اضاءة – ما أشرفه من لقاء..

سالم بن حمدان الحسيني -

يكتمل شرف المثول بين يدي الخالق سبحانه بتهيئ العبد واستعداده للقاء سيده ومولاه مستعدا له خير استعداد.. مقبلا إليه قلبا وقالبا بأن شرفه لذلك في أي وقت شاء.. ما اعظمه من شرف وما اجله من تشريف.. انها للحظات تتدفق خلالها لذة السعادة الروحية تنسكب بردا وسلاما وأمنا واطمئنانا على قلب متعطش يكتنفه الشوق والحنين.. يروي خلالها غليله جراء السباق المحموم وراء حطام الدنيا وملذاتها.

انه لجدير بهذا الانسان الضعيف في الخلق والارادة بعد هذا التكريم أن يقدّر ما أنعم عليه سيده ومولاه منذ بدء خليقته وما احاطه به وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ليدرك أن عليه واجب الخضوع شكرا واعترافا بهذا التكريم الرفيع.. وأي شرف وأي سمو للعبد أن يمرّغ جبهته وناصيته على الصعيد الطاهر ساجدا لله ليزداد شرفا ونورا وبهاء يصطحبه يوم العرض الأكبر (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

جدير أيضا بهذا الإنسان أن يكون في قمة السعادة وهو يتهيأ للقاء خالقه العظيم وبأن بكون في أبهى حلة وفي أتم استعداد.. جدير به أن يترك الدنيا ويتعلق بحب مولاه.. مستغلا تلكم اللحظات الثمينة التي يقفها بين يديه سبحانه بحيث يقطع كل اتصال بغيره لا يشغل قلبه شاغل سواه.. بداية من إغلاق هاتفه وانتهاء بهيئته وحركته وسكونه اجلالا واحتراما للموقف العظيم.. جدير بمن يضرب موعدا للقاء خالقه أن يعطي ذلك حقه المستحق من الاجلال والاحترام فلا يرتدي اللباس الذي يتنافى وقدسية اللقاء كبيجامة النوم أو ارتداء ما يشف أو يصف ما يجب ستره وقد أنعم عليه الخالق العظيم وتفضل عليه بامتلاك اللباس الساتر الحسن (يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ).. مع أن الشخص نفسه تجده في مناسبات ومواطن اخرى في أبهى حلة وأجمل حال.

جدير بالعبد أن يدرك الآداب التي تفسد ذلكم اللقاء والتي حذرنا منها نبينا الكريم عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم فعن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم «انه نهى المصلي أن يقعي في صلاته إقعاء الكلب، وأن ينقر فيها نقر الديك، أو يلتفت فيها التفات الثعلب، أو يقعد فيها قعود القرد. قال الربيع» إقعاء الكلب أن يفرش ذراعيه ولا ينصبهما، وقعود القرد أن يقعد على عقبيه وينصب قدميه. ومن فعل شيئا من هذه الوجوه الأربعة فعليه إعادة الصلاة.. فمن وفقه خالقه أن يقف بين يديه كما يجب وأن يستعد للقائه كما يحب.. فذلك هو الفضل العظيم.