لؤي بطاينة –
Lbb_65@yahoo.com –
كثر الحديث والنقاش والتحليل عن مدى قوة وقدرة ونوعية الموازنة العامة للدولة – التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي – وقدرة الحكومة في تحقيق الإيرادات المتوقعة والتي تم الإعلان عنها وخصوصاً في ظل التحدي الأكبر ألا وهو الإيرادات النفطية وسعر برميل النفط ، الذي تم احتساب إيرادت الدولة عليه ، والسعر الذي كنا نتوقعه والبالغ 75 دولارا أمريكيا ، وبنفس الوقت قُدرة الدولة على ضبط الإنفاق الذي تم الإعلان عنه وفق الموازنة العامة والالتزام به وخصوصاً أنه تم تجاوز الإنفاق العام في الموازنات الحكومية وبنسب كبيرة فاقت كل التوقعات ؛ نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتحقيق فوائض نقدية غير مسبوقة ، وللأسف لم يتم تجنيبها للمُستقبل كما أراد الكثيرون ، وإنما اتجهت الحكومة لزيادة الإنفاق لأسباب معروفة وغير معروفة، استجابة للعديد من المطالب والمُتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والمالية مما أدى إلى ما وصلنا إليه من إزدياد التحديات والحقائق.برأيي ورأي العديد من المُحللين فإن الموازنة العامة للدول لهذا العام 2015 هي موازنة تفاعليه مع الظروف وتقلبات أسعار النفط وانخفاضاته وتأثيره المُباشر على الإيرادات الحكومية ، والتي شكل النفط أكثر من 85% منها للعام 2014 والضغوط الاجتماعية والسياسية ، والأمنية التي تمر بها المنطقة بشكل عام والخليج العربي بشكل خاص، نتيجة ازدياد الضغوط الخارجية والداخلية والمالية والاقتصادية.
وللموازنة العامة العديد من المؤشرات الإيجابية منها:
1-هنالك نمو واضح في الإيرادات الجارية.
2-هنالك إصرار وتركيز على تنويع مصادر الدخل للحد من أثر التقلبات في أسعار النفط.
3 -هنالك اهتمام واضح بالتنمية المتوازنة بين المحافظات.
4 -هنالك التزام بتنشيط السوق المالي المحلي عن طريق تخصيص المزيد من الشركات الحكومية.
5- هنالك التزام بالمحافظة على معدلات النمو وعدم المساس بحاجات المواطنين.
6 – سيتم البدء بتنفيذ مشروع السكة الحديد.
وللإجابة عن التساؤل عن مدى صحة قيام الحكومة بالاستمرار في زيادة الإنفاق ، وخصوصاً أن مُعدل سعر برميل النفط خلال شهر ديسمبر لم يزد عن 62 دولارا أمريكيا وبلغ في الأسبوع الأول من هذا العام 47 دولارا أمريكيا ، وهو يُعتبر الأقل خلال الخمس سنوات الماضية.
إن المُتابع والمُحلل للإنفاق في الموازنة العامة لهذا العام يجد أن الإنفاق المالي وزيادته ستكون فقط لأغراض تنفيذ مشاريع تنموية وخدمية ، لا يوجد أي مفر من العمل على تنفيذها لأسباب عديدة ومُتعددة أهمها: أنها من مُتطلبات استكمال عملية التنمية الشاملة وخصوصاً للمناطق والمشاريع الاقتصادية والتنموية ، بالإضافة إلى استكمال منظومة العمل الاقتصادي والاستثماري والذي أدى إلى اتساع رُقعة منظومة الخدمات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ، نتيجة أيضاً لازدياد أعداد السكان مع وجود التزام مالي وأخلاقي بتنفيذ حزمة من المشاريع التنموية لمناطق مختلفة ، والتي كانت من أساسيات العام الخامس والأخير من الخطة التنموية الثامنة.
وكما هو معروف مالياً واقتصادياً بأنه لا يمكن أن نقوم بتنفيذ جزء من مشروع ما ، أو حزمة اقتصادية ما بدون العمل على الإنتهاء منه كاملاً ، للتأكد من الاستفادة منه وتشغيله اقتصادياً و تجارياً و اجتماعياً ، فعلى سبيل المثال لا يمكن أن تنتهي من حزمة من طريق ما بدون الانتهاء منه كاملاً للاستفادة من ذلك الطريق أو الميناء أو المطار.
