على امتداد الفترة الاخيرة، تعددت وتنوعت، واتسعت ايضا الاعمال الإرهابية التي تقوم بها تنظيمات وميليشيات وجماعات، متعددة الاسماء والمشارب والتوجهات والدوافع كذلك، وعلى نحو يخلط الكثير من الاوراق، ويقحم ديننا الاسلامي الحنيف، باعتداله وتساميه، وتسامحه وحرصه على صون الحياة الانسانية وعمارة الارض، في ممارسات أقل ما توصف به انها ممارسات إرهابية، لا يمكن أن تمت للدين الاسلامي ولا لقيمه السمحة بأية صلة. ومن باريس واوروبا، إلى العراق وسوريا، ومن اليمن إلى ليبيا، ومن لبنان إلى سيناء ومدن مصرية اخرى تسعى الجماعات والميليشيات الإرهابية إلى بث الفوضى وترويع الآمنين، ومحاولة فرض الوجود واختطاف حاضر ومستقبل، دول وشعوب او مناطق، لتفرض عليها رؤاها وأفكارها المتطرفة، والتي ادت – حتى الآن على الاقل – إلى نشر الدمار والقتل وتهجير الملايين والدفع نحو تفكيك، او الاقتراب من تفكيك أكثر من دولة عربية، بكل ما يترتب على ذلك من آثار ونتائج تدفع الدول والشعوب العربية ثمنها غاليا من دماء وأرواح أبنائها، ومن تنميتها وقدرتها على تحقيق حياة كريمة لأبنائها، الآن وفي المستقبل.
ومع إدانة العملية الإرهابية الاخيرة، التي تعرضت لها مدينة العريش في سيناء المصرية، والتي راح ضحيتها عشرات الجنود والمدنيين المصريين، بيد الإجرام الآثمة، والوقوف إلى جانب مصر الشقيقة في مواجهتها لمثل هذه الأعمال الغادرة، فان اتساع وتوحش العمليات الإرهابية، سواء تلك التي تتم في دول عربية، أو تتم في دول ومناطق غير عربية، تفرض في الواقع ضرورة حشد وتضافر جهود كل الأطراف، المحبة للسلام والعاملة من اجل تحقيقه، في المنطقة وعلى امتداد العالم من أجل وضع حد لظاهرة الإرهاب، التي باتت تنشر آثارها المدمرة في كثير من الدول والمجتمعات العربية وغير العربية، وعلى نحو غير مسبوق.
ومع الوضع في الاعتبار وجود العديد من الاتفاقيات، ومحاولات التعاون والتنسيق الإقليمي والدولي، سواء لمواجهة تنظيم داعش، ومن قبله تنظيم القاعدة، إلا انه ثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن ظاهرة الإرهاب التي تستفيد مما تطرحه العولمة وثورة الاتصالات، من تطورات، تحتاج إلى ما يمكن تسميته بالمواجهة الشاملة، والشمول هنا لا يقتصر على عناصر ومكونات هذه الظاهرة الخطيرة، من تنظيمات وميليشيات وجماعات ارهابية، ولكنه يمتد ايضا إلى الوسائل والسبل التي يمكن استخدامها في هذه المواجهة الطويلة، وبما يسمح بتعدد الوسائل وتكاملها ايضا. فمن المعروف أن الوسائل الامنية أو العسكرية لن تفيد وحدها، وانه من المهم والضروري ان تكون هناك وسائل فكرية وثقافية واجتماعية، تتفاعل فيها الجوانب الدينية والإعلامية والثقافية، مع الاهتمام أكثر بشريحة الشباب، حتى يمكن حماية الشباب، وقطع الطريق على جماعات الارهاب التي تحاول استقطابه بكل السبل الممكنة، وحتى يمكن ايضا تقديم الوجه الصحيح والمعتدل والمتسامح للاسلام الحنيف ومواجهة الحملات الشرسة لتشويهه.