أسواق المال تتجاوز مأزق تراجع النفط.. واستقرار الذهب وصعود الدولار

مع نهاية عام 2014 –

تحليل أمل رجب –

رغم التراجع الحاد الذي ضرب أسواق المال في الأشهر الأخيرة من عام 2014 نجحت الأسهم والسندات والأوراق المالية المدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية في إنهاء العام على ارتفاع جيد إذ بلغت مكاسبها نحو 402 مليون ريال خلال العام, كما أنهت العديد من أسواق المال عام 2014 على مكاسب في حين تمكنت أسواق أخرى من تجاوز تأثيرات أزمة النفط وتقليص ما منيت به من خسائر إلى أقصى حد.

وقد أنهى المؤشر العام لسوق مسقط 2014 على تراجع بنسبة نحو 7 بالمائة مقارنة مع مستواه في نهاية عام 2013 والذي كان قد بلغ مستوى 6835 نقطة منهيا العام عند مستوى 6343 نقطة إلا أن القيمة السوقية للأسهم زادت بنسبة 2,8 بالمائة إلى 14 مليار و557 مليون ريال خلال الفترة المشار إليها.

كما حافظت قيم التداول خلال العام المنتهي على مستويات جيدة للغاية بمقدار 9,3 مليون ريال وهو مستوى قريب من مستويات 2013 التي بلغت 9,2 مليون ريال كمتوسط يومي للتداول طوال العام.

وشهد 2014 نشاطا ملحوظا في الاكتتابات الأولية وعمليات إصدار حقوق الأفضلية حيث اكتتب مستثمرو سوق مسقط للأوراق المالية في أسهم شركة المها للسيراميك، وهو الاكتتاب الذي كان الخامس الذي شهدته السوق في 2014 وسبقه إصدارات أولية وحقوق أفضلية واكتتاب خاص لخمس شركات مدرجة في السوق كان أكبرها هو بيع الحكومة لجزء من حصتها في شركة عمانتل.

وبلغت حصيلة سوق مسقط من هذه العمليات نحو 277 مليون ريال وكان الجانب الأكبر من حصيلة اكتتاب عمانتل التي وصلت إلى 204 ملايين ريال فيما تم طرح اسهم شركتي السوادي للطاقة والباطنة للطاقة بإجمالي رأسمال قدره 62.7 مليون ريال وشركة الغاز الوطنية بقيمة 7.5 مليون ريال كما قامت الشركة الوطنية للأوراق المالية باكتتاب خاص أسهم بقيمة 750 ألف ريال.

ومن جانب آخر أعلن بنك مسقط ( ميثاق للصرفة الإسلامية) خلال العام الماضي عن إصدار صكوك وفق خطة اعتمدها للسنوات القادمة بقيمة 500 مليون ريال, ليكون بذلك ثاني شركة في السلطنة تصدر صكوكا إسلامية بعد المدينة للاستثمار, وفي جانب الإصدارات الحكومية طرح البنك المركزي العماني إصدارا جديدا من سندات التنمية الحكومية بقيمة 200 مليون ريال عماني تبلغ مدة استحقاقها خمس سنوات بسعر فائدة أساسي كوبون 3 بالمائة سنويا وتستحق السداد في الخامس عشر من ديسمبر 2019م, كما سيتم دفع الفائدة المستحقة على السندات الجديدة مرتين في العام وذلك في الخامس عشر من شهر يونيو والخامس عشر من شهر ديسمبر من كل عام حتى استحقاقها في الخامس عشر من شهر ديسمبر 2019م.

وتعد الاكتتابات فرصة لدخول مستثمرين جدد في سوق مسقط وهي توفر للشركات التمويل اللازم للتوسعات كما تشجع الأفراد على الادخار وتوجيه الأموال نحو النوافذ الاستثمارية المناسبة, كما تساهم الاكتتابات الجديدة في تعزيز السوق وتحسين كفاءته.

ومن التطورات التي شهدها العام المنتهي إصدار التعديلات الجديدة على قانون رأس المال كما أن تراجع أسعار النفط كان متغيرا أدى إلى إحداث أزمة كبيرة في أسواق المال في دول مجلس التعاون وسط تراجع معنويات المستثمرين ومخاوفهم من التأثيرات المتوقعة لتراجع النفط على اقتصاديات دول المجلس, ورغم استمرار أسعار النفط مؤخرا قرب اقل مستوى في نحو ست سنوات, إلا أن الأسابيع الأخيرة من 2014 شهدت بعض المتغيرات الإيجابية التي أدت إلى إعطاء دفعة للأسواق المالية وعوضت أغلب الخسائر التي تكبدتها خلال الأزمة.

