عواصم - وكالات
قالت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي في مقال نشر أمس إنّ نظام الهجرة في أوروبا غير صالح وإن نظام منطقة شنجن الذي يلغي الرقابة على الحدود بين دول المنطقة هوالسبب في تفاقم أزمة المهاجرين وطالبت بتشديد قواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحرية الحركة.
وكتبت ماي في صحيفة ذا صنداي تايمز قائلة إنّ نظام منطقة شنجن وبريطانيا ليست جزءًا منه أجج أزمة اللاجئين. وأضافت "هذه المآسي تفاقمت جراء النظام الأوروبي الذي يلغي الحدود كما بدأت الدول الأوروبية تدرك على نحو متزايد."
ومن جانبه، قال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية أمس إنّ المانيا وعددًا من دول الاتحاد الأوروبي لا يمكنها استيعاب حصة غير متناسبة من اللاجئين الذين يصلون إلى دول الاتحاد وإن بقية الدول الأعضاء بالاتحاد عليها تقديم المزيد.
وتتوقع ألمانيا أن يزيد عدد طالبي اللجوء إلى أربعة أمثاله ليصل إلى نحو 800 ألف هذا العام.
وقال زايبرت في مؤتمر صحفي "المانيا وبضع دول أخرى... هي من يستقبل معظم اللاجئين... مع وجود 28 دولة في الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يستمر هذا الوضع. يجب أن يكون هناك توزيع أكثر عدلا للاجئين وأن يكون هناك تضامن أكبر."
وقال رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينتسي أمس إنّ أزمة المهاجرين التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي ستدفع دول الاتحاد في نهاية الأمر إلى تبني قواعد موحدة للاجئين ووضع نهاية لتباين المعايير الخاصة باللجوء والذي أدى إلى تفاقم الأزمة.
وتدفق مئات الآلاف من اللاجئين معظمهم من إفريقيا والشرق الأوسط على أوروبا هذا العام وغامر بعضهم بعبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر أملا في العثور على مأوى في القارة الغنية. وفقد 2500 شخص على الأقل أرواحهم خلال هذه الرحلات.
وأثارت القوانين الأوروبية المتباينة والنهج المرتبك في التعامل مع طالبي اللجوء انتقادات واسعة وأقر مسؤول كبير خلال الأيام القليلة الماضية بأن الاتحاد أخفق في طريقة تعامله الجماعية مع الأزمة.
واشتكت إيطاليا -وهي نقطة وصول أساسيّة لكثير من المهاجرين- مرارا من أنّها لا تحصل على ما يكفي من المساندة من شركائها الأوروبيين كي تتمكن من التعامل مع تدفق المهاجرين لكن رينتسي أبلغ صحيفة كورييري ديلا سيرا إنّ التغيير سيحدث.
وأضاف "سيستغرق شهورًا لكن ستكون لدينا سياسة أوروبية واحدة بشأن اللجوء وليس سياسات بعدد دول الاتحاد." مشيرا إلى أنّ ارتفاع عدد الوفيات بين اللاجئين يدفع دول الاتحاد إلى التحرك لمواجهة الأزمة."وقال "حان الوقت لبدء حملة سياسية ودبلوماسية."
وردا على سؤال عمّا إذا كان الوقت قد حان للتدخل في سوريا وليبيا -اللتين تغذي الصراعات فيهما أزمة المهاجرين- قال رينتسي إنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعا إلى اجتماع للزعماء الشهر المقبل على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث المسألة لكنه لم يسهب في التفاصيل.
ومن جانب آخر، اتهم وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس دول شرق أوروبا ولا سيما المجر يوم الأحد بتبني سياسة "مخزية" تجاه اللاجئين بما يتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي.
وقال فابيوس لراديو أوروبا-1 "فيما يتعلق بكل هؤلاء الذين يطردون من بلدانهم لأسباب سياسية ينبغي أن نكون قادرين على الترحيب بهميتعين على كل دولة أن تستجيب لذلك. فرنسا وألمانيا ودول أخرى استجابت لكنني عندما أرى دولا بعينها لا تقبل هذه المجموعات فأنني أجد هذا مخزيا." وتابع قوله "في دول بعينها في شرق أوروبا يتعاملون بقسوة. المجر جزء من أوروبا التي لها قيم ونحن لا نحترم هذه القيم عندما نضع الأسيجة."
