آن بنت سعيد الكندية –
Twitter: @AnnAlkindi –
إن الأدوار التقليدية ما عادت تتناسب ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، فعندما نشتكي من تعدد الجهات وعدم وجود آلية تنسيق بين الوحدات الحكومية أمرٌ مثيرٌ للشفقة. وفي عصر لا يحترم سوى المبادرين، قناصو الفرص، فإن لدينا بعض المهام والأدوار اليوم التي بحاجة لدور يشبه دور المايسترو، ومن لديه حل أفضل فيأتي به عوضا عن التذمر، أو حالة الانتقاد المزمن. لا أظن أننا بحاجة إلى التأكيد على أهمية المعرض العالمي إكسبو 2020، إذ يكفي أن الأثر الاقتصادي ما بين اليوم وحتى 2021 يُقدر بحوالي 17 مليار يورو، كما من المتوقع أن يوفر ما يزيد عن 275 ألف فرصة عمل في المنطقة وما حولها. ولقد أدركت السلطنة أهمية هذا الحدث بما رأيناه بتميز جناحها في إكسبو شنغهاي 2010. هذه المرة نحن بإزاء حدث مهم لا يبعد عنا بأكثر من بضعة مئات من الكيلومترات، ويبرز السؤال: هل أعددنا له شيئا مخالفا غير اللجان المعتادة ؟.
في مقال للكاتب سالم العبدلي بعنوان «إكسبو 2020 فرص اقتصادية واعدة» المنشور بتاريخ 11 أكتوبر 2014 بجريدة «عمان» تطرق إلى المجالات التي يمكن أن تستفيد منها السلطنة، وعلى رأسها السياحة، و6 جهات حكومية معنية، وهي كما وردت في المقال «وزارة التجارة والصناعة ووزارة السياحة ووزارة النقل والاتصالات وزارة التراث والثقافة والهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات وغرفة تجارة وصناعة عمان»، وفي الواقع يجب أن تمتد القائمة إلى أبعد من ذلك، فعلى سبيل المثال هناك شركة عمران، والطيران العماني، وشركة المطارات العمانية، وشرطة عمان السلطانية (الجهة المسؤولة عن المنافذ الحدودية وإصدار التأشيرات)، وهيئة الصناعات الحرفية ووزارة الداخلية «مكاتب المحافظين والولاة بالإضافة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وهذا في حد ذاته شيء طيب ومطلوب، ولكن هل يختلف اثنان معي في أن دور اللجان غير كافٍ للتعامل مع حدث يتوقع أن يستقطب 25 مليون شخص، و250 منظمة دولية حكومية وخاصة؟
هنا يأتي دور المايسترو، كدور قيادي وتنسيقي، يتطلب منه التنسيق التام والمتقن بين الجهات المعنية ليكّون سمفونية ناجحة بجميع المقاييس، مع فريق عمل مصغر ومتفرغ من الجهات المعنية. إن التحدي أمام هذا المايسترو يتمثل في القيام بدراسة مستفيضة لما ينبغي عمله قبل حلول 2020، ورسم استراتيجية متكاملة للإجراءات التي ينبغي اتخاذها. إنني على يقين أن هناك طاقات مبدعة في القطاع العام والشركات الحكومية غير مستغلة، فليشكل منها فريق عمل متفرغ شغله الشاغل هو: كيف تستفيد عمان من إكسبو 2020؟
إن مهمة المايسترو مع فريقه المصغر ليست بالهينة، فالمطلوب من المايسترو أن يتعدى الأفكار التقليدية لترويج السلطنة وميزاتها الفريدة، فعلى سبيل المثال وآخذين في الاعتبار تغير مفاهيم الترويج، فهناك ما يسمى بـ Preferential (صفحة تفضيلية) وهي ما يمكن أن يُعرف بالترويج الإلكتروني الذي يوفره محرك البحث جوجل بحيث تظهر السلطنة كأول اختيار في الموقع الإلكتروني الذي يظهر للباحث عند البحث عن إكسبو 2020.
