البحث العلمي: 3 ملايين ريال لتمويل 32 بحثًا في الصحة بنظام المنح المفتوحة

تفرغ الباحث كليًّا لبحثه.. أهم التحديات –

حوار- عهود الجيلانية –


كشف الدكتور أحمد بن خليفة الشكيلي، مدير بحوث قطاع الصحة والخدمات بمجلس البحث العلمي، عن الاهتمام الذي يوليه المجلس لبحوث القطاع الصحي في السلطنة من خلال تمويل أكثر من 32 بحثا بقيمة مالية تجاوزت 3 ملايين ريال عماني، كما كشف عن مساعي القطاع لإنشاء كرسي بحثي متعلق بالصحة ودعم برنامج استراتيجي مختص بالأمراض الشائعة في السلطنة والتعاون مع الباحثين لتنفيذ مخرجات ونتائج بحوثهم، مشيرًا إلى وجود تحديات وعقبات تواجه القطاع البحثي في السلطنة اعتبر أن من أبرزها محدودية ثقافة البحث وتفرغ الباحث وقيمة المنشورة العلمية والمراكز البحثية المتخصصة، لكنه أكد أن مجلس البحث العلمي يسعى جاهدا لتذليل الصعاب بتحفيز القدرات البحثية العمانية ونشر ثقافة البحث العلمي في السلطنة، وتشجيع النشر العلمي في الدوريات العلمية المحكمة وزيادة مستوى الإنتاجية والإقبال على إجراء البحوث العلمية، وزيادة أعداد الباحثين الفاعلين.


استلام 71 بحثا صحيا


وقال الشكيلي في حوار مع «عمان» إن تمويل البحوث الصحية بدأ عن طريق برنامج المنح المفتوحة وهو برنامج يعتمد على فكرة الباحث نفسه ويحدد الباحث الميزانية ومتطلبات البحث، ويعد برنامج المنح المفتوحة برنامجا تنافسيا مصمما لدعم المبادرات والأفكار البحثية، وحتى الآن بلغ عدد البحوث المنجرة 7 بحوث أما البحوث الموافق على تمويلها فقد وصلت إلى 32 بحثا، وما زال العمل مستمرا لإكمال 25 بحثا، و9 أبحاث لا تزال قيد الدراسة، في حين وصل إجمالي عدد البحوث التي تم استلامها في القطاع الصحي إلى 71 بحثا.

وعن أبرز البحوث التي مولت وتم الانتهاء منها في القطاع الصحي، أوضح أن من البحوث التي تم الانتهاء منها مخرجاتها جيدة، وذلك عن طريق نشر مقالات علمية محكمة، منها بحث في علم الجينات ومدى انتشار الامراض الجينية في السلطنة وبحث في تشخيص مرض السكري جينيا وبحث تأثير الصمغ العربي على الفشل الكلوي وبحث الامراض الجينية المتعلقة بمرض الثلاسيميا ، وبحث تفصيل حصى الكلية، مضيفا: «في الفترة القادمة نسعى لتحليل المخرجات وبحث امكانية الاستفادة منها تجاريا أو تطويرها إلى منتج مثلا باستدعاء الباحث ومناقشته لتطوير مخرجات البحث».

وبين مدير بحوث قطاع الصحة والخدمات بمجلس البحث العلمي آلية اختيار البحث والتقييم التي تمر بمراحل اولاها تسليم البحث بكل متطلباته بعد موافقة الجهة التي ينتمي اليها الباحث لتكون نقطة تواصل بين المجلس والباحث ثم يحول لثلاثة محكمين من داخل السلطنة وخارجها ليقيموا العمل بناء على عدة معايير موضوعة للبحث ولهم 50% من درجة التقييم والنصف الآخر من التقييم يكون للجنة المشكلة المختصة بالمنح المفتوح و اعضاؤها من خارج مجلس البحث العلمي لينظروا في مدى اهمية وجودة البحث وترسل البحوث المختارة حسب درجات التقييم للجنة الموازنة لتقرر مدى امكانيتها في تمويل البحوث كافة او بعضها حسب الموازنة المتوفرة .

