الميزانية الجديدة تلفت انتباه المراقبين وتؤكد على استقرار الاقتصاد الوطني

وكالة موديز: العجز لن يصل إلى الحد الذي يقوض القوة المالية للسلطنة –

كتب- زكريا فكري –

الميزانية الجديدة للدولة أزالت مخاوف الداخل والخارج على استقرار الوضع الاقتصادي في السلطنة، بل فاجأت الميزانية الجديدة عن السنة المالية 2015 العديد من المراقبين واعتبروها تحديا لكافة المخاوف والتداعيات الناجمة عن تراجع اسعار النفط، حيث ابقت الميزانية التي اعتمدها حضرة صاحب الجلالة امس الاول على مستويات الانفاق كما هي بل وزيادتها بنسبة 4.5% عن حجم الانفاق في العام الماضي. وقد افردت العديد من الصحف ووكالات الانباء امس مساحات كبيرة لنشر العديد من التحليلات والتفاصيل المتعلقة بالميزانية والتي على ما يبدو قد فاجأت الكثير من المهتمين والمختصين في هذا الشأن والذين كانوا يتوقعون الاعلان عن تقليص حجم الانفاق والاتجاه الى الاقتراض او التوسع في اصدار السندات والصكوك والضرائب ورفع الدعم الحكومي البالغ 1.1 مليار ريال بل وارجاء الترقيات ووقف كافة اوجه الصرف والانفاق المتعلقة بالجوانب الاجتماعية.. وفوجئ المختصون بأن الميزانية الجديدة لم تمس شيئا من ذلك كله بل أعلن بيان وزارة المالية انه لا مساس بمخصصات الهيئات والمؤسسات والوزارات المدنية واستمرار النهج الحكومي القائم على توفير الخدمات وتيسيرها وضمان حياة معيشية كريمة للمواطنين.

«جريدة العرب» اشارت الى هذه الملاحظة المهمة عندما افردت في عددها الصادر امس للاعلان عن الموازنة الجديدة ووصفتها بأنها تتحدى جميع المخاوف الناجمة عن تداعيات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد العماني، بل وتضمنت زيادة في الإنفاق ليصل إلى 36.7 مليار دولار (14.1 مليار ريال عماني) واذا كان العجز المتوقع في ميزانية العام الماضي قدر له 1.8 مليار ريال فان العجز المتوقع للميزانية الجديدة قد قدر له 2.5 مليار ريال وتشير الصحيفة الى ذلك قائلة: «لم ينخفض تقدير إجمالي الإيرادات العامة إلا بنسبة 1 % عن الإيرادات المعتمدة في السنة المالية الماضية، لتصل إلى 30.2 مليار دولار (11.6 مليار ريال). وبذلك يبلغ العجز المتوقع في موازنة عام 2015 نحو 6.5 مليار دولار (2.5 مليار ريال عماني) أي ما يعادل 21 % من حجم الموازنة و8 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وأبرزت وسائل الاعلام امس ما تضمنه بيان وزارة المالية حول تقدير الإيرادات الإجمالي بنحو 23.8 مليار دولار أي ما يعادل 79 % من جملة الإيرادات. وقدرت الإيرادات غير النفطية بنحو 6.4 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 21 % من إجمالي الإيرادات.

ويتوقع المراقبون أن تقوم مسقط بتأجيل تنفيذ بعض المشاريع التي تتطلب إنفاقا عاليا وليس لإنجازها مردود مباشر على الأنشطة الاقتصادية، وليس لها تأثير على السياسات الاجتماعية.

كما يمكن أن تلجأ للاقتراض الداخلي لتمويل المشاريع ذات البعد الاستثماري والعائد السريع الذي يمكن أن يسدد القروض في زمن استحقاقها.

ومن المرجح أن تتوسع في رفع الدعم الحكومي لأسعار بعض السلع والخدمات جزئيا أو كليا بالقدر الذي يوفر السيولة لمتطلبات الإنفاق العام.

إضافة إلى زيادة الضرائب على أنشطة الشركات وأرباحها وزيادة الرسوم على المعاملات التجارية والخدمات الحكومية ومختلف الأنشطة الجديدة. ويقول مراقبون إن من بين الخيارات الأخرى السحب من الاحتياطات النقدية للدولة وبيع أصول بعض الاستثمارات الداخلية والخارجية لسد العجز.

ويؤكد الخبراء أن اللجوء لتلك الإجراءات لن تكون له تبعات كبيرة تضر بالأنشطة الاقتصادية أو الأمن الاجتماعي للدولة.

تقارير سوق مسقط

وخلال استعراض الموازنة عرج بعض المراقبين الى سوق مسقط للأوراق المالية التي نجحت في تقليص خسائرها بنهاية عام 2014 بعد تأثره بانحدار أسعار النفط، وتمكنت من استعادة معظم خسائرها في نهاية العام لتغلق على انخفاض 5 % فقط عن مستويات بداية عام 2014. وقد بدأت تعاملات العام بعد الإعلان عن أرقام الموازنة بالارتفاع بنسبة 0.75 %. كما اشار المراقبون الى الامكانات السياحية للسلطنة والتي يمكنها ان تحقق او تساهم في تحقيق وفورات كبيرة من خلال تنشيط السياحة ورفع معدلاتها وقد جذبت البلاد في العام الماضي أكثر من مليوني سائح وهي تخطط لرفع ذلك العدد بشكل كبير في عام 2015.

وفيما يتعلق بتنوع مصادر الدخل سبق أن أكد الرئيس التنفيذي لصندوق الاحتياطي العام عبدالسلام المرشدي في الأسبوع الماضي أن الدولة تعمل على دعم الخيارات الاقتصادية الكافية والمصادر التمويلية البديلة لتعويض نقص الإيرادات النفطية. وأضاف أن لدى الصندوق السيادي للسلطنة استثمارات ناجحة مباشرة وغير مباشرة في مختلف دول العالم. واضاف في تصريحات نقلتها عنه وكالات الانباء: إن الصندوق الذي تبلغ أصوله 13 مليار دولار، قام بالتوسّع في شراء الأسهم المحلية خلال الأسابيع الأخيرة مع انخفاض الأسعار إلى مستويات مغرية.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد ذكرت أن سلطنة عمان من البلدان الأكثر تضررا في منطقة الخليج من تراجع أسعار النفط.

لكن الوكالة قالت إن العجز لن يصل إلى الحد الذي يقوّض القوة المالية للسلطنة.

وحول مزيد من التناول في وسائل الاعلام العالمية والاقليمية حول الميزانية الجديدة للسلطنة فقد أشارت الى أن النفقات الجارية تمثل حصة الأسد مع 68 % من النفقات العامة وتتقدم بشكل كبير على الاستثمارات (23 %) كما اوضحت، وتبقى القطاعات الاجتماعية تحتل الاولوية في موازنة الدولة. واذا كانت هناك ثمة اجراءات احترازية تتطلبها المرحلة فإن هذه الإجراءات لن يكون لها تأثير على مستوى حياة السكان او على الخدمات الاجتماعية والعمل وهي أمور ثابتة في سياسة الحكومة. وذكرت أن الدعم المقدم للسلع الاستهلاكية والخدمات الاجتماعية سيمثل 8 % من النفقات العامة في الموازنة الجديدة.