هل تلعب البرامج التدريبية دورا في رفع كفاءة الخريجين ؟! –
استطلاع – حمد بن محمد الهاشمي –
يتخرج عدد كبير من الطلبة والطالبات العمانيين من مختلف الجامعات والكليات في السلطنة وخارجها، بمختلف التخصصات العلمية والإنسانية. البعض يتوظف مباشرة بعد التخرج، والبعض يتأخر مدة من الزمن، وكلما تأخر الخريج عن التوظيف قلت كفاءته في تخصصه، بل هناك العديد من التساؤلات تثار حول التخصصات الجامعية وعدم ارتباطها باحتياجات سوق العمل وهناك سلبيات كثيرة قد تتسبب في إحداث الفجوة بين الدراسة الجامعية وسوق العمل منها: قلة كفاءة الخريجين وعدم احتياج سوق العمل لبعض التخصصات بالإضافة إلى أن الخريج ذاته أصبح في حاجة إلى
برامج تأهيل وتدريب بعد تخرجه من الجامعة وقبل الانضمام إلى سوق العمل، من أهمها التخصصات العلمية التي يحتاج طلبتها للتدريب والتأهيل المستمر بحكم اعتمادها الكبير على الجانب العملي.
فلسفة التدريب
حول هذه الإشكالية ومحاولة إلقاء مزيد من الضوء واستنباط الحلول التقينا مع أكاديميين وخريجين أو طلاب على وشك التخرج .. في البداية
أكد الدكتور سمير محمود أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني جامعة السلطان قابوس أن فلسفة التدريب في أي بلد لابد وأن تنبع من احتياجات تدريبية فعلية في مجالات عمل محددة، بحيث تلبي البرامج التدريبية هذه تلك الاحتياجات، وتتنوع الدورات التدريبية بين التدريب في الداخل على يد خبراء ومختصين محليين أو أجانب وبين التدريب في الخارج لأخذ الخبرة الدولية أيضاً، لكن أن يتحول التدريب إلى عملية روتينية لسد بند في الميزانية، أو لمجرد الرفاهية فهذا ما يفقد التدريب قيمته وعوائده ويفقد المتدربين الحماس له.
وأشار إلى أن التدريب يصقل المهارات العملية للخريجين، ويعرض عليهم تجارب وخبرات من الواقع والممارسة، وحالات تطبيقية تسهل دمجهم في بيئات العمل إذا كانوا من الموظفين الجدد، أو تعمل على إكسابهم الثقة والمهارة إذا كانوا من القدامى.
وأضاف أنه اذا ارتبط التدريب باحتياج تدريبي فعلي وإذا تم تقديمه على يد خبراء ومختصين وبيوت خرة متخصصة في التدريب والاستشارات من تلك البيوت ذات السمعة الرفيعة، وإذا انتهج في بعض منه نهج التدريب على رأس العمل فإنه مع توافر إرادة لدى المتدربين للاستفادة، سيؤتي ثماره ولو على المدى البعيد بل وسيسهم في نقل الخبرات من جيل لجيل.
المسؤولية مشتركة
وقال: مسؤولية تدريب الخريجين مشتركة بين الجامعة التي أعدت طلابها وزودتهم بالعلوم والمعارف وهيئت لهم فرص التدريب الداخلي والخارجي بمراكزها المتخصصة خاصة مراكز خدمة المجتمع، وذلك إضافة إلى المراكز التدريبية التي تتعامل معها المؤسسات الخارجية وأصحاب الأعمال، وأضاف: لا توجد وصفة جاهزة في مجال المدة الزمنية لتدريب الخريجين، فتدريب المهندس المتخصص في أعمال الحفر والتنقيب عن البترول يختلف في طبيعته ومدته عن تدريب زميله المهندس المختص في الإنشاءات أو الهندسة الكيميائية أو العمارة الداخلية، وكلاهما يختلف عن مدة تدريب طبيب مستجد، أو صيدلي أو رجل علاقات عامة وإعلام، لكن القاعدة العامة التي يمكن أن نقبلها جزئياً هي أن سنة العمل الأولى هي سنة تدريبية تجريبية حافلة بالتحديات وبالتعلم واكتساب الخبرة، وكما أن هناك فروقا حسب التخصصات ومجالات الأعمال، وهناك فروق أيضاً حسب الأفراد، فالموارد البشرية الموهوبة المبدعة عملة نادرة وبالتالي ليس كل المتدربين أو المنخرطين في الأعمال على نفس الدرجة أو المستوى من التأهيل والاستعداد للتحصيل.
