سجلته اليونسكو ضمن 5 أفلاج عمانية -
العمانية – تعتبر الأفلاج جزءا أصيلاً من نسيج الحياة الاجتماعية للمجتمع العماني منذ القدم وعلى حسب الروايات فإن تاريخ إنشاء الأفلاج في السلطنة يعود الى القرن العاشر قبل الميلاد في عصر النبي سليمان بن داوود – عليه السلام – حيث صارت هذه الأفلاج مصدرا أساسياً قامت عليه حياة المجتمع العماني ولا تزال أغلب المحافظات مرتبطة بهذا النظام.
والأفلاج من أهم الموروثات الحضارية العمانية التي تعبر عن عبقرية إنسان هذه الأرض الطيبة وقدرته على مواجهة واجتياز الصعوبات على مر العصور التاريخية، سعياَ لبناء الحضارة وإثراء التراث الإنساني العالمي.
وتتميز ولاية صور – إضافة إلى تاريخها البحري العريق – بمواقعها الخلابة في السهول والجبال، ويعتمد أهلها ولا سيما في المناطق الجبلية على مياه الأفلاج حيث يوجد بالولاية (107) أفلاج منها (45) فلجاً غيلياً و(61) فلجاً عينياً وفلج داوودي واحد، ويعتمد عليها الأهالي اعتمادا كلياً في ري مزروعاتهم، وتوزع مياهها بوضع عمود من الحديد أو الخشب يسمى محليا (النمر) وتحسب المدة الزمنية بواسطة الظل ويكون من وقت شروق الشمس حتى الغروب، أما في المساء يكون الحساب بواسطة النجوم.
وتنبع الأفلاج العينية من عين طبيعية أو مجموعة عيون تتدفق من أسفل الجبل وتنساب مياهه في قناة الفلج حتى وصولها إلى آخر المزروعات بشكل طبيعي.
أما الأفلاج الغيلية فتستمد مياهها من الجريان السطحي للوادي ويعمل له ما يعرف محليا ب (معقد) أو (مصرف) ومن ثم تنساب مياهه إلى قناة الفلج حتى “الشريعة” وهي مكان تنتهي به المزروعات.
والأفلاج الداوودية من الأفلاج العميقة وتكون تحت سطح الأرض، ويتم حفرها بعمل ثقب في سطح الأرض يسمى أيضاً (فرضه) ويحفر الثقب حتى الوصول إلى مكان تدفق المياه، ومن ثم يتم عمل شق تحت سطح الأرض حتى وصول المياه إلى “الشريعة” بشكل طبيعي.
وتشتهر ولاية صور بفلج تاريخي تم ضمه إلى قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو في يونيو عام 2006م وهو فلج “الجيلة” ويقع بقرية ”الجيلة“ الجبلية التابعة لنيابة طيوي.
ويعتبر فلج “الجيلة” من الأفلاج العينية ويتغذى من وادي شاب بنيابة طيوي وهو المصدر الرئيسي لمياه البلدة ويبلغ طول قناته (161) متراً وهي عبارة عن قناة مكشوفة تبدأ من المنبع وتنتهي بحوض تجميع المياه، وتقع بمحاذاة الجبل وعلى ارتفاع كبير.
ويمتاز هذا الفلج بأنه ينبع من منطقة صخرية صماء من صخور الحجر الجيري الثلاثي وتتميز مياهه بالنقاوة حيث تبلغ الموصلية الكهربائية للمياه (378) ميكروسيمنز/ سم فقط بينما الرقم الهيدروجيني للمياه هو(7.87) ودرجة حرارة الماء تصل إلى (29) درجة مئوية.
ولأن هذا الفلج من الأفلاج العينية فهو يتميز بثبات تدفقه طوال العام ولا يتأثر كثيراً بارتفاع وانخفاض مناسيب المياه الجوفية إذ إن متوسط تدفقه يصل إلى (044ر0) متر مكعب في الثانية.
وقامت الحكومة ممثلة بوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه بصيانة هذا الفلج من قبل شركة متخصصة في عمل الجص أو بما يسمى (الصاروج العُماني القديم) وتكثر بهذه المنطقة زراعة النخيل والرمان والحمضيات.
يقول المهندس سليمان بن حمد السنيدي مدير بلدية صور لوكالة الأنباء العمانية إن وﻻية صور حباها الله ببيئات مختلفة حيث توجد بها البيئة البحرية الساحلية والبيئة السهلية والبيئة الجبلية ويوجد بها (107) أفلاج ساهمت في تكوين قرى ومجتمعات في تلك المناطق الريفية وانقسمت تلك المناطق إلى 3 مواقع متقاربة كالقرى القريبة من وادي الفليج التي يسهل الوصول إليها وقرى أخرى تابعة لوادي بني جابر والمنقال ويوجد فيها عدد كبير من الأفلاج.
وأوضح أن الوصول إلى تلك القرى يعد سهلاً مع تنفيذ طريق “ تيمه “ وادي بني جابر والمنقال الذي سوف يساهم في الاستقرار الاجتماعي وازدهار الحياة بتلك المناطق.
وحول جهود بلدية صور في صيانة هذه الأفلاج قال السنيدي إن وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه تعمل جاهدة منذ بداية عهد النهضة المباركة على الاهتمام بهذا الموروث الاقتصادي والاجتماعي والسياحي الذي يعتبر إحدى ركائز الحياة.
كما تقوم الوزارة بالإشراف على الصيانة الدورية لها وأوضح مدير بلدية صور أن البلدية تعمل على متابعة الأفلاج والتأكد من استمرارية جريانها بشكل طبيعي.
كما قامت بصيانة بعض الأفلاج بعد تعرضها للأنواء المناخية في الفترة الماضية ومنها فلج أبومن في قرية كبدى وفلج الصيفري وفلج أبو طلقة بقرية عبات.
وأشار السنيدي إلى أن فلج “الجيلة” يعد من أهم الأفلاج في ولاية صور وتم تسجيله لدى منظمة اليونسكو ضمن (5) أفلاج عمانية مبيناً أن وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه تقوم بجهود كبيرة للمحافظة على هذا الفلج الأثري وصيانته بمواد من الجص والصاروج بما يتناسب مع المواد الأولية التي بني منها قديما حتى لا تختفي تلك المواد وتؤثر في الشكل الخارجي للفلج.