وتبني المجر وهي جزء من منطقة شنجن حيث يمكن التنقل دون الحاجة لجواز سفر سياجا على طول حدودها مع صربيا لاحتواء ما تقول إنّه خطر على أمن أوروبا ورخائها وهويتها.
وقال فابيوس "المجر لا تحترم القيم المشتركة لأوروبا لذا ينبغي أن تتناقش السلطات الأوروبيّة بشكل جدي وربما صارم مع مسؤوليها."
وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن ثلث مليون شخص عبروا البحر المتوسط حتى الآن هذا العام للوصول إلى جنوب أوروبا.
وظهرت الصعوبة في الوصول إلى سياسة مشتركة في يونيو عندما رفض زعماء بغضب مقترحا من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر يقضي بقبول حصص ملزمة لتوزيع طالبي اللجوء الذين يتدفقون على اليونان وإيطاليا.
وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في بيان مشترك يوم الأحد مع نظيريه من بريطانيا وألمانيا إنهم طلبوا عقد قمة طارئة لمناقشة الهجرة خلال الأسبوعين المقبلين. وأضاف البيان أن الوزراء الثلاثة "شددوا على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة التحدي الذي يشكله تدفق اللاجئين.
وفي الوقت الذي تكافح فيه أوروبا للتعامل مع أكبر موجة من المهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية فإن هولندا بصدد تشديد سياستها بشأن اللجوء بقطع إمدادات الغذاء والمأوى عن الأشخاص الذين لا يؤهلون كلاجئين.
وسيمنح من يفشلون في الحصول على وضع لاجئ مأوى "لأسابيع قليلة" محدودة بعد رفض طلباتهم وإذا لم يوافقوا على العودة لأوطانهم فستقوم السلطات إما بترحيلهم أو إبعادهم ليتولوا أمر أنفسهم.
واعتبارا من نوفمبر يريد الائتلاف الذي ينتمي لتيار يمين الوسط بقيادة رئيس الوزراء مارك روته - الذي يتنافس على الأصوات مع حزب خيرت فيلدرز المناهض للهجرة والذي يتمتع بشعبية كبيرة - أن يغلق 30 مأوى بها طعام وأماكن للنوم والاستحمام في الأقاليم حيث كان طالبو اللجوء يستطيعون حتى الآن الحصول على المساعدة على أساس الحاجة.
وبموجب الخطة ستقدم ست مراكز تطبق المعايير المشددة المساعدة فقط للأشخاص الذين يوافقون على الرحيل. وأدى الاقتراح إلى معركة بين الليبرالين الذين ينتمي لهم روته وحزب العمال الشريك الأصغر في الائتلاف كادت أن تطيح بالحكومة في أبريل نيسان الماضي.
وأضافت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري صوتها إلى المنتقدين للسياسة الهولندية يوم الجمعة قائلة إن الاحتياجات الأساسية للمهاجرين ينبغي أن تلبى دون شروط. وقال إيون دياكونو الذي ساعد في صياغة تقرير الأمم المتحدة "ماداموا في هولندا فينبغي أن يتمتعوا بالحد الأدنى من مستوى المعيشة.
وتواجه أوروبا أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ولقي آلاف المهاجرين حتفهم في رحلات محفوفة بالمخاطر بحرا وبرا إلى القارة الأوروبية فرارا من الحرب والفقر.
وكانت بعض الحكومات الأوروبية رفضت استقبال لاجئين وقاومت مقترحات الاتحاد الأوروبي بالموافقة على خطة موحدة لبذل المزيد للتعامل مع الأزمة التي تزيد جراء تدفق اللاجئين الفارين من الحرب والفقر في افريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
وعثر هذا الأسبوع على جثث 71 لاجئا بينهم رضيعة في النمسا داخل شاحنة تبريد مهجورة وعلى أكثر من مئة مهاجر قتلى جرفتهم المياه إلى الشاطئ في ليبيا بعد غرق قاربهم وهو في طريقه إلى أوروبا. وتدرس بعض الدول الأوروبية تعديل نظام شنجن ولكن المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي تصر على أنه ليست هناك حاجة لتغيير القواعد سواء لتطوير الإجراءات الأمنية أو لمواجهة المهاجرين.