أهمية رفع الكفاءة
ويرى مشرف التوجيه المهني حمد بن علي الهاشمي بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة جنوب الشرقية أن تدريب وتأهيل الخريجين يعد من الأمور المهمة في مسيرة الفرد لإعداده الإعداد الأمثل لما يطلب منه من مهام في العمل، قد تكون جديدة عليه.
ويؤكد أن التأهيل يعرّف الخريجين على النظام العام للمؤسسة، وفلسفة المؤسسة والأخلاقيات العامة للمهنة، بالإضافة إلى صقل بعض المهارات، والتدريب على المهارات الجديدة في سوق العمل، ويعرفهم على حقوقهم وواجباتهم.
وقال: يرفع التأهيل بشكل كبير من كفاءة الخريج متى ما كان يلامس هذا التدريب المهارات المطلوبة في عمله اليومي، ومتى ما كان الإعداد والتخطيط، وتقديم هذا التدريب بشكل صحيح وبشكل علمي.
ويعتقد الهاشمي أن الجهات الواجب عليها عمل برامج تدريبية هي مؤسسات التي يتوقع للخريج العمل بها، وذلك حسب احتياجات كل مؤسسة من المهارات الواجب توفيرها في الموظف.
ويرى أن فترات تدريب الخريجين يجب أن تكون على فترات مختلفة، فترات في بداية تعيين الخريج في المؤسسة، كذلك بعد مباشرة العمل يحتاج الخريج لتعلم بعض المهارات، حيث إن هذه الفترة تكون قابليته للتعلم أقوى لأنها نابغة من احتياج الميدان.
ويضيف أن البرامج التأهيلية تختلف عن التدريب؛ فالتأهيل يكون للتعليم على اكتساب برامج جديدة أو مستحدثة، أما التدريب فيغلب عليه الجانب العلمي، وكل ذلك يكون وفق احتياجات الخريج في الدرجة الأولى وكذلك حاجة المؤسسة.
الارتقاء بالمهارات
ويعتقد محمد بن علي البدري -باحث عن عمل- أن تأهيل وتدريب الخريجين خطوة إيجابية قبل التحاق الخريجين بسوق العمل؛ وذلك للارتقاء بالمهارات المتوفرة لدى هؤلاء الخريجين، بحيث تصبح عملية إشراكهم في سوق العمل أكثر انسيابية وفعالة.
وأكد أن التأهيل سيعمل على إبراز المهارات المتوفرة لدى الخريجين بالإضافة إلى تطبيق ما اكتسبوه في الجانب النظري خلال مسيرتهم العلمية إلى جانب علمي أكثر فعالية.
وأشار إلى أن الكثير من التخصصات تفقر للجانب العملي؛ بحيث تطبق الجانب النظري في نطاقها العلمي، ويرى بأن التأهيل والتدريب قد يساهم في رفع نسبة الجانب العملي لدى الخريجين.
وأضاف قائلا: بعض الخريجين يتأخرون عن التوظيف لمدة طويلة مما يسبب قلة كفاءتهم في مجال تخصصاتهم، وتضمن لهم برامج التدريب والتأهيل رفع الكفاءة وعدم نسيان المعلومات المهمة في تخصصاتهم.
وأوضح أن التخصصات العلمية والتي يكون فيها سوق العمل مرتبطا ارتباطاً وثيقا بالجانب العلمي؛ يجب أن يكون الخريجون منها حاصلين على تأهيل وتدريب من أجل إعطاء قدرة أكبر في سوق العمل.
معرفة مجال العمل
ويوافقه الرأي محمد بن راشد الجعفري -باحث عن عمل- أن لابد من تأهيل وتدريب الخريجين الجدد وذلك لكي يتعرفوا على العمل بشكل جيد، بالإضافة لزيادة خبرتهم في مجال العمل.
وقال: التأهيل يساعد الخريجين في معرفة مجال عملهم، وتكون لديهم خبرة كافية بالعمل، بالإضافة إلى سهولة اجتيازهم لاختبارات التقدم للوظائف.