هناك الكثير من المشاريع العملاقة في السلطنة التي سوف تكتمل قبل 2020، ومنها مطار مسقط الدولي، وتوسعات الطيران العماني، فهل لدينا رؤية بربط الخطوط الدولية لتنطلق من وإلى الدقم، أو مطار صحار أو رأس الحد أو محافظة مسندم بزوار إكسبو 2020؟ إن زوار إكسبو 2020 لن يبدأوا في التدفق في عام 2020 بل قبل ذلك لعمل التجهيزات اللازمة للمعرض، ومن هنا علينا أن نعرفهم ونصنفهم من حيث الفئات المهنية والعمرية لمعرفة متطلباتهم حتى تكون السلطنة هي الخيار المثالي لسياحة النخبة Niche Tourism إذا أردناها كذلك.من المعروف أن هناك ثلاثة من كل أربعة أشخاص من قارتي آسيا وإفريقيا، وهم أغلب الزوار المتوقعين لإكسبو 2020، فعلينا أن نعيد النظر في منح التأشيرات لبعض الجنسيات المتوقعة وعلى رأسها الصين. فإذا ما سيطرت الهواجس الأمنية على أهميتها والتي تخطتها دول أخرى سوف ينصرف الزوار إلى أماكن أخرى أكثر انفتاحا، علما أن مدة الإكسبو هي ستة أشهر، وهي مدة زمنية ليست بسيطة، فأين سيذهب 25 مليون زائر خلال هذه المدة؟ علينا أن نزيد عدد الغرف الفندقية، و نعيد النظر فورا في التسعيرة الفندقية التي هي بحسب الدراسة التي أعدتها جريدة الشبيبة في عام 2012 عبر الموقع السياحي المشهور Booking.Com هي الأغلى خليجيا. كما كتبت Daily Mail الصحفية البريطانية في مقال لها بتاريخ 3 مارس 2014 بعنوان أكثر الفنادق غلاء: توجه إلى مونت كارلو، ومسقط.
إن تسامحنا الديني هو أحد أهم الركائز الجاذبة للاستثمار، فالمستثمر يريد بيئة ترحب به بغض النظر عن معتقداته، كما أنه ينفر من أي بوادر لبيئة غير متسامحة، وكم نادت السلطنة عبر معارض دولية أنها مهد للتسامح؟ إن دور المايسترو استغلال كل مقومات السلطنة ووضعها في إطار واحد متناغم يضم الجهات الفاعلة.
إن مهمة المايسترو ليست فقط الاستفادة من إكسبو 2020 بل لديه مهام أخرى لذا يجب تفريغ المايسترو مع فريق العمل. فعلى سبيل المثال يجب البدء فورا في إعداد الفيديو التعريفي للجناح العماني في إكسبو ميلان 2015، علما بأن العديد من الدول قد قامت بالفعل بعرض استعداداتها لهذا الحدث الوشيك في ميلان كنوع من الترويج المبكر.
إن لجنة إكسبو 2020، إذا تم تشكيلها، فإن من أهم عوامل نجاحها هو تحديد الجهة المتبنية لها Ownership. فلنتبعد عن تشكيل الهيئات والمؤسسات بالصورة التقليدية، فهي موجودة ولله الحمد. حيث إن هذه الأدوار بحاجة إلى المايسترو ليمسك بالخيوط ويجعلها في إطار ذا معنى حسب المهمة المنوطة له أو لها. وقد كان من البديهي أن تُطرح هذه الفكرة لجهة من «الجهات المعنية» إلا أنه من المرجح أن تبقى حبيسة الأدراج. إن كل ما أرجوه هو أن يُتخذ قرار بتعيين المايسترو لمن تنطبق عليه المواصفات وفقا للمعايير المعروفة بعيدا عن المجاملات.
قد يتساءل البعض عن الصلاحيات التي يجب أن تمنح للمايسترو، وما هي الصيغة الإدارية والقانونية للعمل الذي سيقوم به؟ فإنني أقول حان الوقت أن لا نكرر أخطاءنا ونغرق في الشكليات، وآن الأوان أن نرفع سقف طموحاتنا، وأن نزيل كلمة العقبات من قاموسنا.