وعن استراتيجية العمل التي وضعت لدعم وتمويل البحوث الصحية، فقد قال : أنشأ مجلس البحث العلمي عام 2005 بمرسوم سلطاني رقم 542005 وفي عام 2006 ، تم البدء في عمل استراتيجية وطنيه للبحوث في السلطنة شملت هذه الاستراتيجية بحوث الصحة، في عام2007 تم الانتهاء من وضع هذه الاستراتيجية وفي عام 2012 تم تحديثها مرة أخرى وتمت المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء الموقر.

وتعرضت استراتيجية بحوث الصحة الى المؤشرات الرئيسية لقطاع الصحة في السلطنة، حيث اشارت الى ان أداء هذا القطاع يعتبر أعلى من تلك التي في الدول ذات الدخل المتوسط وقريبة من الدول ذات الدخل المرتفع، حيث حققت السلطنة مكاسب صحية أساسية عن طريق القضاء على الأمراض الوبائية ووضع الأساس لمجتمع صحي، لكن التغيرات في نمط الحياة في هذا العصر أدت إلى ظهور أمراض جديدة وينبغي على السلطنة معالجتها، على سبيل المثال زيادة نسبة ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، والسمنة المفرطة وأمراض السرطان.

وقال ان الرؤية المستقبلية لاستراتيجية بحوث الصحة هي ان تكون السلطنة مركزا رائدا للسيطرة على الامراض على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وتكون المحور الاقليمي للبحوث المتعلقة بنظم وسياسات الرعاية الصحية والتفوق في الطب الوقائي والرعاية الصحية وسياسات الصحة والأبحاث.

للوصول للهدف المنشود حددت استراتيجية بحوث الصحة 3 اهداف رئيسية يجب التركيز عليها وهي السعة البحثية ، التميز البحثي ونقل المعرفة و اكتساب القيمة، وتم ربط الاستراتيجية بالبرامج المنفذة .

وعن التكلفة المالية للبحوث الصحية فقد أوضح الدكتور الشكيلي : تم صرف حوالي 3 ملايين 424 الفا و227 ريالا منذ بداية دعم البحوث الصحية في برامج المنح المفتوحة حتى الفترة الحالية، اما البرامج الاستراتيجية لبرنامج السلامة على الطرق فقد تم رصد مبلغ يصل إلى أكثر من مليون ريال.


بحوث استراتيجية


وتطرق الشكيلي إلى ايضاح برنامج البحوث الاستراتيجية في قطاع الصحة بقوله : البرنامج الاستراتيجي يكون بأن تتبنى مؤسسة معينة قضية مع وضع تصور للبرنامج البحثي ويمول البحث بعد موافقة هيئة المجلس ويختلف البرنامج عن البرامج الاخرى بكبر ميزانيته تماشيا مع التوجه الاستراتيجي في السلطنة، وحاليا يعمل على برنامج بحثي للسلامة على الطرق ويتوقع الانتهاء منه العام الجاري ليتم البدء في برنامج استراتيجي آخر فهناك خطة لإنشاء بحث استراتيجي ونقوم حاليا بالتعاون مع الجهات المعنية بطرح فكره انشاء برنامج استراتيجي يتعلق بالأمراض الشائعة في السلطنة. وفي طور النقاش مع جامعة السلطان قابوس نسعى لعمل برنامج استراتيجي عن امراض السرطان وما زال النقاش مستمرا.