وأكد أن قلة تأهيل وتدريب الخريجين سبب في عدم اجتياز الباحثين عن عمل لاختبارات التقدم للوظائف. وأضاف أن الخريجين القدامى يحتاجون إلى التأهيل والتدريب بدلا من إهمالهم عندما يتعثرون في اختبارات التقدم للوظائف، فإن هذا التأهيل يساعدهم على اجتياز الاختبارات والمقابلات القادمة، والإهمال قد يجعل الخريجين ينسون بعض المعلومات والجوانب المهمة في تخصصاتهم، مما يقلل من فرص اجتيازهم في المقابلات والاختبارات.
وأشار إلى أن عاتق التأهيل والتدريب يقع على مؤسسات التعليم بحيث يكون التأهيل داخل وخارج السلطنة، مما يزيد من كفاءة الباحثين عن عمل.
رفع كفاءة الخريجين
أوضح علي بن سعيد الساعدي – كلية التربية سنة خامسة بجامعة السلطان قابوس- أن برامج تدريب وتأهيل الخريجين الجدد يعتبر من أهم الشروط قبل التحاقهم بسوق العمل، لدوره الفعّال والأساسي في الإلمام بالعمل الميداني للوظائف التي يتقدمون لها.
وأشار إلى أن التدريب والتأهيل جزء من عملية التنمية المهنية للتغلب على صعوبات العمل والتحديات الجديدة؛ حيث إن هدف التدريب هو مساعدة الموظفين على اكتساب المعارف والمهارات التي تساعدهم على أداء واجباتهم الوظيفية بكفاءة عالية للمساهمة في تحقيق أهداف المؤسسات التي سيعملون بها.
وأكد أن التأهيل والتدريب يساهم في رفع كفاءة الخريجين الجدد، كما يقدم لهم الخبرات وكيفية التعايش مع بيئة العمل، ويزيدهم خبرة في المجال العملي والصعوبات العمل.
الاستعداد لسوق العمل
وقال حمد بن رامس الوهيبي – كلية العلوم الزراعية والبحرية سنة خامسة جامعة السلطان قابوس:- من وجهة نظري أرى أن برامج تأهيل وتدريب الخريجين الجدد من أهم التدابير التي يجب القيام بها والعمل عليها؛ لما فيها من مصلحة تخدم الخريج الجديد وتساهم في تنمية وازدهار سوق العمل، من خلال إلحاق أشخاص ذوي خبرة معقولة في سوق العمل على عكس الخريج لم يلتحق بأي برامج تأهيلية، الأمر الذي يؤثر سلبا علي سوق العمل بشكل عام وعلى سير العمل بشكل خاص.
وأضاف أن انخراط الخريج في العمل يحتاج إلى فترة ولو كانت وجيزة، والتأهيل يتكفل بهذا المهمة على أقل تقدير، وأشار إلى أن هناك الكثير من الإيجابيات التي تترتب على التأهيل والتدريب للخريجين الجدد منها رفع مستوى الكفاءة للخريج الأمر الذي يؤثر إيجاباً في زيادة كفاءة العمل ونجاحه؛ حيث يؤهل و يجهز الخريج الجديد ليصبح على أتم الاستعداد للانخراط في سوق العمل بصورة ناجحة وصحيحة.
ويرى أن التدريب لابد منه سيؤدي إلى نجاح العمل و الرقي به بصورة رائعة ومرموقة، لتصبح جميع جهات العمل خاصة كانت او حكومية ناجحة وتسير على أفضل ما يمكن.
فرصة التجربة المهنية
ويوافقه الرأي حمد بن سعيد الساعدي – كلية الهندسة سنة خامسة بجامعة السلطان قابوس حيث يعتبر الإعداد المهني قبل التحاق الخريج بالعمل من الوسائل الضرورية والمهمة لمعرفة فكرة الاحتمالات المهنية التي سيتوجه إليها مستقبلا، وكذلك توفر له فرصة التجربة المهنية قبل الالتحاق بالعمل، وكذلك تساعده على اكتساب المهارات الأساسية في العمل، وتوجهه إلى السلوك المناسب لأداء العمل، وتعتبر عملية تدريب وتأهيل الخريج ليكون مستعدا للعمل مستقبلا.