حافظ على نظافة مدينتك

عبدالله بن سالم الشعيلي –

ashouily@ –

حفظت هذه العبارة منذ صغري والفضل في ذلك يعود إلى «بطاطس عمان» التي كانت تذيل كل كيس بطاطس بهذه العبارة مع صورة كرتونية مرفقة لطفل أو شاب عماني يرمي المخلفات في سلة المهملات، إلا أن رسالة الشركة المصنعة لتلك البطاطس التي يعشقها كل عماني ولا تخلو من أي بيت لم تصل كما يبدو إلى المواطن المخاطب بتلك العبارة فبمجرد أن ينتهي من التهامها حتى يرمي ذلك الكيس البلاستيكي في الشارع، فهي كحال نفس لغة الخطاب التي تستخدمها شركات بيع الدخان والتبغ والمحذرة من أن «التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين»، فلا العبارة المكتوبة على ظهر علبة التدخين قد ردعت المدخن عن التدخين ولا العبارة المكتوبة على ظهر كيس البطاطس قد حثت الناس على النظافة ورمي المخلفات في أماكنها المخصصة لها.العبارة أعلاه لا تعكس الحال الذي وصلت إليه مدينتنا، هي نعم نظيفة ولكن ليست بنظافة أهلها والقاطنين فيها، وانما بنظافة جيش كبير من عمال النظافة الوافدين تستأجرهم البلدية أو الوزارة لتنظيف شوارعنا وأزقتنا وشواطئنا وأماكن استجمامنا وحتى من أمام منازلنا التي تكومت أمامها علب وأكياس القمامة كسلا أو جهلا أو لا مبالاة منا بتنظيف ورمي المخلفات في الأماكن المخصصة لها في علب رمي الفضلات والمخلفات.

خلال إجازة نهاية الأسبوع المنصرم ذهبت للتريض على شاطئ البحر منذ الصباح الباكر، فهالتني كومة القمامة المتراكمة على ذلك الشاطئ التي خلفها مرتادو المقاهي والمتنزهون الليليون، وهالني أيضا أعداد عمال النظافة اللذين يقومون منذ الفجر بتنظيف تلك المنطقة كي لا يصحو سكان مسقط على أكياس وعلب البلاستيك تشوه جمال شواطئهم البكر التي يفتخرون بأنها من أجمل الشواطئ في العالم أجمع. وفي مشهد آخر في الحارة التي أقطنها، قمت بإحصاء عدد العلب والأكياس البلاستيكية والكرتونية في مسافة أقل من كيلومتر واحد فوجدت أنها تكفي لملء شاحنة صغيرة الحجم، فما بالك بباقي الأحياء والحارات والمناطق وفي عشرات الكيلومترات.بحسبة بسيطة للميزانية المخصصة لتنظيف مدينة واحدة فقط في عمان ولنأخذ العاصمة مسقط على سبيل المثال نجد أن عدد عمال النظافة يفوق الأربعة آلاف عامل وافد معززين بأكثر من 600 سائق لسيارات البلدية المختلفة ويتقاضى هؤلا العمال ما يعادل مائتي ريال في الشهر شاملا الأجر والإقامة والتذاكر وكافة المصاريف الأخرى أي أن المبلغ الشهري الذي تنفقه الحكومة على خدمات النظافة في محافظة مسقط وحدها يصل الى 920 ألف ريال شهريا أي أحد عشر مليونا و40 ألف ريال سنويا، فضلا عن خدمات أخرى تأتي مصاحبة لخدمات النظافة العامة. هذا عن الكلفة الاقتصادية لاستقدام أيد عاملة وافدة للنظافة، ناهيك عن المشاكل والأضرار الاجتماعية التي يخلفها تراكم وتكاثر تلك الأيدي العاملة الوافدة وما تخلفه من أضرار اقتصادية واجتماعية تصيب المواطن والوطن.

ولكن أين دور جوانب التوعية والإرشاد في هذا الجانب؟ أليس من الواجب على الجهات القائمة على النظافة توعية الناس بضرورة عدم رمي المخلفات والمحافظة على نظافة المكان، وتكثيف هذه الحملات في صور شتى، كي يعي المواطن الكلفة التي تتكلفها الحكومة في سبيل إبقاء عمان نظيفة وخالية من المخلفات، وضرورة اشراكه في تنظيف مدينته وبيئته ومجتمعه.