فيها المجلس وزير الإعلام.