واشنطن – (وكالات): اختتمت قمة القادة الأمريكية -الأفريقية يوم الأربعاء الماضي عقب الإعلان عن تعهدات استثمارية قيمتها 33 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي يسلط الضوء على تحول واشنطن تجاه التركيز على التجارة مع القارة، حسبما قال الخبراء.
وركز هذا الحدث غير المسبوق، الذي شهد تجمع عشرات الزعماء الأفارقة وكبار المديرين التنفيذيين بالولايات المتحدة في العاصمة واشنطن، ركز على مسعى البيت الأبيض إلى تعزيز التجارة لتتفوق على عدد ضخم من التعاملات الأمريكية الأخرى مع القارة في علاقة ترسخت منذ أمد طويل على الأمن والمساعدات.
وشهد يوم الثلاثاء الإعلان عن تعهدات استثمارية بالمليارات من قبل شركات أمريكية عملاقة بما فيها «كوكا كولا» و»جنرال إليكتريك»، ما أبرز هدف القمة المتمثل في تعزيز الفرص التجارية الأمريكية-الأفريقية.
واشتملت استثمارات القطاعين العام والخاص على تعهد من شركة «جنرال إليكتريك» باستثمار ملياري دولار بحلول عام 2018، وقرابة 70 مليون دولار من شركة «آي بي أم» العملاقة لتطوير وتصنيع الحواسيب، و200 مليون دولار من سلسلة فنادق «ماريوت».وصرحت كارولين فريوند، الباحث الزميل في معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن «القمة تهدف إلى وضع أفريقيا على الخريطة وحمل الشركات الأمريكية على التفكير في أفريقيا كسوق وكجزء من الاقتصاد العالمي».ومع انعقاد القمة، دار في أذهان المحللين أسئلة حول ما إذا كانت القمة ستتبعها إجراءات وما إذا كان تركيز البيت الأبيض على التجارة مع أفريقيا سيستمر أم سيخفت.
وصرح لاري هانوير محلل السياسات الدولية البارز بمؤسسة راند ل((شينخوا)) قائلا إن «الأمر الأهم من هذا الحدث هو متابعة تنفيذ ما تم الإعلان عنه والتعهد به خلال القمة، ويبدو أن نتائج القمة تجاوزت ما توقعته الإدارة»، مشددا على أهمية الحفاظ على هذا المستوى العالمي من الالتزام الأمريكي بالتجارة مع أفريقيا.
وشاطره الرأى أمادو سي، الباحث الزميل في مبادرة نمو أفريقيا التابعة لمؤسسة ((بروكينجز)).وقال ل((شينخوا)) إنه من الأهمية بمكان أن تواصل الحكومات الأفريقية تهيئة مناخ ملائم للاستثمار مثل توفير سياسات ولوائح قابلة للتوقع.
وقد بلغت نسبة صادرات السلع الأمريكية إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء 250 في المائة خلال العقد الماضي، وسجلت واردات السلع زيادة نسبتها 53 في المائة مقارنة بالعقد الماضي، حسبما نشر مكتب التمثيل التجاري الأمريكي في موقعه على الإنترنت.
وفيما تبدو أرقام التجارة ككل صغيرة، اقنعت هذه الزيادة الكثير من المحللين بمن فيهم سي بأن التجارة من المحتمل أن تتزايد على نحو أكبر.
ولكنه لم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة الرئيس باراك أوباما ستواصل إعطاء الأولوية للعلاقات الاقتصادية مع أفريقيا أو ما إذا كان التزامها سيخفت أم سيثبت على ما هو عليه، ولم يعرف بعد ما إذا كانت القمة بداية لدائرة الأحداث الجارية حاليا، حسبما قال الخبراء.
كما لم يتضح بعد ما إذا كانت الإدارة القادمة ستواصل إعطاء التجارة مع أفريقيا أولوية كما يفعل أوباما الآن وسط القضايا الأفريقية الأخرى.
وعلاوة على ذلك، فإن تزايد اهتمام الحكومة الأمريكية ليس ضامنا لنجاح القطاع الخاص الأمريكي في أفريقيا، إذ قال النقاد أن الاجتماعات لم تتح سوى مدة ضئيلة للغاية للمناقشات المتعلقة بالحوكمة الجيدة التي من غير المجتمل أن يحدث بدونها تحسن اقتصادي ملحوظ.
ورغم مجموعة الاتفاقات التي أعلن عنها في القمة، إلا أن أوباما أشار إلى أن ثمة حاجة إلى رفع المستويات الحالية للتجارة والاستثمارات الأمريكية.
وفي تصريحات أدلي قال أوباما إنه يأمل في «يشترى الأفارقة المزيد من المنتجات الأمريكية « وفي أن يشترى الأمريكيون «المزيد من المنتجات الأفريقية».فالأرقام تبرز كيفية تفكير العديد من المستثمرين الأمريكيين، إذ تبلغ حصة الولايات المتحدة من التجارة الأفريقية 4 في المائة، لتتخلف كثيرا عن أوروبا ودول بريكس والشرق الأوسط، حسبما أفاد تقرير صدر عن مؤسسة مكنزى البحثية العالمية.
وقد يعنى ذلك فرصة ضائعة حيث تتحول أفريقيا الآن من مقصد للمساعدات إلى فرصة للاستثمارات حيث تجاوز تدفق رؤوس الأموال الخاصة إلى القارة الحوالات والمساعدات خلال الفترة من 2003 إلى 2012، ليصل إلى إجمالي 545 مليار دولار أمريكي، حسبما كشفت مؤسسة مكنزي.
واحتضنت القارة أيضا ثمانية من الاقتصادات ال15 الأسرع نموا في العالم خلال الفترة ما بين عام 2000 والعام الماضي.
وكان معدل عائدات الاستثمارات في أفريقيا عام 2012 أعلى من معظم المناطق النامية فيما عدا آسيا حيث سجلت أفريقيا معدل قدره 13.0 والشرق الأوسط 8.1 وأمريكا اللاتينية 6.5 والأسواق الناشئة 11.0.
وفقط آسيا، التي سجلت 13.7، هي من تجاوزت عائدات أفريقيا من الاستثمارات.
واستفادت القارة من الارتفاع في أسعار السلع حيث انضم المزيد من الأفراد حول العالم إلى الطبقة المتوسطة وأصبح لديهم دخولا أكبر لشراء الأغذية لأسرهم، ولكن غالبية النمو الأفريقي تقوده قطاعات أخرى من بينها البيع بالجملة وتجارة التجزئة والنقل والاتصالات والتصنيع، حسبما ذكرت مؤسسة مكنزى.
وتتحرك الحكومات لإنهاء الصراعات المسلحة وخفض التضخم والحد من الديون الحكومية وخصخصة الشركات المملوكة للحكومة حيث قامت نيجيريا بخصخصة 116 شركة خلال الفترة ما بين عامي 1999 و2006.
ووصفت مكنزى هذه التحركات بأنها خطوات أولى هامة. وذكر محلل السياسات هانوير إن الشركات الأمريكية، التي استغرقت وقتا لفهم الفرص الاقتصادية والسياسية في أفريقيا، ترى فرصا هناك. وأضاف «ثمة فرص واضحة للقيام بأنشطة أعمال في القارة، لكن هناك شركات أمريكية أخرى تشعر بقلق إزاء المخاطر».