التلفزيون الألماني: عُمان قصة نجاح

سمير عواد –

هذه الأيام يفضل الألمان المكوث في منازلهم، احتماء بدفئها في موسم شتاء بارد، ولكونهم أبطال العالم في السفر والسياحة، وفرت القناة الثانية الرسمية للتلفزيون الألماني «زد دي أف» لهم، فرصة نادرة للتعرف على هدف سياحي من الطراز الأول، لكن الفيلم الذي تم عرضه تحت عنوان «أحلام الصحراء.. في بلاد السلطان» قدم لملايين المشاهدين الألمان، فكرة مسهبة عن الإنجازات الباهرة التي تحققت في سلطنة عمان، في ظل العهد الميمون لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم «حفظه الله ورعاه» وعن حب ووفاء العمانيين لجلالته. كما أوضح الفيلم تميز السلطنة في الكثير من المرافق ولاسيما السياحية. ولعل من شاهد هذا الفيلم، شعر بدفء وحنين لزيارة السلطنة، حيث انتقلت عدسة التصوير مع الفريق التلفزيوني الألماني إلى العديد من المدن والأماكن الجذابة في السلطنة، ونقلت دفء وهدوء الصحراء إلى بيوت المشاهدين الألمان. وأنا كعربي متابع للشؤون العمانية والعلاقات العربية الألمانية، شعرت بفخر واعتزاز كبيرين، وأنا أشاهد الفيلم، والمستوى الرفيع الذي وصلت إليه السلطنة، في كافة المجالات، واعتراف «جيرت أنهالت» معد الفيلم، في تصريحات خاصة، بأنه لم يسبق وأن زار بلدا بهذا الجمال، وتعرف على شعب بهذا الكرم والود.وأوضح الفيلم أن الطبيعة الخلابة في عُمان، ليست السبب الوحيد لشهرة السلطنة كواحدة من أبرز دول العالم جاذبية للسياح من أنحاء العالم، وإنما، كون السلطنة أصبحت في العهد الميمون لجلالته، دولة عصرية، فيها نظام تعليم عالي المستوى، ومساواة بين المرأة والرجل، واستقرار سياسي وأمني، على الرغم من الأزمات في دول لا تبعد بالطائرة أكثر من ساعة عن السلطنة.

وجاء في الفيلم، أن العُمانيين، يكنون الحب والوفاء لجلالة السلطان قابوس بن سعيد، المعظم «حفظه الله ورعاه» ويكنون لجلالته عميق الشكر والعرفان، لأن كل الإنجازات التي تحققت على أرضهم الطيبة، نتيجة اهتمام وعمل جلالته.

وقالت «سلمى الهاجري» التي تبلغ 42 عاماً من العمر بكل فخر: لقد حقق جلالة السلطان قابوس أحلامنا. وتعمل سلمى مع شقيقتها في شركة خاصة بهما لإنتاج الشوكولاته بنكهة عُمانية، حيث فيها طعم البخور والحلوى العُمانية وماء الورد. وهن لا يعملن في بيع الشوكولاته بالنكهة العُمانية في منطقة الخليج فحسب، بل تريدان طرق أبواب أوروبا.

وذكر الفيلم أن هذه الشركة المملوكة لامرأتين طموحتين، نموذج للشركات المنتشرة في السلطنة، حيث تشجع الحكومة الرشيدة هذه الطموحات ليسهم كل عُماني في رقي السلطنة وتعدد مواردها الاقتصادية.

لقد بدأ المستقبل في السلطنة، ففي مجال الرياضية، أوضح الفيلم علو مستوى رعاية الشباب والفتيات في المسابقات الرياضية، ولاسيما سباقات القوارب الشراعية، التي برزت فيها نساء، مثل البحارة الموهوبة «راية الحبسي» التي قالت للتلفزيون الألماني: هناك مساواة بين المرأة والرجل في بلدنا، ونحن نستغل كل فرصة لنثبت أننا لسنا أقل شأنا من الرجال. وجاء في السياق أن «راية» تحلم بأن تكون أول امرأة عربية تلف بقارب شراعي حول العالم. ودافعت بثقة عن ارتداء الحجاب وقالت بذكاء: إن ارتداء الحجاب يحميني من البرد عندما يكون الطقس بارداً ولا يصيبني ألم في الأذنين.

كما أوضح الفيلم، المستوى المتميز للبنية الأساسية في السلطنة، التي تعكس مستوى الرفاه الذي وصلته، وأشار إلى أن العُمانيين يحظون بنظام صحي عالي المستوى، وذلك بالمجان، وشبكة واسعة من الطرقات، كما يتم تمويل نظام تعليمي رفيع، ولأن العُمانيين يعرفون أن النفط والغاز قد ينضبان يوما ما، فإنهم يعملون منذ وقت في تعدد الاقتصاد والموارد ولذلك فإنهم يركزون على السياحة.

وقال «جيرت أنهالت» معد الفيلم، أن قصة عُمان التي بدأت عام 1970 بمجيء جلالة السلطان المعظم «حفظه الله ورعاه» إلى السلطة، هي قصة نجاح، وكانت قبل ذلك عبارة عن أرض يسودها الفقر وتغطيها الرمال وشوارع مرصوفة لا يزيد طولها عن عشرة كيلومترات، ومدرستان لتعليم الأطفال، وكان غذاء الناس التمر بشكل أساسي، ولم يكن معظمهم يعرف تاريخ ميلاده لعدم وجود مؤسسة لتسجيل المواليد، إلى أن جاء جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ونهض بالبلاد واليوم كما ذكر «جيرت أنهالت»، فان نحو 90 بالمائة من العُمانيين يعرفون القراءة والكتابة ويستفيدون من وجود بنية أساسية عالية المستوى وينعمون بالمساواة بين المرأة والرجل.

وأشار الفيلم إلى تركيز السلطنة على مجال السياحة، لكونه يعد بمردود كبير على موارد السلطنة في مرحلة ما بعد النفط. وتجتذب عُمان السياح من مختلف أنحاء العالم، في مرحلة، تمر دول عربية عديدة بأزمات، غير أنه ولله الحمد، تحظى عُمان بالأمن والاستقرار، حيث صرح «راشد المغيري» أن 80 بالمائة من السياح يأتون من ألمانيا. وهؤلاء يأتون للاستمتاع بشواطئ السلطنة الحالمة، والصحراء، وببرامج الترفيه المدروسة بعناية، مثل تناول القهوة العربية في الصحراء مع السكان المحليين، وركوب الجمال والسيارات على الكثب الرملية وخاصة الاستئناس بهدوء الصحراء المريح لأعصاب الأوروبيين.

وأبرز الفيلم الوثائقي الألماني تمسك العُمانيين بتقاليدهم، في نفس الوقت، حققوا مستوى عالي في نهضة وتطور السلطنة، كما أنهم كما أكد «جيرت أنهالت»، يهتمون كثيرا بتاريخ بلدهم وتقاليدهم وبالاسلام، وكما هم لا يستغنون عن الإنترنت في عصر العولمة، فإنهم لا يستغنون أيضا عن تقاليدهم وعن الصحراء.