ويعتبر بحث السلامة على الطرق احد البحوث الموجهة التي ينفذها مجلس البحث العلمي بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية بالحوادث المرورية ، ليسعى إلى تحقيق عدد من الاهداف يأتي على رأسها تشجيع الباحثين من داخل السلطنة وخارجها لتقديم مقترحات بحثية لتقليل مشكلة الحوادث المرورية، اما الهدف الثاني فيتمثل في زيادة السعة البحثية في مجال السلامة على الطرق، والهدف الآخر توفير نتائج البحوث العلمية لمتخذي القرار في الجهات ذات العلاقة للاستفادة منها في اتخاذ التدابير الوقائية والتخطيطية للحد من مشكلة الحوادث المرورية .

أما برنامج الكراسي البحثية الذي يتم من خلاله تأسيس كراس بحثية في الجامعات المحلية المؤهلة ، فيقدم الدعم المالي لتعيين باحثين مميزين على المستوى العالمي لإدارة هذه الكراسي في مجالات تتوافق والخطة البحثية وما زلنا نعمل على ايجاد كرسي بحثي ثالث مع جامعة السلطان قابوس في مجال معين في قطاع الصحة للتعاون، حيث مول المجلس في السابق كرسيين بحثيين في مجال تحلية المياه باستخدام تقنية النانو بجامعة السلطان قابوس، وكرسي وطني لتطبيقات المواد والمعادن بجامعة نزوى .


مكافئات ودعم الخريجين


واشار الشكيلي إلى ان الباحثين في الفترة الماضية يواجهون تحدي البحث عن تمويل وبعد انشاء مجلس البحث العلمي تم التغلب على التحدي المالي، ومن البرامج الاخرى الناجحة لمجلس البحث العلمي برنامج مكافآت الباحثين فقد جاءت فكرته لمنح مكافآت تشجيعية بناءً على مخرجات بحوث الباحثين الممولة من برنامج المنح البحثية المفتوحة كوسيلة للتشجيع على تحقيق التميز البحثي، ولبناء القدرات البحثية الداعمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ويكون بصرف مبالغ مالية بناء على مخرجات البحث مثل في حالة نشره ورقة علمية يكافأ عليها ولو استطاع الباحث، بالإضافة إلى أنه في حالة تخرج طالب دكتوراة او ماجستير فيعطى مكافآت مالية لتوسيع السعة البحثية وكله ينصب في نشر الثقافة البحثية وتحفيزهم.

وأهداف البرنامج هي زيادة مستوى الإنتاجية والإقبال على إجراء البحوث العلمية، زيادة أعداد الباحثين الفاعلين، رفع مستوى جودة إدارة المنح البحثية المفتوح، تحفيز القدرات البحثية العمانية من خلال تخريج طلبة دراسات عليا، وتشجيع النشر العلمي في الدوريات العلمية المحكمة، تشجيع تسجيل ومنح براءات الاختراع، و نشر ثقافة البحث العلمي في السلطنة.

واستطرد الدكتور أحمد الشكيلي قائلا: هناك برنامج لدعم بحوث الخريجين يقدم الدعم المالي للباحثين من طلاب الدراسات العليا ومن الموظفين حاملي الشهادات الجامعية دون الدكتوراة لتشجيع وتعزيز ايجاد باحثين جدد في العديد من التخصصات بما فيها المجال الصحي، حيث استلم المجلس اكثر من 12 مقترحا بحثيا، ويعتبر القطاع الصحي من اكثر القطاعات التي تستقبل بحوث مقارنة بالقطاعات الاخرى ومن المقرر ان يتم تمويل البحث الواحد بـ 5 الاف ريال وسيتم في الفترة القادمة الاعلان عن البحوث الممولة الآن في مرحلة التقييم .

أما برنامج دعم بحوث الطلبة يتم من خلاله دعم البحوث لطلبة المرحلة الجامعية الاولى في الجامعات والكليات داخل السلطنة وذلك لتأهيل جيل من الباحثين لإعداد بحوث في مختلف المجالات العلمية ويتيح البرنامج لكل من لديه الرغبة من الطلاب فرصة المشاركة في تنفيذ مشاريع بحثية ضمن مجالات اهتمامهم داخل مؤسساتهم التعليمية أو بالتعاون مع مؤسسات تعليمية اخرى داخل السلطنة فيتم تمويلهم بـ 2400 ريال لكل بحث وهناك نسبة كبيرة من البحوث التي تم تمويلها تصل إلى 15 بحثا .

