سُعاد بنت فايز العلوية –
أنتم..أسرة متميزة!
زرت يوما مديرية التربية والتعليم- لأول مرة- في مبناها الجديد؛ لمهمة صحفية. التقيت به في مكتبه، وبعدما أنهينا حوارنا جرفته جملة مني ليسألني: من والدك؟ أجبته: والدي هو والدي… قال: من هو؟ أخبرته: ابنة فلان..فأردف قائلا: أنتِ من المكان الفلاني؟ قلت: أجل. قال: إذن فلانة تكون أختك!!!. أومأت بالإيجاب. فعقّب قائلا: أنتم أسرة متميزة حقيقة.
ابتسمت بخبث وقلت: الحمد لله.
لأول مرة أسمع هذه العبارة ولا ينشرح صدري لها حتى أنني لم أقل له: “شكرا على الإطراء..أو هذا من ذوقك”..أو أي عبارة أخرى توحي بسعادتي لسماع عبارته.
تلقائيا أخذتني ذاكرتي لسنة دراسية عرفته فيها ربما كنت في الصف التاسع أو العاشر آن ذاك… سَنَةَ أن رُزقنا بمديرة للمدرسة أشعلت الحماس في نفوسنا طالبات ومعلمات، سَنَةَ أن كدحنا لرفع اسم مدرستنا في مصاف المدارس المتميزة. حصدنا مراكز متقدمة في تلك السنة، لم يكن ينقصنا سوى أن تقع علينا قرعة مسابقة المحافظة على النظافة..إلخ لكنها لم تكن، سَنَةَ أن سَنَّتْ مديريات التربية والتعليم تكريم الطلاب المجيدين والبارزين في الأنشطة المدرسية بترشيح من المدارس سَنَةَ أن ضَجَّ طابور الصباح بقائمة الطالبات اللواتِي نالهن التكريم..الواحدة تلو الأخرى. كانت أجواء تدعو للفخر، وكنّا مجتهدات إلى حد ملحوظ وكان لزاما على المديرية مكافأة جهدنا لا تزال الرجفة التي شعرت بها ذاك اليوم تشاغب في ذاكرتي حين طويت ورقة التكريم وقيل مدرسة انتباه.. للخلف دُر للفصول ..إلخ).
كان في داخلي شق فتاة متمردة أو على الأقل مصدومة تطرق جدار صدري من داخل جسدي، هل لي حق الاعتراض(تسائلني)؟ أجل لي الحق(أجيبها). لم أبكِ لحظتها لكني صُدمت -كيف وأنا – في تلك السنة وسابقاتها – اسمي مقرون بكل عمل تميزت به المدرسة؟ كيف وأنا كنت أمثلها أمام لجانها وزوارها وفي بعض مسابقاتها؟ كيف وهن بأضعف إيمانهن أردفن اسمي شقيقتي اللتين كانتا في أكثر تفاعلهن أكون أنا في الحدث معهن.. كم من أسبوع بأيامه بُحَّتْ حناجرنا في أداء الإذاعة المدرسية حتى إذا ما تعطل ناقل الصوت في كثير من الأحيان. كيف! ونحن نسهر نعد البرنامج نحرص على أن يكون مختلفا وبصبغة خاصة!. لم نكن نترك سوى فقرة الحديث الشريف، عدا ذلك فبجهدنا. لايزال يتردد علي شريط الذكريات وأنا أعد طقوسا خاصة فقط من أجل أن أخرج ببرنامج إذاعي متكامل بدءا من المفردة مرورا بملحقات البرنامج من مقطع تمثيلي أوشعرأو حتى مقطع معزوفة على يد جارتنا التي كانت تعي تماما ما نريد من تأثيرات، وقوفا عند عبارة الختام كيف ستكون نغمتها، وعند أي كلمة سأقف أي حرف سينال المد.
يومها اجتمعت بي إدارة المدرسة لتشرح لي الإشكال الذي حصل – دون قصد- من معلمات الأنشطة “ اسمك مدون بكل سجلات الأنشطة المدرسية، ويوم أن وجب على المعلمات ترشيح أبرز طالباتهن كانت المعلمة تقوم بإزالة اسمك من قائمتها إيمانا أنه سيرفق مع قائمة النشاط الآخر، وهكذا توالت الإزالات من جميع القوائم وتم إرسال القائمة النهائية دون الاسم ، أقنعني هذا العذر وقد يحصل فعلا، لكن ألم تلحظ إدارة المدرسة أن اسمي لم يكن مقرونا في قائمة المرشحات؟.