الفتاوى – فتاوى لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

* ما قولكم في صوم الستة الأيام من شوال، هل يلزم أن تكون بعد يوم عيد الفطر مباشرة، أم لا بأس أن تؤخر مثلاً كأن يبدأ بعاشر أو قبله أو بعده؟ وهل يلزم تتابع الأيام أم يجوز الفصل؟ فإن قلتم يلزم صوم النفل في شوال بعد العيد مباشرة، فما معنى العطف بـ: <<ثم>> في الحديث: <<من صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال فكأنما صام الدهر كله>>، والقاعدة أن العطف بـ «ثم» على التراخي؟


- الحديث مطلق غير مقيد بالفورية ولا بالتتابع، لذا لا أرى حرجاً في تأخير صومها ولا في تفريقها، وليس ذلك استدلالاً بما تدل عليه «ثم» من المهلة؛ لأنها كما تأتي للمهلة الزمنية، تأتي للمهلة الرُّتبية، وهو الغالب عليها في عطف الجمل كما في قوله تعالى: { ثُمَّ لَنَحنُ أَعلَمُ بِالذِّينَ هُم أَولَى بِهَا صِلِيًّا} (سورة مريم : 70) ، مع أن علمه تعالى سابق غير مسبوق؛ لأنه علم أزلي، وقوله تعالى: { ثُمَّ نُنَجِّي الذِّينَ اتَّقَواْ} (سورة مريم : 72) ، مع أن نجاتهم كانت قبل أن يصلى غيرهم النار، وكذلك قوله تعالى: { وَلَقَد خَلَقنَاكُم ثُمَّ صَوَّرنَاكُم ثُمَّ قُلنَا لِلمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} (سورة الأعراف : 11) ، مع أن قوله للملائكة: { اسْجُدُوا لآدَمَ} (سورة الأعراف : 11)، سابق على خلقه فضلاً عن خلق ذريته، بدليل قوله تعالى: { فَإِذَا سَوَّيتُهُ وَنَفَختُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (سورة الحجر : 29) ، بل قال بعض النحويين: إن «ثم» إن عُطِفت الجمل لا تكون إلا للمهلة الرتبية، لذلك استدللت بمجرد الإطلاق لا بالمهلة المفهومة من: (ثم)، والله أعلم.


* ما قولكم فيمن تنفل بصيام ستة أيام من شوال، وفي اليوم السادس سافر وطال سفره أكثر من شهر، فماذا عليه؟


- إن كان شرع في صيام ذلك اليوم فأفطره فليبدله، وإلا فليس عليه بدل، والله أعلم.


* رجل لم يكمل صوم الستة من شوال بسبب السفر، فماذا عليه؟


- صائم النفل أمير نفسه، فإن شاء استمر على صيامه وإن شاء قطعه، ويجوز في الستة من شوال صومها غير متتابعات، والله أعلم.


* لو أراد الإنسان أن يصوم الستة الأيام من شوال، فهل يصوم من أوله أو وسطه أو آخره، وهل يصومها متتابعة أم متفرقة؟


- يجوز صومها في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره، ويجوز صومها متتابعة ومتفرقة، والله أعلم.


* نسمع بعض الناس أنهم يتشاءمون من شهر صفر ويمتنعون من الزواج فيه و ينظرون عند رغبتهم في الزواج في المنازل الفلكية زعما منهم أنها تتوقف عليها علاقتهم الزوجية؟ فما حكم الشرع في ذلك؟

- قال النبي – صلى الله عليه وسلم – «لا هامة ولا عدوى ولا صفر» فالمسلم لا يتشائم بشهر صفر، وانما هذه عادات أهل الجاهلية وكفى به ضلالا مبينا.


* ما رأيكم في الزواج بين العيدين، اذ يقول بعض الناس انه لا يجوز الزواج ولا العقد بين العيدين، والا يكون زواجا مشؤوما؟

- الامتناع عن عقد الزواج والبناء بالمرأة فيما بين عيدي الفطر والأضحى والتشاؤم من ذلك من عادات الجاهلية ومعتقداتها، وقد هدم ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم- بفعله، فقد تزوج النبي – صلى الله عليه وسلم – أحب نسائه اليه في شهر شوال وبنا بها في شهر شوال، وهي عائشة الصديقة بنت الصديق – رضي الله عنهما – وقد كانت تقول كما جاء في صحيح مسلم وغيره « تزوجنى النبي – صلى الله عليه و سلم – في شهر شوال وبنى بي في شهر شوال، وأي نسائه كانت أحضى عنده مني» وفي هذا ما يكفي المؤمن أسوة حسنة، وزجرا عن التلوث بشء من عادات أهل الجاهلية ومعتقداتها، عملا بقوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا). والله أعلم.


* ما حكم من صام تطوعاً وعليه قضاء؟


- العلماء مختلفون في ذلك، منهم من قال: «لا يصوم تطوعاً من كان عليه قضاء؛ لأن القضاء ألزم»، ومنهم من قال: «لا مانع من التطوع ممن عليه قضاء»، وهذا هو الراجح، ويدل على ذلك أن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت تؤخر قضاءها إلى شهر شعبان مراعاة لكونه ـ صلى الله عليه وسلم – يصوم غالب شهر شعبان حتى يكون صيامها موافقاً لصيامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يعقل أن تبقى عائشة ـ رضي الله عنها ـ طوال أيام العام لا تصوم تطوعاً، مع حرصها على الفضل، ومع كونها في بيت النبوة، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان كثير الصيام، وفي هذا ما يدل على جواز التطوع لمن عليه قضاء، والله أعلم.


* رجل لا يصلي طوال السنة إلا في شهر رمضان، ما قولكم فيه؟


- من ترك صلاة مكتوبة فقد برئت منه ذمة الله، كما جاء في الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وليس يغني عنه شيئاً أن يصوم رمضان ويصلي فيه، فالدين لا مساومة فيه ولا يقبله الله مجزَّءًا، وشهر رمضان إنما تمحى فيه خطايا من أناب إلى الله، لا من أصر على كبائر الإثم كترك الصلاة وغيرها من الواجبات، فإن الإصرار على الصغائر يعد من الكبائر، فكيف الإصرار على ترك ركن من أركان الإسلام، والله أعلم.


* ما قولكم في رجل صام ستة أيام من شوال ثم مرض خلالها، واضطر إلى أخذ الحقن وفحص الدم، فهل في ذلك نقض لصيامه؟


- إن لم يأكل ولم يشرب مباشرة، ولا بواسطة السقاية فلا نقض عليه بالحقن أو بأخذ الدم منه، والله أعلم.


* هل يجوز الصيام في ثاني يوم من شوال أو من منتصفه؟


- النبي صلى الله عليه وسلم يقول «من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كمن صام الدهر «، والأولى بأن يكون ـ مع اليسر ـ في اليوم الثاني ، ولكن إذا أخر الإنسان الصوم وصام الست في أثناء شهر شوال فلا مانع من ذلك ، بل أباحها بعض العلماء متفرقة وذلك بأن يصومها يوما يوما ، أو يومين يومين.