النجارة و المعمار القديم يلفتان انتباه السائحين في محافظة ظفار

تعليق- عامر بن غانم الرواس –

أهم ما يلفت انتباه السائح في محافظة ظفار للمعمار الظفاري القديم ، الذي يتميز بخصوصية منفردة على مستوى الخليج العربي ، خاصة اعتماده بشكل كبير على الأخشاب النادرة والجيدة ، التي توجد في ظفار والتي تجلب من الهند ويشكلها النجار العماني بأنامله الماهرة بالشكل المناسب للبنيان والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية من الأخشاب بأنواعها المختلفة ، التي تزخر بها متاحفنا العمانية إلى يومنا هذا، ويستطيع السائح أن يطلع على هذه الأدوات الخشبية في متحف التراث القومي ومتحف أرض اللبان بمحافظة ظفار ، الذي يحتوي على الكثير من هذه المنتجات النادرة الدقيقة، أما بالنسبة للأعمال الكبيرة فهي واضحة من خلال زيارتك للمنازل القديمة في مختلف ولايات المحافظة، وعلى سبيل المثال لا الحصر ( بيت نزوى ) في ولاية مرباط أو كما يسمى ( بيت السيدوف ) نسبة إلى صاحب المنزل ، وهناك العديد من هذه المنازل التي يشار إليها بالبنان والتي تجذب السائح في محافظة ظفار.وتعتبر حرفة النجارة من المهن المهمة في الحضارة القديمة والحديثة باعتبارها من أساسيات المدينة في كل زمان ومكان ، وفي ظفار نجد أن هذه الحرفة تمارس منذ أزمنة غابرة ، حيث أبدع النجارون وتفننوا في العديد من هذه الصناعات اليدوية الخشبية ، والمنحوتات الحجرية وتم تشكيلها وتهذيبها بأسلوب فني بديع وأخضعها الحرفي لإرادته بكل دقة واتقان ؛ بدافع الرغبة في الاعتماد على ذاته في تطوير مهنته من ناحية وكسب العيش الكريم من ناحية أخرى.

وقد كانت الأسواق المحلية تعج بالكثير من هذه المصنوعات اليدوية العريقة في القدم ، ومن الشواهد الدالة على قدم هذه الحرفة وجود منحوتات حجرية وخشبية في العديد من الأماكن التاريخية ، على امتداد المنطقة بأسرها وعلى سبيل المثال لا الحصر: وجود مشغولات يدوية من الأخشاب والحجارة في أعمال النجارين من أبناء هذه المنطقة ، في كل من مناطق وأحياء صلالة ومرباط وتعود هذه الأدوات إلى فترات تاريخية مختلفة ، وهناك مطاحن الرحا الحجرية وأحواض مياه منحوتة في الصخور ويوحي بعضها بفترات ما قبل التاريخ الميلادي ، ومن أهم الصناعات الشائعة في النجارة ( الأبواب السدد والشبابيك والصناديق والأسرة والهدة وروافع المصاحف وأقتاب الجمال ولوازمها وأدوات الزراعة كالعجلة والمحاريث الخشبية).

وعلى الرغم من التطور المعماري في محافظة ظفار بفضل النهضة المباركة ، إلا أننا نجد الهوية العمانية ما زالت موجودة في البناء المعماري خاصة في تقسيم المنزل الذي ما زال يحافظ على تواجد الأسرة الواحدة في نفس المنزل بالإضافة إلى المنظر الخارجي ؛ فنجد أن هناك الكثير من المنازل تقتبس أشكالها الخارجية من هذه المنازل مما يعطيها جمالية أكثر، حيث ربطت بين الماضي القديم والحاضر الحديث.

ويبرز هناك دور النجارة على الرغم من الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة ، إلا أن بصمات الماضي العريق ما زالت على بوابات المنازل والشبابيك ، التي تجمع ما بين العصرين القديم و الحديث، وعلى الرغم من هذا التطور الكبير في مجال النجارة ، إلا أن مهارة الأيدي العمانية على الرغم من الإمكانيات البسيطة ، ما زالت بصماتها واضحة يشهد عليها التاريخ.