شريفة بنت علي التوبية –
ليس هناك أجمل من حياتهما كزوجين كان زواجهما حكاية الجميع حينما اختارا لأن تكون حكاية حبهما الجميلة أكبر من قصة عابرة، وحياة تشبه الحلم في جمالها وكما كانا يحلمان كان البيت والأبناء وكل طفل من أطفالهما يحمل ملامح كلاهما، يجتهدان كثيران من أجل تلك الأسرة الصغيرة التي حاربا العالم والقبيلة من أجل أن تكون، كل ما يفعلانه من أجل تلك الأسرة من أجل الأبناء، يعمل كثيراً من أجلهم وتعمل أكثر من أجلهم أيضاً، كل فكرة وكل شعور وكل حركة وكل خطوة بل كل حديث أو حوار هو الأبناء وماذا في ذلك؟!، لا شيء سوى أنهما والدان مخلصان محبان حريصان على أن يعيش أبناؤهما حياة جميلة ومرفهة، كبر الأبناء دون أن يشعرا، ذهب كل منهم إلى حياته الخاصة واستقل ببيته الخاص بعد أن منحاه ما يكفي من كل شيء لبدء حياة لا تعب فيها، الحب والمال والثقة والتربية الصالحة، وحينما أصبح البيت فارغاً من صوت الأبناء وضحكتهم وضجيجهم داخل البيت الكبير جداً كما بدا لهما لأول مرة والفارغ جداً من الحياة كما يكتشفانه لأول مرة، كلاهما ينظر للآخر باستغراب ودهشة وغربة كبيرة وكأن لا يعرف كلاهما الآخر، اكتشفا أن المسافة بينهما أكبر بكثير مما كانا يظنان فهناك ما هو مفقود بينهما، وقد ذهب ما كان يعيشان لأجله، اكتشفا أنهما نسيا نفسيهما وأن الحياة كانت مرهونة بوجود الأبناء وأن الحب الذي راهنا عليه كثيراً لم يعد موجوداً كما كان، وأنهما ليسا سوى غريبين في بيت واحد، لا شيء يجمعهما ولا فكرة ولا حوار مشترك، وأن زهرة الحب التي زرعاها معاً منحاها لأبنائهما ورقة ورقة ونسيا في خضم التضحيات ومطبات الحياة الكثيرة أن كليهما كان يحتاج للآخر وأنهما لم يفكرا في مثل هذا اليوم وفي مثل هذه الغربة، وأن كل ما كان بينهما مجرد بيت وأبناء وشكل اجتماعي، فكم كان مؤلماً أن يبدآ من جديد لمحاولة استعادة ما فقداه بينهما بزمن متأخر ومحتاج فيه كلاهما للآخر ليكون عكازاً له في المحطة الأخيرة، جميل أن ننجح كأباء وأمهات وأن نزرع بذرة الحب في قلوب أبنائنا، ولكن الأجمل أن يقترب كلانا من الآخر استعدادًا لغد لا نملك فيه سوى تلك المحبة الحقيقية التي سكنت قلوبنا منذ اللحظة الأولى.