وكان أهم المتغيرات الإيجابية إعلان غالبية حكومات دول المجلس عن عدم نيتها تأجيل أي مشاريع حيوية نتيجة انخفاض النفط كما أن المملكة السعودية, أكبر الاقتصاديات في دول المجلس, أعلنت عن موازنة مالية ضخمة للعام 2015 وأعلنت المملكة أنه ستتم تغطية عجز في الميزانية قيمته 145 مليار ريال من الاحتياطات الحكومية الضخمة، ما يعني أنها ستستمر في الإنفاق الكثيف على التنمية الاقتصادية.

وعالميا كانت بورصة شنغهاي الصينية الأفضل عالميا في عام 2014 بمكاسب قاربت 53 بالمائة كما سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية مكاسب كبيرة رغم تذبذب أدائها خلال العام, وأنهت المؤشرات الثلاثة العام على مكاسب للعام الثالث على التوالي مع صعود داو جونز 7.5 بالمائة وستاندرد اند بورز 11.4 بالمائة وناسداك 13.4 بالمائة.

ومع تواصل ارتفاع الدولار الأمريكي بدعم من تعافي الاقتصاد أنهت سندات الخزانة الأمريكية العام محققة أفضل أداء سنوي منذ عام 2011 رغم بيانات مخيبة للآمال بشكل طفيف بشأن قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة وضعف أحجام التداول قبل عطلة العام الجديد وقد أذهل الصعود في عام 2014 المستثمرين الذين راهنوا على تضرر السندات مع اقتراب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) من رفع أسعار الفائدة حيث يتوقع الكثيرون أن يحدث ذلك في النصف الأول من 2015 وبلغ عائد سندات الخزانة الأمريكية القصيرة الأجل 4.95 في المائة في 2014 في حين بلغ عائد السندات الطويلة الأجل 27.23 بالمائة بحسب بيانات من باركليز, ويحمل هذا الصعود دلالات مهمة للصناديق السيادية والاحتياطية العالمية والخليجية إذ أن جانب من الاحتياطيات المالية يتم استثماره في سندات الخزانة الأمريكية التي تعد من أهم الأدوات المالية واكثرها أمانا في العالم.

ومع انتعاش الاقتصاد الأمريكي واحتمال رفع أسعار الفائدة فإن الذهب شهد عاما متذبذبا بين ارتفاع وانخفاض لكن أنهي العام على استقرار بعد ما شهده من خسائر وتراجع طوال عام 2013.

وكانت البورصة المصرية الأفضل عربيا في 2014 بمكاسب تقارب 32 بالمائة بينما كانت بورصة قطر الأفضل في دول مجلس التعاون بمكاسب تفوق 20 بالمائة وسوق الكويت الأسوأ أداء بتراجع يفوق 13 بالمائة في حين أنهى مؤشر السوق السعودية عام 2014 متراجعا بنحو 2.4 بالمائة وصعدت بورصة دبي بنحو 16 بالمائة.

ويذكر أن أزمة النفط دفعت سعر البرميل لأقل من 56 دولاراً, واتجه صوب أكبر خسارة سنوية له منذ 2008 متأثراً بضعف الطلب وتخمة المعروض، بسبب طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة ورفض منظمة أوبك خفض الإنتاج ورفضت المنظمة خفض سقف إنتاجها – 30 مليون برميل يومياً – من أجل دعم الأسعار، وظهرت العديد من التصريحات على لسان أعضاء بارزين بالمنظمة مثل وزير النفط السعودي الذي أعلن عدم نية المملكة خفض إنتاجها حتى لو وصلت الأسعار إلى 20 دولارا للبرميل.

وهبط سعر خام برنت 49 بالمائة في 2014 مع تباطؤ نمو الطلب وتوسع الولايات المتحدة في الإنتاج في الوقت الذي قررت فيه أوبك التخلي عن استراتيجية خفض الإمدادات لإبقاء سعر الخام قرب 100 دولار للبرميل مفضلة الدفاع عن حصتها بالسوق كما تعرضت أسعار الخام لضغوط اليوم مع صدور بيانات ضعيفة عن قطاع الصناعات التحويلية في الصين إذ انكمش قطاع المصانع الصيني في ديسمبر للمرة الأولى في سبعة أشهر وسجلت القراءة النهائية لمؤشر إتش.إس.بي.سي، ماركت لمديري المشتريات 49.6 وتعد الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم وأي انكماش في قطاع مصانعها قد يكون له تأثير كبير على الطلب كما أن الصين هي أكبر مستورد للنفط العماني.