ويقدم مجلس البحث العلمي دعما ماليا إلى المؤسسات المختلفة لإقامة المؤتمرات والندوات وحلقات العمل العلمية وذلك بهدف ربط المجتمع البحثي العماني مع أقرانهم محليا ودولياً، بالإضافة إلى نشر ثقافة البحث والوعي ضمن المجتمع بصورة شاملة عن أنشطة البحث العلمي والفرص المتاحة من خلاله، وتسهيلا لتمويل الجهات الحكومية والخاصة فالحد الأقصى لتمويل الحلقات العلمية 5 آلاف ريال والمؤتمرات بحوالي 11 ألف ريال، ويعتبر القطاع الصحي من أكثر القطاعات التي تم تمويلها فحوالي 33% من إجمالي البرامج التي مولها المجلس للقطاع الصحي.


تحديات وعقبات


وأضاف : مجلس البحث العلمي استطاع منذ انشائه القيام بدور كبير في خلق بيئة محفزة للباحثين واستطاع ان يمول عددا من البحوث، وخلال الاربع السنوات نجد ان مخرجات البحث العلمي مرضية مقارنة بالفترة الزمنية التي يحتاجها البحث وهناك توجهات اخرى لتطوير البحث العلمي إلا أن المجال البحثي ما زال يواجه تحديات عدة منها محدودية ثقافة البحث العلمي وضعف الرغبة الشخصية او الدافع لعمل البحث العلمي والسعي وراء الانتاج والبحث بكل القطاعات العلمية و الادبية وخاصة اصحاب الشهادات العليا ، ومجلس البحث العلمي يسعى لنشر ثقافة البحث العلمي في وسائل الاعلام المختلفة وعن طريق تنظيم محاضرات توعيه لزيادة الاهتمام بالبحث العلمي وتنظيم حلقات عمل وفي قطاع الصحة على سبيل المثال تنظيم سنويا عدة حلقات عمل مثل حلقه عمل عن كيفيه كتابة مقترح بحث علمي متميز، يدير هذه الحلقة خبراء متخصصون في هذا المجال، وكذلك هناك حلقة عمل عن الاحصاء الطبي وغيرها من الفعاليات.

ومن التحديات عدم وجود باحث متخصص متفرع للبحث العلمي، فالباحثون اما اكاديميون ومحاضرون ويعملون بقطاع ما و اوقاتهم مستقطعة لجوانب عدة لذا يعتبر تحديا كبيرا، فالباحثون في قطاع الصحة غير متفرغين للبحوث ويتم تخصيص وقت ضئيل جدا للبحوث، فعلى الجهات المعنية تخصيص وقت لعمل البحوث و ايجاد باحثين متفرغين للبحث العلمي، كما أن عدم وجود مراكز بحثية متخصصة فقط في البحوث تعتبر من التحديات ونحاول في هذا الجانب إنشاء مراكز بحثية عن طريق الكراسي البحثية او المنح الاستراتيجية في المستقبل، بالإضافة إلى انه لا توجد قيمة قوية للمنشورة العلمية في بعض الجهات اي لا تربط الترقيات الوظيفية بعدد ونوعية المنشورات العلمية ولا ينظر لأهمية المنشورة فلا يتم تقدير الباحث وجودة مخرجات بحثية و انما يتم النظر في العدد الاجمالي ومن التحديات تحدي تعاون المؤسسات الضعيف في مجال البحث العلمي فمثلا عدم توفير معلومات او المساعدة لبعض الباحثين ويضعوا شروطا تعيق عمل الباحث.