من أفضل أدوار مارك والبيرج: “المقامر” .. أستاذ أدب ينتهي إلى الحضيض !

تعد شحنة الإدرينالين الإضافية عنصرا حيويا هاما لاستنفار حماس الجمهور في قلب قاعات العرض المظلمة، ويعتبر فيلم “المقامر” أحدث أعمال نجم الأكشن مارك والبيرج واحدا من هذه الأعمال التي لديها القدرة على دفع شحنة إدرينالين إضافية لدى الجمهور لإثارة ما هو أبعد من حماس الجماهير داخل قاعات العرض. وبالرغم من أن الفيلم يبدأ عرضه بالتزامن مع موسم ترشيحات الأوسكار، يتوقع الكثير من النقاد ألا يحظى بالمكانة التي حققها الفيلم في معالجته للقصة الأصلية التي عرضت لأول مرة عام 1974.

يتصدى لهذه المعالجة الجديدة المخرج روبرت وايت. جدير بالذكر أن فكرة تقديم معالجة جديدة من الفيلم ظلت مطروحة للنقاش لسنوات طويلة داخل أروقة العديد من استديوهات هوليوود، ولكنها في النهاية نالت خيرا بعد طول صبر، حيث حظي الفيلم بفريق عمل متميز للغاية، فبالإضافة إلى والبرج، الذي ترشح للأوسكار كأفضل ممثل مساعد عام 2007 عن “الراحلون” وعام 2011 عن “المصارع” ، يضم فريق العمل كلا من جون جودمان والنجمة المخضرمة جيسيكا لانج، ووجوه جديدة مثل بري لارسن /25 عاما/ والتي حققت إنجازا فنيا ملحوظا في السنوات الأخيرة سواء في عالم السينما أو عالم الموسيقى.

وقد مر فيلم “المقامر” بالعديد من المراحل خلال عملية إنتاجه، بداية لكونه معالجة ثانية لفيلم قديم، ثانيا لأن مؤسسة كبيرة مثل شركة المخرج العالمي مارتن سكورسيزي كانت قد تصدت لإنتاجه في بادئ الأمر ثم تخلت عنه في النهاية، ثالثا تراجع ليوناردو دي كابريو، الذي كان المرشح الأول لبطولة الفيلم، بحكم علاقته الوثيقة بسكورسيزي حيث قدما معا أكثر من خمسة أفلام، كان آخرها “ذئب وول ستريت” والذي لم يحقق النجاح المطلوب كما يؤهل الدور نجم تيتانيك للحصول على الأوسكار، الجائزة التي أصبح مرشحها شبه المستديم خلال السنوات الماضية. وتتشابه قصة الفيلم مع المعالجة الأولى التي قدمت عام 1974: أستاذ أدب بالجامعة تتعرض حياته للدمار بالكامل بسبب إدمان لعب القمار، ويبدأ في مواجهة مواقف شديدة الخطورة بسبب تراكم الديون عليه، وحين ييأس من الحصول على المال اللازم لسداد ديونه يلجأ إلى والدته (جيسيكا لانج) وإلى تلاميذه كملاذ أخير لإنقاذه من هذه الأزمة الكارثية في حياته. يستنفد الأستاذ الجامعي هذه الوسيلة أيضا، وبدلا من سداد ديونه يواصل اللعب ومن ثم يراكم المزيد من الخسائر، ليفقد معها ما تبقى له من قيم ومبادئ أخلاقية إلى أن يصل إلى الحضيض، وبدلا من التوقف، يواصل الانجراف في دوامة الضياع. يعتبر أداء هذا الدور من أفضل ما قدم مارك والبيرج على الشاشة ويعزز من مكانته تواجد ممثل مخضرم مثل جودمان إلى جواره، والذي قدم أيضا أفضل ما عنده في هذا العمل، ليثبت مكانته كواحد من أفضل النجوم الذين قدموا أدوار الشر على الشاشة. ويبدو أن الفيلم نجح في جذب اهتمام الجمهور، ليس فقط بسبب عناصر المخاطرة التي يواجهها البطل، بل بسبب أن الاستاذ الجامعي يجد نفسه مضطرا لممارسة اللعب أمام تلميذاته دون أن يدري، ويقع في غرام بعض منهن، وهو خط درامي آخر مواز لحبكة الإثارة والأكشن. الطريف في الأمر أنه لكي يتمكن واليبرج من ملاءمة الدور، قام بإنقاص وزنه ثلاثين كيلوجراما – بالرغم من أن هذه الجهود تذهب سدى في هوليوود – وهو ما جعله يشعر بالاكتئاب والبؤس الشديد، وهو نفس الشعور الذي يسيطر على الشخصية التي يؤديها، حسب قوله، مشيرا إلى أنه يعشق تناول الطعام وممارسة الرياضة ليحتفظ بلياقته.

من ناحية أخرى، يؤكد والبيرج أن هذه الشخصية لا علاقة لها على الإطلاق بحياته الشخصية الحقيقية، موضحا “نحن نقوم بأدوار منفصلة تماما عن حياتنا العادية، أنا لا أقامر مطلقا. أراهن فقط حين أكون واثقا من الفوز في مبارة كرة سلة أو مع الأصدقاء في لعبة جولف”.

أما أكثر عناصر الشخصية إلهاما بالنسبة له فكان أداء دور أستاذ جامعي بالرغم من أنه لم يسبق له على الإطلاق دخول الجامعة ويقول : “كم كنت أتمنى استكمال دراستي الجامعية، ولكني راضٍ عن الطريق الذي اخترته لحياتي. أفكر في المستقبل في دراسة السينما بشكل أكاديمي أو نيل دبلوم في عالم الأعمال”. (د ب أ)