التشكيلية البحرينية سميرة شنو لـ مرايا:-
جمعت بين الفن وتأصيل العلم للأجيال الناشئة..
القاهرة- زينب عيسي –
إذا كانت الفنون تعيد التوازن إلى نفوسنا المرهقة فإن التعريف بها يعيد إلى الجمال بعضا من قيمه الأصيلة، والفن التشكيلي أحد هذه الروافد التي توزع البهجة داخل آلة الزمن لتبقي الأمكنة خالدة بإبداعاتها، والفنانة البحرينية سميرة شنو واحدة من صناع تلك البهجة فقد جمعت بين أكثر من فن لكونها رسامة ومتخصصة في فن الباتيك الآسيوي وتنحت من الحياة أشكالا بديعة بالإضافة إلى اشتغالها على الخزف وهي صناعة تمتد إلى التراث العربي القديم، وهي أيضا باحثة وكاتبة في مجلة الثقافة الشعرية واختصاصية مناهج وفنون جميلة بوزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين.
علي هامش مشاركتها بمؤتمر المأثورات العربية الذي عقد في القاهرة كان هذا اللقاء الذي تحدثت فيه عن فترة إقامتها بالقاهرة للدراسة ثم العودة إلى البحرين حتى أصبحت تشكيلية معروفة كما استعرضت أيضا حال التعليم العربي ومشكلاته كونها معلمة للأجيال الصاعدة تنمي فيهم حب الحياة.
تذكرت شنو البدايات قائلة: يرجع الفضل في تنمية ذائقتي الفنية إلى مصر بلدي الثاني حيث ابتعثت من قبل وزارة التربية والتعليم للدراسة في القاهرة وكانت فرحتي كبيرة آنذاك لوجودي في بلد صاحب حضارة عريقة وصار ارتباطي بالقاهرة مع البيئة التعليمية قويا رغم تخوفي من عدم الاندماج في المجتمع المصري الذي سرعان ما حولني إلى عنصر من عناصر تاريخه وحضارته الأصيلة فصرت مفردة داخل طبيعة أهله. وكانت تلك الفترة ليس للدراسة فقط بل للاطلاع والاكتشاف والتعرف على الفنون المختلفة خاصة أن القاهرة تزخر بالمتاحف والمعارف.
• كيف استفدت من تلك التجربة فيما بعد؟
أحسست بنوع من الارتباك بعد عودتي للبحرين نتيجة اختلاف المناخ والبيئة بين البلدين لكني سرعان ما انخرطت في المجتمع الفني والإبداعي وأصبح هناك خط مباشر بيني وبين الإبداع واطلعت على الكتب الجديدة في مجالات متعددة واحتككت مع فنانين من مختلف الجنسيات، وصارت علاقتي ودية مع كبار المثقفين والأساتذة مما أفادني في تحصيل المعلومة بدقة وتمعن لأنها نتاج سنوات كبيرة من الخبرة.
• تجيدين أكثر من فن في الوقت ذاته.. كيف اتسقت هذه العلاقة؟
ثمة علاقة وثيقة بين النحت والرسم قمت باستغلالها من خلال تعاملي مع الفرشاة والطين وما يرتبط بانفعالاتي الداخلية، أما إبداع الخزف فهو عالم رائع من الأشكال الموروثة التي تمنح إحساسا رائعا للفنان مثل النحت الذي يتشكل بإحساس وملامح اليد حتى يصبح جزءا من تكوين الفنان.
• تأثرت بالحركة التشكيلية بجنوب شرق آسيا من خلال إتقانك لفن الباتيك.. ما تعريفك لهذا الفن؟ ولماذا اتجهت له؟
فن الباتيك تكنيك لطريقة مختلفة من التصوير يمارسها الفنانون في الإبداع والابتكار ويستخدم فيها الشمع أو الرسم على الحرير وهي طريقة سهلة للتعبير عن الأفكار والإحساس ليس بإسقاط اللون فقط لكن عن طريق التكسير وعزل اللون واستخدامه بطريقة خاصة وتخرج منها أشكال رائعة، وقد اطلعت على فن الباتيك من خلال شقيقتي التي كانت تمارس هذا الفن وبعد تخرجي من الجامعة انصبت محاولاتي للوصول إلى أساليب جديدة في بعض المناطق في هذا المجال وجربت وبحثت عن مصادر لمتابعة هذا الفن والذي بدأ للظهور مجددا خارج جنوب شرق آسيا إلى أمريكا وأوروبا.
• هل ثمة علاقة بين التجريد وفن الباتيك؟
التجريد هو رفض التقيد بالمنظور أو الطبيعة ويستخلص منها شيئا يعبر عنه مع التركيز على إظهار الفكرة ويصور العالم المرئي لينقل عنه نموذجا مثاليا، أما الباتيك فهو عزل داخل اللوحة بمادة الشمع في مناطق لا يصل إليها اللون والتعامل معها يكون من خلال الإحساس للتفاعل مع هذه المادة وهناك قلة في البحرين أبدعوا في هذا المجال مثل الفنان عبد الجابر القطبان.
• كيف تثمنين تجربتك كمعلمة في خضم همومك الإبداعية؟
العمل بالتدريس منحني دافعا قويا للاستمرار في البحث والاطلاع خاصة المجالات التي أقوم بتدريسها مثل التصميم الزخرفي والرسم والطباعة اليدوية وكل مجال يحتاج إلى ثقافة فنية ودراسة للطرق الحديثة التي تطرأ على الساحة الفنية والتدريس منحني هذه الفرصة.
• ما رؤيتك لأهمية إدراج مواد خاصة بالتراث الشعبي في المناهج العربية؟
لا بد من العناية بجمع التراث وترجمته وهذا يحتاج إلى خطة من وزارة الثقافة والتربية والتعليم والجامعات، وقد أسهمت في وضع بعض المواد الخاصة بالتراث الشعبى في المناهج التعليمية ووجدت استجابة من الطلاب لحب التراث واحترامه، وكثير من الإعلانات التجارية تحمل بعض الحرف التقليدية فتحت مشاريع وأدت لكسب رزق للأسر البسيطة وهذا دور الإعلام، وأتمنى أن يقبل الشباب على الموروث الشعبي كواجهة حضارية، لأن التراث الشعبي والموروث الشعبي هما جوهر الحضارة وما ليس له ماض ليس له حاضر، ومن ثم ليس له مستقبل ، خاصة وأن الثقافة الشعبية العربية أصبحت معقدة أكثر مما كانت عليه في الأربعينات من القرن الماضي.
• على الجانب الواقعي.. هل هناك عوامل تعوق العملية التعليمية؟
هناك معوقات في توثيق العديد من الأدلة والشواهد التاريخية التي لم تتطرق لها العديد من البحوث وهناك بطء في البحث العلمي على المستوى العربي، ولابد من الاهتمام بهذا المجال عن طريق إفساح المجال للطلبة للدراسة خارج البلاد وهذا يتطلب دعما ماديا ومعنويا وتحويل البحوث إلى كتب ومواقع إلكترونية.