وبرأيي فإنه كانت هنالك رسائل وإشارات وتلميحات من قبل الدولة ومن خلال الأرقام المالية ، التي احتوتها الموازنة العامة للدولة لوكالات التصنيف الائتماني والشركاء التجاريين من مؤسسات وحكومات وشركات خاصة وعامة ، تم التقاطها سريعاً ومباشرة من قبل المُحللين والاقتصاديين والمُستثمرين على اختلاف أنواعهم وجنسياتهم ومواقعهم باستمرار السلطنة وبكل ثبات وثقة وقوة مالية واقتصادية ، وأيضاً سياسية بخططها الإنمائية والاستثمارية والاقتصادية، وخصوصاً تلك المُتعلقة في قطاعات البُنية الأساسية والمشاريع الاستراتيجية والاستثمارية منها على سبيل المثال استمرار تطوير وتنفيذ المشاريع الاقتصادية والصناعية والخدمية في منطقة الدُقم الاقتصادية ، واستكمال تطوير ميناء صحار (وخصوصاً ما بعد نقل عمليات ميناء السلطان قابوس إليه) والعمل على استكمال الحزم المُتتالية لاستكمال بناء المطارات التجارية والموانىء لأن تلك المشاريع الاستراتيجية جزء هام وكبير ومُكمل للحُزم الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية ، التي تم الإعلان عنها بغرض استكمال البنى الأساسية من أجل استقطاب المزيد من المُستثمرين أفراداَ وشركات من أجل البدء باستثماراتهم وإنشاء شركاتهم ومصانعهم ، التي تم الاتفاق عليها مستفيدة ومُعتمدة على تلك البنى الأساسية ، والتي من أجلها ولأسباب أُخرى والمُتمثلة بالاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي، تم القدوم للسلطنة مُستفيدة من البيئة الاستثمارية والبنى الأساسية الحديثة التي تم تأسيسها وإنشاؤها مُستفيدة من الوفورات المالية التي تم تحقيقها طيلة السنوات الخمس الأخيرة.
إن في إعلان الموازنة العامة للدولة التزام بالثوابت والركائز الأساسية القائم عليها الاقتصاد الوطني والخطط التنموية الحكومية ، والتي من أهمها تنمية العنصر البشري وعدم المساس بحاجات المواطنين و المحافظة على مُعدلات النمو الاقتصادي وعدم التخلي عن المشاريع الإستثمارية الحيوية.
وكانت هنالك العديد من الإشارات والأمور أهمها:
1 -الاستمرار في تطوير ورفع كفاءة وإنتاجية قطاع النفط والغاز لزيادة معدلات الإنتاج.
2 – استمرار الإنفاق الاستثماري المطلوب للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي.
3 – الاستمرار في تنفيذ المشاريع الإنمائية التي تم الالتزام بها وأيضاً يجري تنفيذها في مختلف القطاعات.
4 – تنشيط السوق المالية المحلية سواء من خلال عمليات التخصيص لبعض الشركات الحكومية ، و قيام الحكومة بتمويل عجزها المتوقع في الموازنة عن طريق إصدار سندات وصكوك إسلامية طويلة الأمد.
5 – استمرار التركيز على الجوانب الاجتماعية كالصحة والتعليم والإسكان والرعاية الاجتماعية وبرامج الدعم المختلفة.
6 – الحفاظ على مستوى الدين العام عند المعدل الآمن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
7 – الاستمرار في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنفيذ البرامج المتعلقة بتطوير ورفع إنتاجيتها.
لا يوجد مجال للشك أن الدور المنوط بالحكومة في توجيه دفة الاقتصاد وإيجاد المزيد من فرص العمل للباحثين عنها والمُشاركة الحقيقية في البنية الاستثمارية والاقتصادية أصبح حملاً ثقيلاً ويجب أن يكون هُنالك شُركاء حقيقيون من القطاع الخاص الوطني للمُساعدة والإحلال.